في ظل تزايد حجم التعاملات التجارية الالكترونية، وارتفاع عدد مستخدمي الإنترنت في المملكة، اتجهت مئات السيدات الى إنشاء متاجر إلكترونية في أشهر المنتديات والمواقع النسائية البعض منهن من أعتمدن على موهبتهن في إنتاج بضائعهن، والبعض الآخر استطعن الحصول على وكالات حصرية لأكبر وأشهر الشركات العالمية والخليجية لتستورد منها بعض المنتجات النسائية أو الخاصة بالمنزل والأطفال. وبالرغم من وجود الكثير من المعوقات والصعوبات لهذه التجارة إلا إنهن أتقن تطبيقها ونجاحها حتى أصبحت التجارة الإلكترونية بوابة مربحة للاستثمار عند الكثير منهن. "الرياض" أجرت عدة لقاءات مع عدد من التاجرات اللواتي أجمعن في هذا التحقيق على عدد من المطالب للجهات المختصة أهمها الاعتراف بتجارتهن رسميا وحماية حقوقهن الفكرية والمادية. تواصل مع الصين في البداية تحدثت التاجرة لينا عبدالحكيم -28 سنة - إحدى الفتيات الاوائل في مجال التجارة الإلكترونية، وهي من محافظة العلا عن تجربتها قائلة: بدأت تجارتي في الانترنت قبل أربع سنوات بعد أن وجدت الدعم المادي والمعنوي من أسرتي وزوجي، وقررت أن أخصص مجال تجارتي في بيع مستلزمات الحاسب الآلي الخاصة بالنساء، وبفضل الله استطعت التواصل مع عدد من الشركات الصينية التي لها مواقع على الانترنت وبدأت بشراء بضاعتي عن طريقهم ثم عرضتها في أشهرالمواقع النسائية ولله الحمد كان الاقبال كبيراً جدا لاسيما على الفلاشات الغريبة والشنط وستكرات وغيرها من المستلزمات الأخرى الخاصة بأجهزة الحاسوب، ومع مرور الوقت استطعت تكوين ماركة خاصة بي أسميتها "روز شادو" والآن كل بضاعتي مطبوع عليها شعاري كما أني قمت مؤخرا بعمل فلاشات دعائية على حسب الطلب من العملاء سواء أفرادا أو مؤسسات مثل باب رزق جميل أو صحيفة المدينة وحاليا هناك أتفاق مع جامعة الملك فهد للبترول والمعادن. وتضيف لينا قائلة تصل أرباحي الى 40%من رأس المال والسبب هو أنني أحاول أن أجعل أسعاري في متناول الجميع. البطالة قادت الى التجارة أما الشابة نوف علي 26 سنة والتي لها قاعدة تجارية انترنتية كبيرة فتقول: بدأت تجارتي قبل ثلاث سنوات فبعد أن تخرجت في الكلية مللت من انتظار الوظيفة وقررت اقتحام التجارة الإلكترونية هربا من البطالة، وبحثا عن تحقيق الذات حيث كنت أمضي ساعات طويلة أتصفح الانترنت بدون هدف أو فائدة، وحرصت في بداية تجارتي على عدم الاعتماد على نوعية بضاعة محددة بل سعيت الى تلبية حاجة السوق من داخل وخارج المملكة ببضائع جديدة اجلبها عن طريق وسطاء أو التسوق من الانترنت وقد استطعت مؤخرا ان أكون وكيلة حصرية لمؤسسة تجارية بحرينية. وتوضح نوف بان الربح المادي في التجارة الإلكترونية متوفر ويصل الى حد ضعف رأس المال في بعض المواسم حيث تتراوح صافي أرباحي شهريا من ثمانية آلاف الى عشرة آلاف. وتؤكد نوف على أن تجارتها وأرباحها تسير في الطريق الصحيح وهذا ما دفعها لفكرة افتتاح مركز نسائي تبيع فيه تلك البضاعة فهي كما تقول تمتلك الخبرة والطموح ولكنها وجدت رفض الجهات التمويلية التي لجأت إليها للبحث عن قروض ليبقى حلمها بفتح مؤسسة نسائية باسمها صعب المنال. وتذكر نوف بان من أهم أسباب نجاحها في تجارتها هو وقوف والدها بجانبها كما كان لأمها تشجيع من نوع آخر حيث خصصت لها أماكن لتخزين بضاعتها بالمنزل. في حين بدأت أفنان تجارتها وهي لاتزال طالبة جامعية تقول: بدأت تجارتي وعمري 19 سنة وكان