لم يعد عالم التجارة مقتصرا على الرجال فقط، أو أنه محصور في أماكن محددة تمارس فيها "التاجرة" مهنتها التسويقية , بل أصبحت عدد من السيدات وربات المنازل قادرات على مزاولة أنشطتهن التجارية من المنزل دون البحث عن مراكز أو مؤسسات لدعمهن من خلال توفير المكان التي عادة ما تتضمن مصاريف إيجارات ترهقهن ماديا. وتفضل العديد من النساء ممارسة مهنة التجارة حتى لو كان ذلك عن طريق حسابها الخاص في بداية مشوارها إلى أن تتمكن من أن تقف على قدميها بشكل تدريجي، خصوصا وأن الظروف التي تحيط بطبيعة التجارة باتت أكثر مرونة مما فتح المجال لمشاركة النساء اللواتي لا تسمح لهن طبيعة حياتهن التواجد خارج المنزل. "أم صقر المشاري" إحدى السيدات الحائليات اللواتي استطعن بمهارتهن التجارية وعلاقتهن الاجتماعية أن يسوقن لبضاعتهن عن طريق استقطاب زبائنهن من السيدات والفتيات المجاورات لمنازلهن، فأخذت أم صقر تتوسع شيئا فشيئا حتى نالت سمعة تجارية واسعة، وعُرفت بذلك النشاط حتى بات منزلها وجهة للعديد من الباحثات عن المستلزمات النسائية والمنزلية، فهي ليست الوحيدة في المجتمع التي اقتحمت مجال التجارة المنزلية، سعيا للحصول على مصدر دخل يساعد أسرهن على تكاليف السلع المرتفعة. ومن أبرز السلع التي تجد مساحة كافية في التجارة المنزلية هي العطورات بنوعيها الشرقي والغربي، إلى جانب الأدوات المنزلية كمستلزمات الطبخ، وكذلك احتياجات الأطفال والفتيات بمختلف الأنواع، علاوة على بيع الأجهزة الإلكترونية كالهواتف المحمولة والحواسيب. "الرياض" التقت مع عدد من سيدات حائل وممن توسعن في عالم التسويق للمنتجات والسلع النسائية والمنزلية للتعرف على مدى ما تسعى إليه المرأة من خلال توسعها التجاري، إلى جانب استقصاء أثر تلك الخطوة على الجانب الاقتصادي، ومحاولة معرفة أسرار تلك المهنة. هواية تحولت إلى تجارة قالت البائعة "موضي المشهور" إنها تمارس مهنة الطبخ من منزلها، ولاقت استحسان العديد من الزبائن، وتحديدا الموظفات، مشيرة إلى أن الطلبات على الطهي المنزلي منتشرة بشكل واسع، وأخذت في التطور إلى حد عمل ولائم منزلية بأسعار أقل تكلفة وبطهي أفضل جودة من المطاعم. وأضافت: بدأت أمارس مهنتي منذ أربع سنوات واستطعت أن أحظى بتقدير زبائني الذين اعتادوا على طبخي, وأنا أزاول مهنة الطهي منذ صغري وقبل زواجي، وتحديدا في المأكولات الشعبية، وعندما تزوجت كنت لا أزال أحافظ على هذه الميزة التي شجعتني على أن أطورها، وقررت الاتجاه إلى التجارة المنزلية بعد زواج الأولاد، وتفرغت لها بشكل تام. وتابعت موضي: "ابتدأت مهنة تجارة الطهي من المنزل وفق إمكاناتي البسيطة عن طريق عمل وجبات رئيسية وتحضيرها ثم بيعها على زبائننا في البيوت السكنية المجاورة لنا، وبعدها أخذت بالتوسع تدريجيا حتى أصبحت أطهو الولائم الكبيرة التي ازداد الطلب عليها، ولا أخفيكم أنها كانت هواية وتحولت الآن إلى تجارة من خلال كثرة الطلبات والتي يفضلها الكثير على المطاعم. منافسة لأسعار السوق "أم مصعب" متزوجة ولديها أربعة أبناء، تقول: "لم يحالفني الحظ في الحصول على وظيفة لأساعد زوجي في متطلبات معيشتنا فلجأت بعد الله إلى محاولة الدخول في عالم التجارة والتسويق من منزلي, وقمت بالتسوق من خارج