يبدأ الخوف عند الاطفال منذ الشهور الاولى ، ويتضح جليا بعد العام الاول ، نتيجة تعامله مع البيئة المحيطة به بما تحويه من مفاهيم وعادات ومواقف جديدة او غير متوقعة ، واغلب مخاوف الاطفال في السن المبكرة هي الخوف من الظلام والخوف من الوحدة والفراق ، والخوف من الحيوانات .. ***** والخوف مادام في حدوده الطبيعية يعتبر مرحلة مهمة من مراحل نمو الطفل ومظهرا من مظاهر الحفاظ على البقاء ، وقد يستمر الخوف حتى الطفولة المتأخرة مع اختلاف المسببات .. ***** وقد يخطئ الآباء بالاعتقاد بان الحل الامثل للتخلص من هذا الخوف هو بابعاد الطفل عن مسببات الخوف وعدم مواجهتها ، لحرصهم الشديد على اطفالهم ، فيكونون سببا في غرس الخوف في نفوسهم وسببا في عزلتهم وعدم ثقتهم بمن حولهم .. ***** كما يخطئ الآباء في انتهاجهم طرقا تربوية تعزز الخوف السلبي ، كأن يلجأون الى العقاب بالحبس او الابقاء في غرفة مظلمة ، او تهديده برميه في الشارع ، او تخويفه بالحرامي الذي سيأتي ليأخذه من غرفته ، وعندما يسمع الطفل هذا الكلام يرسم صورا كثيرة بخياله الجامح وعندما تتضخم هذه الصور في رأسه ، تصبح مخيفة جدا ، فيسقطها على كل موقف ، وتتهيأ له خيالات سوداوية يرتعب لها ، ويشك بكل من حوله ، وتتحول قوته التي كان يستمدها من اهله ، وامانه الذي كان يستمده من المنزل ، الى خوف وقلق وعدم امان ، ويتحول الظلام الذي يملأ الغرفة قبل النوم الى مسرح للخيالات والافكار ، يتخيل فيه العفاريت والكلاب والشياطين واللصوص ، ويزيد الطين بلة حين يكون من افراد العائلة من يمارس عملية التخويف من الظلام بطريقة المداعبة السمجة او بطريقة سرد القصص الخرافية المفزعة ، وما أن ينام الطفل حتى تظهر في احلامه نتيجة بقائها في اللاوعيه .. ***** دور الآباء هنا مهم ويبتدئ بالحديث الودي الهادئ ، ومناقشة الطفل في اسباب خوفه ، ومحاولة الاصغاء الطويل الى ما يقوله للتخفيف عنه ، ولإشعاره بأن من حوله يعرفون ماهي مخاوفه ، ولزيادة ثقته بنفسه ورفع روحه المعنوية ، ثم يأتي دور التقليل من شأن تلك المخاوف ، ومحاولة تحجيمها ، بإظهار قوة الابوين وقدرتهما على المحافظة عليه وحمايته ، ليستمد من قوتهما قوة ، ومن ثقتهما في انفسهما ثقة ، ويبقى الحديث عن الطرق الناجحة في تخليص الطفل من الخوف من الحشرات والحيوانات ، لنستكمله بعون الله الاسبوع القادم .. وعلى دروب الخير نلتقي ..