نجح رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون الأستاذ عبدالرحمن الهزاع في كسب تحدي رمضان بعد أن جمع نخبة من أبرز الشخصيات الدينية والثقافية والإعلامية والفنية والتي تتمتع بجماهيرية واسعة ليطلوا على مشاهدي التلفزيون السعودي بقناته الأولى والتي قدمت منذ غرة رمضان وجبات متنوعة من البرامج والمسابقات والمسلسلات راعت مختلف التوجهات والأذواق، وفي سابقة تاريخية حققت هيئة الإذاعة والتلفزيون عوائد مالية كبيرة من الإعلانات التجارية عوضت تكاليف إنتاج البرامج والمسابقات والمسلسلات، لتعلن عن نفسها منافساً شرساً لأبرز القنوات الخاصة في الساحة الفضائية في خطف كعكة الإعلان التجاري ولتكون في الصفوف الأولة محققة آمال من راهن عليها. ويؤكد المراقبون والنقاد بأن هيئة الإذاعة والتلفزيون إذا واصلت سعيها في هذا الطريق ستٌحدث نقلة غير مسبوقة في سماء الإعلام المرئي وتكون مصدر قلق لقنوات أخرى بعد أن سحبت البساط واستحوذت على كعكة الإعلان التجاري بحيث صار المعلنون يتهافتون عليها. المتابع لما قدمته القناة الأولى في رمضان يلحظ مدى النضج في إدارة العملية الإنتاجية وفق معايير مهنية تلزم المنتج على تقديم العمل بجودة عالية إخراجاً ومضموناً وفكرة وتقديماً وقد خلقت الهيئة لنفسها مساراً لا مكان فيه للمجاملة والواسطة، ويتمنى الجميع أن تتشبث بذلك في تعاملها مع المنتجين الذين استغلوا في أعوام مضت وجود بعض الهفوات ليقدموا أعمالاً ركيكة لا ترقى لأذواق المشاهدين. درامياً تفاوت مستوى الأعمال ولكن في المجمل كانت في درجة جيدة جداً فبعد أن وضعت هيئة الإذاعة والتلفزيون الكرة في ملعب نجوم الساحة الدرامية واستقطبت أهم الأسماء اللامعة كان الكثير يترقب أعمالا تلبي تطلعات المشاهدين وهذا ما أحدثه فهد الحيان في "هشتقه 2" وحسن عسيري في "كلام الناس" وعبدالله السدحان في "هذا حنا" وعبدالمحسن النمر في "المجهولة". حسن عسيري في «كلام الناس 2» حسن عسيري "بكلام الناس " نجح في إيجاد البديل لمن يشاركه البطولة ففي العام الماضي عوض غياب راشد الشمراني بالفنان الصاعد رياض الصالحاني وفي هذا العام أوجد بديلاً مناسباً عندما استعان بيوسف الجراح وبذلك حققت كثير من حلقات المسلسل تألقاً في الآداء والفكرة ولكن بعضها كان يفتقد للمعالجة الفنية والحبكة الدرامية. أما المسلسل الآخر الذي كان يترقبه الجميع فهو "هذا حنا" للنجم عبدالله السدحان الذي عاد بعد غياب لبيته الأول وقد أقدم السدحان على خطوة مهمة بدعوته للنجم الكويتي سعد الفرج ليكون بطلاً في العديد من الحلقات وهذا ما أكسب المسلسل قوة وشعبية محلياً وخليجياً وشكل منعطفاً فارقاً في مسار العمل وقد قدم المسلسل عدداً من الحلقات المؤثرة تراجيدياً وأخرى مميزة كوميدياً بإخراج شاب متجدد للمخرج فهد الحمود الذي وظف أدواته بشكل جيد. المسلسل الكوميدي الثالث كان لفهد الحيان ب"هشتقة 2" فلأول مرة يكون للحيان عمل من بطولته على شاشة التلفزيون السعودي بعد أن نال ثقة مسؤوليها بموهبته ليقدم نفسه بشكل رائع فنياً وإنتاجياً وباختياراته الموفقة للممثلين وللمخرج المناسب بعد أن خرج من عباءة إصراره على بعض الأسماء التي كانت تقود العمل ولم تعرف الكيفية الصحيحة لإدارة العمل ليقدم الحيان عملاً كوميدياً رصيناً سيشجع القائمين على الهيئة على استمراره لموسم رمضاني جديد. تراجيدياً كانت هيئة الإذاعة والتلفزيون في اختبار هام يثبت مدى نجاعتها في الاختيار فكان الفنان عبدالمحسن النمر هو الورقة التي راهنت عليها الهيئة بمسلسل المجهولة الذي وضع بصمة درامية هامة وأثبت قدرة التراجيديا السعودية على تقديم أعمال مؤثرة لتنافس بقوة في الساحة الخليجية والعربية. الأعمال الكوميدية والتراجيدية التي قُدمت كانت على مستوى جيد فلم يلحظ المشاهد تكرر الأسماء الفنية في أعمال متفرقة كالقنوات الأخرى إضافة إلى مواضيع الأعمال لم تكن متشابهة فقد كان هناك تنوع لمختلف المواضيع التي تلامس هموم الشارع السعودي وكان هناك التزام واضح من المنتجين بشروط الهيئة والتي فرضت شخصيتها في كيفية إدارة العملية الإنتاجية بضوابط ملزمة. برامجياً تميز الشيخ صالح المغامسي ببرنامجه مع القرآن الذي خطف انتباه المشاهدين مغرب كل يوم وينشد المتابعون أن تحظى مثل نوعية هذه البرامج الدعم والمؤازرة من القائمين على جهاز التلفزيون لاسيما وهي تحظى بإعجاب الكثير محليا وخليجياً. أما على صعيد المسابقات فالنقاد كانوا ينتظرون ماذا ستقدم الهيئة الجديدة في أول عام لها من مسابقات فكان التجديد والابتكار هو السمة البارزة فهشام الهويش ببرنامج "أنت وحظك" بفكرته المميزة قدم نوعا غير مسبوق من المسابقات التي عهدها الجمهور باعتماده على عنصر الترفيه والأمر كذلك ينطبق على برنامج المسابقات "رايح جاي" لأسعد الزهراني وبرنامج "عيش صحاري2" فيما تميز برنامج الديرة بموسمه الثاني بعرض تراث المملكة الزاهر بطريقة غير تقليدية مقدما المعلومة والترفيه في آن واحد كما أن مسابقة القرآن الكريم التي تعود عليها الجمهور طوال سنوات مضت جاءت بشكل مغاير وباسم مختلف "ساعة مكة" وبتقديم شاب متجدد. عشرة شهور مضت على إنشاء هيئة الإذاعة والتلفزيون والمتابع لحراكها يتلمس الجهود الكبيرة والأفكار الخلاقة التي صارت حاضرة على شاشة قنواتها طوال العام فبعد انتهاء الشهر الكريم ينتظر الجمهور السعودي والخليجي والعربي أن يطل فنان العرب محمد عبده على شاشة القناة الأولى بحفلة دبي والتي اشترت الهيئة حقوقها كذلك إلى مجموعة من الجلسات الغنائية التي جمعت أبرز نجوم الغناء السعودي. الطريق من أجل كسب ثقة المشاهدين يحتاج للكثير من العطاء والبذل والإنفاق وهو الأمر المبتغى من الهيئة الوليدة التي ينتظر منها مواصلة المشوار في تقديم مادة تلفزيونية تليق بما وصلت له المملكة من تقدم وتطور ولعل بوادر التغيير التي لمسها الجمهور تنبئ بالخير.