جاء قرار اعتزال المهاجم سعد الحارثي الملاعب الكروية هذا الموسم، كعنوان بارز لمشهد المواسم الأخيرة، التي قضاها اللاعب من عمره الكروي القصير، الذي لم يتجاوز العقد الواحد، بعد أن تراجعت نجوميته، وتاهت موهبته، إثر الإصابة الشهيرة التي تعرض لها ب(الرباط المتصالب) في العام 2008م، إبان تواجده بالقميص النصراوي، فكانت هذه الإصابة نقطة تحول سلبية في مسيرة المهاجم الموهوب، حتى بعد تماثله للشفاء، فبدأت مستوياته بعدها بالتراجع الكبير، ولم يقنع المدربين الذين تولوا زمام المهام الفنية في النصر بعد أن فقد خطورته وخبأ فتيل توهجه، وكان مخزونه اللياقي لايسعفه كثيرا على إكمال المباريات، بل غابت عملياً جمالية أهدافه، وخصوصاً الرأسية منها التي كان يمارسها بإتقان، وتعثرت اختراقاته لدفاعات الخصوم، فكان دوما خارج قائمة المنتخب السعودي بعد عودته من الإصابة، رغم تألقه السابق مع زملائه وخصوصا في كأس آسيا 2007م، وقبلها في تصفيات مونديال 2006م، ومع انتهاء عقد الحارثي منتصف العام 2011م، لم تكن الإدارة النصراوية تتحمس كثيرا لتجديد العقد، وظهر الاختلاف واضحاً بين الإدارة والنجم الجماهيري، فكان الحارثي أمام مفترق طرق، إما التجديد بشروط الإدارة، أو خلع القميص النصراوي، بحثا عن فرصة جديدة لاستعادة مستوياته السابقة، رغم انه حظي بقاعدة جماهيرية خاصة في المدرج النصراوي، وكثيرا ما تغنت الجماهير بأهدافه الحاسمة، بعد أن وضعته نجوميته السابقة بامتياز إلى جوار النجوم الكبار السابقين، أمثال ماجد، محيسن والهريفي وبات الرقم الصعب في النصر في العقد الكروي الماضي. لم تدم حيرة الحارثي كثيرا فحزم حقائبه متجهاً للهلال المنافس التقليدي لفريقه السابق النصر مع نهاية العام 2011م، في خطوة مدوية مفاجئة، إلا أنها كانت في نظر المحايدين تجربة احترافية جديدة لاغير، مماثلة للكثير من النجوم، في كثير من الأندية المحلية والعالمية، تماشياً مع عصر الاحتراف، والبحث عن الفرص والعروض الأفضل. قرار الحارثي كان صادماً لبعض جماهير النصر، فيما أن البعض الآخر لم يعد يعول كثيراً على قدرات المهاجم، بعد أن ظل حبيساً لدكة البدلاء، أو خارج القائمة في مواسمه النصراوية الأخيرة. في المقابل كان البعض من الجماهير الهلالية لا يحبذ حضور الحارثي، فيما يرى البعض الآخر أن اللاعب سيعود لسابق عهده مع النجومية، وهو مالم يحدث بعد ذلك، إذ لم يتمكن الحارثي من فرض اسمه كعنصر أساسي في الصفوف الزرقاء، رغم تعدد المدربين الذين اشرفوا على الجهاز الفني الهلالي، حتى جاء قرار الجهاز الفني الحالي بالاستغناء عن خدماته، في قرار متوقع تبعه قرار اللاعب الشخصي سريعا وهو الاعتزال الباكر لميادين الكرة. فأضحى اعتزال الحارثي الباكر رغم انه اللاعب الخلوق والمهذب داخل الملعب وخارجه، رسالة احترافية لزملائه في جميع الأندية، بتطوير مستوياتهم، والاشتغال كثيراً على موهبتهم، في عصر احتراف الكرة، وتحولها لمهنة رسمية، وعدم الاتكاء على نجومية سابقة، أو جماهيرية داعمة، إذ سيختفي كل ذلك يوما ما، عندما لا يقنع النجم نفسه بقدراته الفنية، قبل مدربه وحتى جماهيره، ومن المؤمل أن يكون سعد الحارثي ذات يوم مدرباً أو محللاً فنياً أو مديراً للكرة، نظير تأهيله الرياضي الأكاديمي، ونجوميته السابقة في ملاعب الكرة رغم قصرها الزمني.