مضت أيام منذ أطل علينا شهر رمضان المبارك، شهرٌ كريمٌ ننتظره طوال العام لنفرح بصيامه وقيامه، ونؤدي فيه فرائض وواجبات دينية واجتماعية أساسها الخير والنفع لنا ولذوينا ولكل من له حق علينا. نحن، ولله الحمد، في بلادٍ أنعم الله عليها بالأمن والأمان والرخاء والسلام. بلاد يجد المرء فيها كل السبل متاحة، والوسائل متوفرة ليؤدي شعائره بروحانية سامية في شهر أوله مغفرة وأوسطه رحمة وآخره عتق من النار، نصوم هذا الشهر في بلادنا ونحن نستذكر إخوة لنا في سوريا أجبرتهم الظروف على أن يصوموه وهم في بؤسٍ وشقاء، وخوف وحروب ودماء، لا يمكن أن تغيب عن مخيلتنا صور إخوة لنا وهم يتعرضون لشتى أصناف القتل والتشريد والتعذيب على أيدي قوات نظام الأسد الجائرة ومن ساندها من شراذم ما يسمى بحزب لله. في سنوات ماضية كان أبناء الشعب السوري يقضون أيام شهر الصوم في ربوع بلادهم مستمتعين بما حباها الله به من أجواء باردة وطبيعة خلابة، كانوا يمارسون نشاطاتهم ويؤدون فرائضهم في روحانية تتخللها أمسيات ومسامرات بين الأقارب والأصدقاء، اليوم انقلبت الصورة وأصبحت المدن السورية مدن أشباح لا ترى في شوارعها سوى الأسلحة والجنود والقناصة، وطغت أصوات المدافع على أصوات مآذن المساجد. لا ندري كيف يقضي أبناء الشعب السوري شهر رمضان، ولكن من المؤكد أن لديهم من الإيمان وقوة الصبر والاحتمال ما يجعلنا نتفاءل بأنهم إن شاء الله صابرون ومحتسبون، وهم اليوم أكثر حاجة من أي وقت مضى لدعائنا ودعمنا لهم بكل الوسائل. المجتمع الدولي توالت عليه النداءات والاحتجاجات وكلها انتهت إلى لا شيء، أي تجاهل هذا لحقوق الإنسان، وأي تجاهل للأعراف والمواثيق الدولية، أفراد شعب بأكمله يسقط منهم يوميا المئات بينهم شيوخ ونساء وأطفال في مشاهد تهز المشاعر وتستوجب المبادرة واتخاذ القرار، سيقضي أبناء الشعب السوري شهر رمضان والأمل يحدوهم في نصر يأتي به الله وصحوة ضمير بات متحجراً لفترات طويلة. الكثيرون فاض بهم الكيل وسعوا إلى الهجرة واللجوء إلى الدول المجاورة وهم والحال هذه لم يجدوا الأرض مفروشة بالورود وإنما قاسوا الكثير من الآلام وتعرضوا لجملة من الصعاب ولكنها في مجملها تبقى أخف إيلاماً وقسوة من نيران نظام الأسد الذي لا يهمه لمن يوجه نيرانه طالما هي تخدم توجهاته وأفكاره العدوانية. صبراً إخوتنا في سوريا فما من شدة إلا وبعدها الفرج بإذن الله، وكلنا أمل أن لا يأتي رمضان القادم إلا وقد عادت الأمور إلى نصابها وأحق الله الحق وأزهق الباطل، والمجتمع الدولي سيظل مطالباً بأن يمارس دوره بكل فاعلية في تحقيق الأمن والسلام العالميين لكل الشعوب ومن بينها الشعب السوري الشقيق.