المنطقة على حسابي الخاص وتوفير كل ما أستطيع توفيره من مستلزمات نسائية واحتياجات الأطفال. وأشارت إلى أن البداية شهدت إقبالا متواضعا ومحدودا من بعض صديقاتها وقريباتها إلا أنه وفي الفترة الأخيرة بدأ نشاطها يتوسع، وتمكنت من جذب الكثير من النساء، وقالت: "قمت بتخصيص ركن خاص في منزلي لعرض القطع والمستلزمات التي أقوم ببيعها, فأنا أبيع القطع النادرة والتي غالبا تفضلها بعض النساء ولا توجد في نفس البلد تقريبا، والبعض منهن لا تستطيع السفر لغرض التسوق, وعادة ما تكون الأسعار منافسة للسوق". نجاح التسويق أما "جميلة الهوشان" فقد تخصصت في تسويق الأواني المنزلية، وتقول: "ولله الحمد نجحت في مزاولة العمل المنزلي الذي ابتدأ بمساعدة زوجي لي وإقراضي مبلغا من المال للتجارة فيه, وكثيرا ما أقوم بإحضار المرغوب من منتجات منزلية وأوان، وبدأت بالتوسع في التحف والإكسسوارات, والآن أصبح لدي خبرة في عالم التسويق والبيع والتجارة, وأطمح لأن أكون سيدة من سيدات الأعمال في المجتمع مستقبلا". أسعار مناسبة وكشفت "الجوهرة الزقدي" عن أنها اقتحمت عالم التسويق من المنزل، وقامت بترويج سلعها لصديقاتها وزبائنها, وتقول: "بدأت مشروعي التجاري من المنزل ولازلت أمارسه حيث أنني متفرغة تماما للبيع والشراء، ولدي مجموعة من الأجهزة الإلكترونية واكسسواراتها وأقوم ببيعها بأسعار مناسبة لزبائني، حتى أنهن أصبحن يحرصن على التعامل معي. وتابعت الزقدي: "يجب أن يكسب الزبون الثقة فيك كبائع إذا كنت تريد النجاح في التجارة, فهذه الخطوة لها أساسياتها في التعامل مع العملاء، والتجارة المنزلية أصبحت متداولة الآن في المجتمع ولا نستنكرها فثقافة العيب بدأت تتلاشى من خلال ممارسة بعض الأنشطة التجارية التي لم تعد تقتصر على الرجال, ونحن كبائعات نطمح لأن تتوسع أعمالنا في مجال المبيعات. طموح للتوسع وأوضحت "علياء الصواب" أنها موظفة وتعول تسعة أشخاص، وذلك دفعها للبحث عن عمل آخر تمارسه خلال تواجدها في المنزل، وقالت: "توجهت إلى بيع العطورات التي أصنعها في بيتي، والتسويق لها ساعدني كثيرا في الرفع من مستوى دخل الأسرة، وأنا كغيري من التاجرات قررت البدء من البيت كخطوة أولى، ثم أتوسع قليلا بالانتقال إلى محل مخصص للبيع بدلا من عرض المنتجات في الغرفة التي خصصتها للبيع في منزلي، فحاليا لا أمتلك المال الذي يجعلني قادرة على أن احظى بمتجر خاص كحال سيدات الأعمال، لكنني أعمل جاهدا للوصول إلى ذلك في مستقبل الأيام. تنمية الاقتصاد كان للأخصائية الاجتماعية خيرية الزبن مسؤولة هيئة حقوق الإنسان بحائل رأي حول التسويق من المنزل وأثره على الاقتصاد ودور المرأة فيه، حيث أشارت إلى أن الحاجز الذي يرى بأن الرجل وحده من يستطيع القيام بمهنة التجارة والتسويق دون المرأة اندثر، واستطعن النساء العمل بشتى المجالات وفق الشريعة الإسلامية. والتسويق من المنزل غالبا ما يبتدئ بهواية لربة المنزل أو لسد الحاجة في الأمور المعيشية وينتهي بالتجارة, وعندما تكون السلع والمعروضات لا تلحق ضررا بالمشتري والزبون فهذه تجارة حرة تستطيع النساء ممارستها دون حرج. الأزياء والمستلزمات النسائية تحضران بقوة في التجارة المنزلية الأواني المنزلية تجد إقبالا كبيرا من قبل الزبائن