كانت مجالس الشيخ عبدالله بن خميس رحمه الله تعالى مجالس أدب وشعر وتاريخ وفكر ومباحث في مجالات وفنون متنوعة وكان من أصدقائه الذين يحضرون هذا المنتدى الأدبي والصالون شبه اليومي الشاعر محمد بن ناصر السياري رحمه الله تعالى، الذي كانت له صداقة طويلة وصحبة عميقة أساسها وركنها الرفقة المنزهة عن كل غرض دنيوي أو معنوي، ولذلك استمرت هذه الصداقة حتى وفاة الشاعر السياري سنة 1400ه رحمه الله، فكان الشيخ ابن خميس يأنس بصديقه المخلص والوفي محمد السياري، كما علمت من بعض الرواة ومن أقرباء الشاعر السياري، ويرتاح إلى أن يسمع من نظمه وانتاجه الشعري، فالسياري يعد من المكثرين الذين وفقوا إلى النظم الجيد، وأشعاره لا تخلو من الحكمة والنصح، وهو راوية حاذق جيد الحديث في المجالس ليس بالممل. قال عنه صديقه الشيخ ابن خميس في ترجمته له بتاريخ اليمامة ج/5 شاعر مبدع وحكيم مدرك ومن أبرز هذه المثل في الندى درته وواسطة عقده يفيض في الحديث، أي حديث فتقول هذا مجال تخصصه ومنتهى علمه يشبعه تحلياً وإفاضة وينقلك في جوق من السرد الممتع والوصف المبدع والنكتة البارعة والمزحة الضاحكة والعبارة المنتقاة والقصة الجميلة فتدرك أنه صاحب الحديث وأحق به وأهله انتهى كلام شيخنا ابن خميس. إنها والله كلمات وجمل وفائية من صديق عرف صديقه حق المعرفة وخبر شمائله ومزاياه وخصاله وعاداته، ولقد كانت هذه الجمل الوفائية بعد وفاة صديق ابن خميس السياري بثمانية سنوات، وحينما ألف ابن خميس كتابه (أهازيج الحرب) وطبع أول مرة سنة 1402ه أي بعد وفاة السياري بسنتين، فلم ينس ابن خميس أن يضع السياري من شعراء العرضة الذين لهم مشاركة في هذا الفن، وأثنى عليه الشيخ ابن خميس ووصفه بما يستحقه من الثناء قائلاً: قضى شهراً في حياته قانصاً ماهراً في جبال طويق ثم قال ابن خميس عبارة مختصرة مفيدة ذات مغزى كبير في الوصف الخالد، قال رحمه الله في صديقه السياري: رجل والرجال قليل ولقد عهدته هكذا وما يوم من الأيام وجدته عابساً أو مقطباً.. انتهى كلام الشيخ ابن خميس. فهذا كلام ابن خميس في أعز أصدقائه، فالشاعر محمد بن ناصر السياري رحمه الله لم يتخل عن صديقه ابن خميس بل أشاد به في قصائد متعددة جسد فيها ما عرفه من صفات وأخلاق عبدالله بن خميس ولم يكن يرجو بذلك أي غرض من هذا المدح الشعري سوى تخليد هذه الصداقة والمحبة والعشرة الطيبة، ها هو ذا السياري يقول في إحدى القصائد ولها مناسبة: ما هو غشيم بأول الوقت واتلاه يفهم تقاليد الزمان ونظامه شيخ الفرايض درس الأيام يقراه لا شك ياخذ بعض الآشيا عزامه عز الله إنا في غيابه فقدناه شيخ المعرفة والكرم والشهامة هو مرجع التاريخ من جاه يلقاه وأن جا وجال المجد جود زمامه محمد السياري وعندما زار الشاعر السياري صديقه الشيخ ابن خميس في إحدى الأماكن التي كان يستقر بها الشيخ ابن خميس فلم يجده السياري وقال قصيدة نقتطف منها هذه الأبيات: جينا وحل الشيخ قفر جنابه وادهشت مما شافت العين محتار وظليت اسجم واقف عند بابه ادير فيه من الروابع والأفكار يا دار وين اهل الوفاء والحبابه اللي على عسر الليالي لهم كار وحلهم ماكن حي وطابه منهم ولا برسومهم غير الأذكار والمجلس اللي كل اديب هوى به ما عاد تلقى به من الناس ديار اعلم اللي غافل ما درا به لا عاد ينصى مجلس الشيخ زوار الشيخ عنه اقفى بعز ومهابه وخلا بقايا الدار لوجيه الاخيار ما كل براق يسيل سحابه ولا كل من عدا المراقيب سبار ولا كل من يطرد ورا الصيد جابه ولا كل من ركب البحر صار بحار كاف كفا شر الزمان وغدابه فراق شمل للمحبين غدار عيني على فرقا الأخلا مصابه تهل صافي دمعها سر واجهار ثم ختم السياري قصيدته بالدعاء لصديقه الشيخ ابن خميس رحمهما الله قائلاً: عساه يعطى في يمينه كتابه في جنة خضرا بها حور وانهار والحي بالدنيا عزيز جنابه هو مرجع التاريخ مارد ومصدار ومن قصائد الشاعر السياري رحمه الله هذه القصيدة التي يذكر فيها مسقط رأسه ضرما رابطاً الحاضر بالماضي حيث أشار إلى شيخ قرقرى المشهور بالكرم الذي يسكن قرب ضرما في البره وهو الجواد يحيى بن طالب الحنفي رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى الذي هرب إلى بلاد فارس بعدما تكالبت عليه الديون جراء كرمه وعطاءه للفقراء والمساكين، وقال قصيدة يحن فيها إلى وادي قرقرى وبلدة البره قرب ضرما فالسياري يحن كما يحن هذا الشيخ يحيى: سلام يا دار نعمنا بربعها دار لها تاريخ في مسحب الوادي غربيها للوشم هذي حدودها وشرقيها ديراب واقمار الأرصادي هاك الرجال اللي عزيز جنابهم ومن جاد جده فاعرف ان الولد جادي كما حبها يحيى بن طالب نحبها واشم ريح ترابها عنبر وكادي والجدير بالذكر أن الذي جمع شعر شاعرنا محمد السياري رحمه الله هو حفيده زميلنا بجريدة المسائية الأخ خالد بن عبدالله بن محمد السياري رحمه الله الذي أصدره عام 1406ه فأبوه شاعر وجده شاعر ووالده هو الشاعر المعروف عبدالله السياري الذي يعد كذلك صديقاً للشيخ ابن خميس ولا يقل جودة عن شعر والده وقد أصدر ديوانه منذ مدة متعه الله بالصحة والعافية. عبدالله السياري