يعيش لبنان على أهبة انتظار حلحلة العقد الإقليمية الكبرى لكي يتسنّى له حلّ مشاكله التي تكبر يوما بعد يوم، ابرزها على الإطلاق الفراغ الحكومي الذي يعاني منه وسط تعثّر تشكل حكومة جديدة، وأزمة النازحين السوريين الذين سيبلغ عددهم في مطلع السنة القادمة زهاء المليون ونصف المليون، الى المشاكل الأمنية المتنقلة بين المناطق وفي المخيمات الفلسطينية. وفي انتظار حلحلة إقليمية للملف اللبناني، ألقى الرئيس نبيه برّي بمبادرته الحوارية بين جميع الأطراف حيث أرسل لجنة لشرحها للأطراف السياسية المختلفة بغية التمهيد لعقد هيئة الحوار الوطني. وعلى الرغم من ترحيب كافة الفرقاء اللبنانيين بهذه المبادرة إلا أنها طرحت علامات استفهام عدة عن سبب توقيتها ومضمونها الذي جاء مباشرة بعد توضيح قام به رئيس الجمهورية ميشال سليمان حول "إعلان بعبدا" الذي صدر عقب جلسة الحوار الوطني بتاريخ 11 يونيو 2012، معتبرا في بيان رسمي أن "الإعلان لم يتضمّن أي نص يتعلّق بالمقاومة وسلاحها، ولم يتطرق الى مسألة الاستفادة من قدرات المقاومة ووضعها بتصرف الدولة اللبنانية". وكان البيان نوعا من الرد غير المباشر على بري الذي أشار في معرض كلامه عن الحكومة العتيدة وبيانها الوزاري الى أن "عصب هذا البيان وجوهره يتأرجح بين "معادلة الجيش والشعب والمقاومة" و"إعلان بعبدا"، والبت بهذا الخيار يتعلق بصميم الإستراتيجية الدفاعية ولذا اقترحت البحث في الأمر على طاولة الحوار". وسط هذا الجدال تبقى ثابتة لدى قوى 14 آذار وهي رفضها أي حوار مع "حزب الله" ما لم يسحب قواته من سورية بشكل تام وواضح وصريح، كما تقول أوساط "تيار المستقبل". في هذا الوقت، قال دبلوماسي أوروبي رفيع ل"الرياض" ان: "الاتحاد الأوروبي يدعم قيام حكومة في لبنان بأسرع وقت ممكن كما يشجع اللبنانيين جميعا على العودة الى سياسة النأي بالنفس التي كرسها إعلان بعبدا". وتخوف الدبلوماسي الأوروبي الرفيع من أن ينقل العدد الضخم للنازحين السوريين الأزمة السورية الى لبنان، لأن هؤلاء النازحين مسيّسون من أجل قضيتهم من هنا مخاطر التأثير على لبنان الذي يترتب عليه أن يقوي مؤسساته ويحصنها، وهنا نشير الى الحكومة ومجلس النواب، كذلك على لبنان أن يقوّي المؤسسات المعنية بالنازحين السوريين والفلسطينيين، ولا ننسى ضرورة تقوية الهيكلية الأمنية وخصوصا الجيش اللبناني، وبرأينا ان تقوية المؤسسات هي سر عدم نقل المعركة السورية الى لبنان".