الراوية والشاعر محمد بن مشعي آل صالح الدوسري رحمه الله من أوائل الذين نشروا في ميدان الأدب الشعبي فقد أصدر مجموعة من المؤلفات الشعبية قبل خمسين سنة وهي : * ديوان زهرة الوجود إهداء للملك سعود وهو يحتوي على حربيات وقصائد وهو أول إصدار يقدمه للمكتبة الشعبية السعودية وصدر عام 1380ه بمطابع الخبر وعدد صفحاته (71) صفحة. * الكنوز الشعبية والرموز العربية وهو جزءان وهو ما سنتحدث عنه صدر عام 1381ه بالقاهرة . * حماسة وطنية صدر عام 1387ه وطبعه بالرياض ويحتوي على قصائد منوعة في أغراض الشعر. ولد الراوية محمد بن مشعي الدوسري سنة 1315ه بوادي الدواسر وقرأ القرآن وعمره ثماني سنوات ثم انتقل مع والده إلى بلدة رانية وعاش بها طفولته وصباه ثم تنقل في أنحاء المملكة في فترة شبابه ,وعاصر ما قبل توحيد المملكة وما قبل اكتشاف النفط، فهو شخصية مخضرمة,زاول التجارة منذ وقت مبكر وشاهد والتقى الكثير من الشخصيات وجالس الكثير من الشعراء والرواة والإخباريين والقصاص في مختلف المناطق والبلدان في الجزيرة العربية والخليج وحفظ منهم وأخذ عنهم من التراث الشعبي الشيء الكثير. تنقلات الراوية محمد بن مشعي الدوسري رحمه الله أثمرت لنا هذا الكتاب الجميل والممتع الكنوز الشعبية ففي رحلته الي كل بلدة يأتي بتعريف عنها وشعرائها. هناك بعض من القصائد لبعض الشعراء كان لراويتنا الدوسري قصب السبق والريادة في نشرها ولعل السبب في عدم شهرة كتابه الكنوز الشعبية بين القراء عامة أن الكتاب طبع لأول مرة وبكميات محدودة ولم يطبع بعدها وقد مضى على طباعته (53) سنة وهو كتاب جدير بأن يعاد نشره مرة اخرى مع الاهتمام بطباعته لأن الطبعة الأولى فيها أخطاء مطبعية كثيرة ولا يوجد بها فهارس الشعراء ولا مطالع للقصائد. يقول محمد بن مشعي عن كتابه ( ولا أكون مبالغاً عندما أقول إن هذا الكتاب حوى نفائس القصائد والأناشيد الحماسية والتاريخية لرجال من شعراء الجزيرة العربية الذين لهم أقوال وأفعال وكل من الشعراء يوجد اسمه ونسبه وبلاده ). وشمل الكتاب بجزءيه أغراض الشعر غزلية ومدحا و رثاء وحماسا. وقد ساير الدوسري بدايات التعليم النظامي فنظم أناشيد للأطفال والناشئة .ووصف رحلاته في قصائد بالتفصيل فهو يستطيع أن يتكلم بالشعر في كل وقت وفي كل حين، وشعره لا يخلو من حكم وأمثال وتجارب وعظات ونصائح، ومما يستدرك على الدكتور سعد الصويان أنه لم يورد هذا المرجع في كتابه فهرسة الشعر النبطي مع أنه مرجع ومصدر مهم ففيه أشعار لا توجد إلا عند الدوسري. ولما عزم الراوية الدوسري على طباعة كتابه الكنوز الشعبية نظم هذه الخواطر وهي مربوعة الأبيات يقول: سنة واحد وثمانين على الكنوز الشعبية سافرنا نهار السبت من مواكر حرار طويق جينا مصر بالسلامه استعنا بالمعين نطبعها طبعة مصرية طيارة كونفير ركبت الحكومه والرفيق وسجلنا فيها الإقامة والشاعر محمد بن مشعي كثيراً ما ينظم على هذا الطرق الذي ذكرناه وهو النقازي في الشعر الشعبي لسهولته وسلاسته لدى الشاعر ويقابله في الشعر العربي الرجز فإن لإبن مشعي عفا الله عنه حربيات جيدة وحماسية ومنها هذه الحربية : يا الله من هو رقيب وياسميع وبصير من مدلهم في مقاديمه سحاب غزير سيله مع وادي حنيفه حادر له زفير سلام يامن هو حضر وخص به كل أمير وامدح هل العوجا نهار الهوش مدح كثير تسقي بلاد أملحت والرب خلاقها حنت رعوده وامطرت مع نوضى براقها مدتك ياللي معتني بالخلق رزاقها واللي حضرها من هل الديرة وعشاقها اهل السيوف اللي حضر منهم وتفاقها ولندع راويتنا الرحالة محمد الدوسري رحمه الله يحدثنا عن رحلاته في المملكة وهو فتى صغير وما استفاده من هذه الرحلات يتحدث قائلاً.. عرفتني بفحول الذين واجب علي ذكرهم الجميل