انطلاقًا من كوني أباً وجداً مؤخرًا، فإنني كثيرًا ما أفكر بأهمية صحة شبابنا. ذلك لا سيما أن العام الدراسي قد شارف على نهايته وبدأ طلبة المدارس في كل مكان بممارسة نشاطاتهم الصيفية، وهو أمر يجعل صحتهم ورفاههم أهم من كل شيء آخر نفكر به. وإنني على يقين أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود يشاطرني وجهة نظري في أن الصحة هي قضية مهمة للغاية. وفي الواقع، ان الولاياتالمتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية لديهما تاريخ من التعاون الممتاز بين القطاعين العام والخاص بشأن القضايا المرتبطة بالصحة. فهناك العديد من البرامج التعاونية بين الجامعات الأميركية ونظيرتها السعودية في مجال الصحة العامة والأبحاث البيولوجية الطبية. أما اليوم فإننا نعمل سوية على بناء أنظمة رعاية صحية مستجيبة وفعالة تركز الاهتمام على مجالات مثل إدارة المستشفيات والبيانات، وتدريب الأطباء والممرضين الجدد. ومن وجهة نظر طويلة الأجل، فإن الأمراض غير المعدية، مثل أمراض القلب والسكري والسرطان، هي أهم الاهتمامات الصحية التي تواجه مواطني بلدينا. وأصبحت الزيادة السريعة في هذه الأمراض في بلدينا تشكل تحديات رئيسية بالنسبة لمستقبلنا. ويمكننا من خلال العمل سوية أن نساعد بعضنا البعض وأن نساعد بقية العالم في إبطاء الأثر المدمر لهذه الأمراض على صحتنا، وبالتالي على اقتصاداتنا. خلال العقد الماضي، حلت الأمراض غير المعدية مكان الأمراض المعدية كسبب رئيسي للوفيات في العالم، مما جعل هذه الظاهرة تكتسب المزيد من الاهتمام في المجال الاقتصادي وميدان الصحة العامة. وهذه الأمراض ليست قاتلة فحسب، بل إنها عالية الكلفة أيضاً. وتشير الدراسات إلى أن تكاليف علاج الأمراض غير المعدية في الولاياتالمتحدة وحدها بات يتجاوز تريليون دولار سنوياً وهي آخذة في الارتفاع. وتشير التقديرات إلى أن الأمراض غير المعدية سوف تكلف الاقتصاد الأميركي ما يزيد عن 4 تريليونات دولار سنوياً بحلول العام 2023. يدرك بلدانا الخطر الذي تمثله هذه الأمراض وتقوم المملكة العربية السعودية ببذل جهود جديرة بالثناء لمكافحة هذه الأمراض، وذلك من خلال الاستثمار في تحسين الخدمات الطبية في المملكة وزيادة الأبحاث العلمية. وفي الخريف الماضي، نظّم خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، ووزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة مؤتمراً دولياً حول أسلوب الحياة والأمراض غير المعدية في الرياض من أجل تفحص هذه المسألة المهمة بصورة علنية. وقد شرعت وزارة الصحة أيضاً بتنفيذ برامج توعية وتأمين العلاجات لهذه الأمراض. ونحن على استعداد للعمل مع المملكة حول هذه المشاريع المهمة ونشيد بمشاركتها الفعالة في المبادرات الإقليمية والدولية لمكافحة الأمراض غير المعدية. وبالتطلع إلى المستقبل، نرى العديد من الطرق التي يمكننا من خلالها زيادة فعالية تعاوننا الوثيق حول الأمراض المزمنة: يمكننا أن نعمل معاً لزيادة التعاون في مجال الأبحاث العلمية المتعلقة بالأمراض المزمنة، وأن نتبادل البيانات حول السياسات التي تمنع هذه الأمراض، وأن نشجع مشاركة القطاع الخاص في هذه الجهود بدرجة أكبر، وأن ننفذ حملات توعية عامة حول العوامل الناتجة عن أسلوب الحياة، مثل النظام الغذائي، وممارسة التمارين الرياضية، والامتناع عن التدخين الذي يؤثر بدرجة هائلة على مخاطر الإصابة بالأمراض غير المعدية. هناك العديد من برامج التعاون القائمة بيننا في مجال الأبحاث في جامعات ومؤسسات الأبحاث ببلادنا، لكن هناك دائماً مجالات أكثر يمكننا التعاون من خلالها. فشركات القطاع الخاص والمؤسسات الأخرى تملك المعرفة والموارد ليس فقط في مجال تطوير وتقديم العلاجات، إنما أيضًا في التشاور بشأن التطورات المهمة في طرق إدارة المرضى، وحفظ السجلات الطبية، والبنية التحتية السريرية والاستشفائية، وتثقيف المرضى. ومعاً، ومن خلال الأبحاث التعاونية، وزيادة مشاركة القطاع الخاص، وتبادل الأفكار الناجحة، يمكن للمملكة العربية السعودية والولاياتالمتحدة أن تساعدا مواطنينا في التمتع بحياة أفضل وأطول. * سفير الولاياتالمتحدة لدى المملكة