ذلك بتشجيع كبير من أهلي حيث كانت لي بداية مسبقة من خلال بيعي في بعض البازارات الا اني قررت الاتجاه الى الانترنت قبل ثلاث سنوات حيث قمت ببيع حقائب تقليد ماركة استوردتها من دول شرق آسيا، وقد وجدت إقبالاً كبيراً من النساء لأن الكثير منهن تتمنى ان تقتني حقيبة ماركة كبعض الفنانات، ولكن لان أسعارها مرتفعة وتصل في اغلب الأحيان الى خمسة آلاف فإنهن يتجهن الى شراء حقائبي فهي تتمتع بنفس الجودة ولكن بأسعار اقل، وكانت أكثر الحقائب طلبا مني حقيبة تقليد ماركة لحقيبة الفنانة أحلام والفنانة ميسا مغربي وحقيبة هيرمس التي تصل الى ثلاثين ألف والحمد الله لقد أصبحت لي قاعدة كبيرة من العميلات سواء من السعودية أو الكويت والإمارات وراتب شهري يصل في اغلب الأحيان الى 3000 ريال. موهبة في تصنيع العطور وتمتلك الشابة جواهر الناصر 23 سنة موهبة في تصنيع البخور والعطور حيث تقول: بحكم استخدامي اليومي للانترنت واطلاعي على المنتديات الخاصة في مجال تسويق بضائع النساء راودتني فكرة دخولي هذا المجال وحين صارحت والدي وافقني وقدم لي الدعم المعنوي والمادي حيث وفر لي البضاعة التي بدأت بها مشواري، في البداية كنت خائفة ولكن بعد ان وجدت الاقبال الكبير ذهب عني هاجس الخوف حتى استطعت شراء بضاعة خاصة بي بقيمة مائة وأربعين إلف ريال. والآن دخلت السنة الخامسة وأنا في هذا المجال.. وكنت قد اعتمدت في بداياتي على تحضير العود والبخور، أما الآن دخلت في مجال تصنيع بعض العطور الشرقية وخلطات خاصة أقوم بعملها حسب طلب الزبونة، كما اتجهت مؤخرا الى جلب بضائع نسائية مختلفة من الصين وأمريكا لتوسع في تجارتي وقد رفضت الكثير من الوظائف بعد تخرجي فالأرباح التي تحققها تجارتي تفوق رواتب تلك الوظائف. الصدق والامانة وتذكر السيدة هند المطلق 33 سنة بان أهم أسباب اتجاهها لتلك التجارة هو قضاء وقت الفراغ وتحريك الذهن واليد بما هو مفيد فقد بدأت بعمل القريقعان ثم بعد الاقبال اتجهت الى تصميم وإعداد الهدايا والتوزيعات للمناسبات النسائية من حفلات المواليد والزواجات وأوضحت هند بان أهم ما يجب ان تحرص عليه التاجرة الإلكترونية هو الصدق وعدم الغش والالتزام بالمواعيد، فهناك إقبال كبير من السيدات على تجارتنا ولكن هناك من شوهها من التاجرات ضعيفات النفوس فأساس عملنا يقوم على الثقة والمصداقية سجل تجاري من جانب آخر اجمعن التاجرات على وجود بعض الصعوبات التي تعترض تجارتهن منها عدم السماح لهن بإصدار سجل تجاري خاص بالعمل من المنزل يسهل لهن مهمة الاستيراد حيث ان الكثير منهن تضطر الى دفع عمولات لبعض الشركات والمؤسسات لكي تستورد باسم سجلها التجاري، ولاتوجد طريقة واضحة لحماية حقوقهن كذلك تأخر بعض العميلات في إرسال قيمة المشتريات ومحاولة البعض الآخر التملص من السداد كما ان هناك بعض المعوقات اهمها تشابه نوعية البضائع ومحاولة بعض التاجرات بخس بضاعة الأخريات وارتفاع اسعار شركات الشحن فيما ذكرن بأن احد عيوب التجارة الإلكترونية هي أنها تأخذ الوقت الكبير من التاجرة بالإضافة الى بعض الاتصالات المزعجة وطالبت التاجرات بضرورة تنظيم دورات تدريبية وإدخال تخصص التجارة الكترونية في الجامعات وسرعة الاعتراف وتنظيم تجارتهن رسميا. العمل الحر من جانب آخر أشارت سيدة الإعمال د. عائشة نتو عضو مجلس ادارة الغرفة التجارية الصناعية بجدة ورئيس مجلس إدراه شركة العين للبصريات الى ان التجارة الالكترونية هي نوع من ممارسة العمل الحر وهي ليست حكرا على النساء بل يستطيع الرجل ان يضيف دخلا آخر إضافيا له في بلادنا أو في العالم. ولكنها تناسب عمل المرأة من البيت لمن يرغب العمل من البيت لكن هناك أمورا منها قانونية ومنه تسويقية. أولا: القانونية يجب ان تقنن تلك المواقع وترخص من الإعلام وقد بشرنا مؤخرا بذلك د.