فاصلة : «يفضل المرء مجاملة كاذبة على نقد مخلص » - حكمة لاتينية - سمِّه ما شئت، فهو موجود، هذا الصوت الداخلي السلبي الذي يلومك على أي خطأ يحدث، وهو نفسه الذي يقارنك بالآخرين و يخبرك أنك أقل منهم، وهو نفسه الذي يضع العراقيل في طريقك عندما تهم بأي إنجاز، وحينما تتراجع أو تخفق فإنه يوبخك. مشكلته معك أنه دوما يبرز نقاط ضعفك لم يتبرع مرة واحدة بإعلامك نقاط قوتك مع أنه يعرفها. اكتشف هذا الناقد العالم النفسي «اوجين ساجان» وهو اكتشاف خطير فهذا الصوت الداخلي مدمر لذات الإنسان إذا لم ينتبه إلى قدراته . تخيل نفسك مقبلاً على مقابلة مهمة للالتحاق بوظيفة تحلم بها، ستسمع صوت الناقد يخبرك أنه من المستحيل أن تحصل عليها، وسوف يعدد لك نقاط ضعفك، وسوف يقارنك بالآخرين مع تدليله لك بأنهم الأجدر بالوظيفة . فان لم تتصرف معه وتسكته فالنتيجة إما أنك ستتراجع عن الذهاب أو ستفشل إن ذهبت لأنك ستتصرف حسب معتقداته. الناقد معنا لأننا نحتاجه لإشباع احتياجنا إلى القبول لدى الآخر وحاجتنا إلى الأمان والفعالية في الحياة، فإذا كان تقديرك لذاتك جيدا استطعت أن تواجهه، أما إذا كان تقديرك لذاتك منخفضا فهنا تكمن سيطرته عليك . إن حوارنا الداخلي مهم لأننا نتأثر به، ولذلك من المهم أن تفهم صوتك الداخلي لتتغلب عليه وتصمته إن أراد أن يمارس سلطته السلبية. الناقد المرضي يعتمد على عاداتنا السلبية بالتفكير مثلا عندما لا يدعوك أحد الأصدقاء لمناسبة لديه فانك إن حكمت بأنه يهينك فذلك يدعوك للحكم على ذاتك بالانخفاض وسوف تلوم نفسك أنك مؤخرا قدَّرته ودعوته لمناسبة لديك وانك جبان إذا أنك لا تستطيع أن ترد له إهانته. المفترض أن نطلق الأحكام بعد التقييم وأنت إلى الآن لا تعرف شيئا عن ظروف الموقف باستثناء عدم وصول الدعوة إليك. وربما اكتشفت أن الموضوع لا يتجاوز كون الدعوة وضعت لدى صديق ثالث نسي أن يعطيك إياها . من أهم الاضطرابات الادراكية إفراطنا في التعميم وإطلاقنا للألقاب بشكل عام والترشيح الذي نمارسه باختيارنا من الموقف الجانب السلبي منه، وحدتنا في التفكير وكأننا لا نرى من الألوان سوى الأبيض أو الأسود!! كذلك لوم ذاتنا، وربط تفسير الأشياء بشخصنا، وادعاء أننا ناجحون في قراءة أفكار الآخر إلى الدرجة التي نبني عليها حكمنا السلبي ...كلها اضطرابات في الإدراك ترهقنا في التعامل مع الصوت الداخلي ..فكر قليلا واستمع الآن ماسيقوله لك صوتك الداخلي عن هذه المقالة !!