مع أن أكثرهم قد مضى إلى رحمة الله كانت الرحلات على الركائب والرواحل قبل السيارات والطيارات وقبل الفنادق والأوتيلات كانت فنادق الناس بيوتهم للضيوف وخصوصاً المدن والقرى التي لم يستول عليها الاستعمار ذاك الوقت وكان الرجل ما يمتاز إلا بالكرم والشجاعة في الضيافة والجيرة فمن كثرة أسفاري وتعرفي بالرجال تعرفوا بي ولنا وعلينا مواجيب وعلى كل حال إن الرجل الذي يتعاطى الأسفار يفهم حالة الناس أكثر من الذين لم يتعاطوها فنحن ذكرنا الذي رأيناه من الطيب وضربنا صفحاً عن الذين بضدهم.. انتهى كلامه. ومن هنا فإن الراوية محمد بن مشعي قد اكتسب خبرات بالناس وأجناسهم ومعرفة بالحاضرة والبوادي فضلاً إن رحلاته كانت في أول وقتها على ظهور الجمال قد اكسبته معرفة بالمواقع الجغرافية والأماكن والمواضع بالجزيرة العربية وخصوصاً في نجد وجنوب غرب المملكة والساحل الخليجي وقد حدثني الأخوان الكريمان الأستاذ خالد والأستاذ صالح وهما من أنجال الراوية محمد بن مشعي أن أباهما استقر في الإمارات قبل سبعين سنة ومكث فيها عشرين سنة يتعاطى التجارة وتزوج هناك عدة مرات ونظم قصائد في تلك المدة الزمنية ثم انتقل إلى مدينة الدمام يبدأ نشاطاً جديداً وهو نشاط المقاولات المعمارية في أوائل السبعينات الهجري وما بعدها من القرن الماضي الهجري، ويذكر الأخوان أن أباهما كان قد بنى عدة قصور للوجهاء والأعيان في مدينة الرياض منذ زمن ليس قريبا.. انتهى كلام الأخوين. وقد نظم الراوية محمد بن مشعي رحمه الله قصيدة وهي من نوع النقازي الشعبي وكل بيت له قافية خاصة، وقد نظم رحمه الله الكثير من هذه الأبيات على هذا الشكل ومنها هذه الأبيات سنة 1331ه: أول رحلة رحت لمكه عمري خمسة عشر عام والوالد توه متوفي أنا والشباب في صكة مظبوط التاريخ تمام واضرب كفي على كفي وقد ذكر في هذه الأبيات فيما بعد أن أول وظيفة له سنة 1331ه وهو صغير السن حيث تقدم بالانضمام إلى جيش الهجانة فرفضوه لصغر سنه ولكن مع الإلحاح والتوسط من بعض الآخرين عينوه براتب كل شهر أربع جنيهات وفرح بها أيما فرح ونظم رحمه الله طبيعة عمل الهجانة في الحجاز ووصولهم إلى تهامة وعسير إلى حراسة سير الحجاج من ميناء جدة إلى مكة وقد مكث بالحراسة مدة سنة وقد حاول ترك الهجانة لكن رئيسهم رفض وقال إن نظام الهجانة هو أن تخدم فيها سنتين ثم تستقيل. يقول رحمه الله في عزمه بالاستقالة من الهجانة: بغينا منها المخلاص قالوا سنتين لا محاص ثم إنه ترك الهجانة وبدأت رحلاته في طلب العيش على الركائب يقول رحمه الله: للمؤلف رحلات عن رحلات الشباب عرفنا فيها رجال عرفناهم بر وبحر عام أربعة وثلاثين بلادي وطني رانية أخذنا على الركايب أخذنا على اللنجات ومعاملتنا الجواهر عن الوقت اللذي فات هل من ذهابه إياب لهم أقوال وافعال والمعرفة من السفر إلى خمسة وسبعين خذ التاريخ واحفظ عنيه سجات وكيف وعجايب مضارب مع الموجات يوم البحر طلعه زاهر إن الشاعر والراوية محمد بن مشعي رحمه الله شاعر طويل النفس فهو شاعر مطبوع كما قلت يستطيع أن ينظم المئات من الأبيات بهذا الشكل اللي ذكرناه وهو شاعر يؤرخ للأحداث المهمة في تاريخ المملكة وتاريخ توحيد أجزاء الوطن على يد المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله ويروي القصص والحكايات والطرائف والنوادر في كتابه هذا الكنوز واعتقد أن محمد بن مشعي راويتنا لم يكن يتعامل مع وسائل الإعلام المتاحة في وقته مثل الإذاعة والصحف والتلفزيون ولو تعامل معها لحقق شهرة أكثر عند الناس. توفي رحمه الله بالرياض بتاريخ 28/6/1406ه عن 90 عاماً رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى. غلاف كتاب الكنوز الشعبية غلاف فهرسة الشعر النبطي الصويان