عبدالعزيز خوجة بأنها سترخص وبذلك يكون دليل رسمي لتلك التجارة ومعلومات الإلكترونية يصل إليهم الباحث والتاجر والمستهلك. وثانياً: على المستخدم للتجارة الكترونية ان يزود نفسه بالمعرفة والتقنية والخدمة للزبون حتى يحصل على ميزة للمستهلك. التجارة الاليكترونية وأوضح المهندس محي الدين حكمي مدير عام قطاع التقنية والمعلومات بالغرفة التجارية الصناعية بجدة بأنه خلال الفترات السابقة كان الاعتماد الكلي على التجارة التقليدية ولكن التغيرات التي طرأت من خلال المنظمات الدولية والتكتلات التجارية فرضت دافعا جديدا على المنشآت والشركات وهو البحث عن مصادر أو منافذ جديدة لممارسة النشاط التجاري من هنا ظهرت أهمية التجارة الالكترونية والتي يمكن تعريفها بأنها وسيلة تتيح التبادل التجاري الكترونياً عبر الحدود المختلفة دون الحاجة إلى وجود مكان أو موقع فعلي.من هذا المنطلق أصبحت ممارسة التجارة الالكترونية وسيلة رائدة أتاحت الفرصة لممارسة النشاط وخصوصاً أنها تخلو من التعقيدات والإجراءات الطويلة ولا تحتاج إلى التواجد المستمر أو التكلفة العالية لإنشاء مكان وتوفير عمالة، وبالتالي هناك ما يقارب 3.5 ملايين مستخدم للتجارة الالكترونية حسب ما قامت به مجموعة المرشدين العرب لمستخدمي الانترنت في السعودية، كما أوردت أيضاً جريدة المدينة بعدد 8 فبراير لعام 2010م أن هناك توقعات بنمو معدل معاملات التجارة الالكترونية إلى نسبة 15% خلال العام الجاري. كل هذه المؤشرات بالإضافة إلى واقع المرأة في المملكة ورغبتها في ممارسة التجارة مع المحافظة على العادات والتقاليد دفع العديد من السيدات لممارسة البيع والشراء الكترونياً من خلال الانترنت وخصوصاً أن نسبة السيدات إلى سكان المملكة يمثل 50% وهناك ما يقارب عدد62782 منشأة مسجلة تجارياً فقط وبنظرة بسيطة لحجم التعاملات التجارية الالكترونية السابق ذكرها، نجد أن الغالبية من السيدات اتجهن للانترنت في ممارسة النشاط فمثلاً نجد أن بغرفة جدة أكثر من 3000 عضوية لسيدات الأعمال يمارسن النشاط التجاري لكن العدد يفوق بأضعاف كثيرة سيدات الأعمال اللاتي يمارسن النشاط ولكن من خلال الانترنت وهذه الأعداد تزداد سنوياً مع انتشار استخدام الانترنت في المملكة ومع توفر مواقع التجارة الالكترونية بيسر وسهولة. وحيث أن التجارة الالكترونية تعتمد على تعاقدات بمستندات الكترونية والتي قد تسبب وجود العديد من الاختلافات التي قد تنشأ بين البائع والمشتري نتيجة لأسباب كثيرة فبالتالي لا بد من وجود قانون واطر تشريعية متخصصة في هذا المجال، ورغم أن المملكة من أوائل الدول التي خطت خطوات واسعة في سن هذه القوانين والنشر لتنظيم هذه العمل الالكتروني إلا أننا نحتاج أيضا إلى خطوات أوسع في عدة مجالات أخرى منها: مجال التعليم وإدخال المعرفة التقنية ضمن التخصصات التشريعية وذلك للمساعدة في إصدار الأحكام بناءً على معرفة ودراية في مجال القوانين والتشريعات التي تغطي جميع جوانب التعاملات الالكترونية وكذلك تطوير وإنشاء المحاكم المتخصصة في هذا المجال.