من الأمثال الشعبية الطريفة يقال (بروق ينبت على صوت الرعد)، أما الجزء الآخر من العنوان فليس مثلا بل تدوين لحدث تاريخي. وقبل توضيح معنى المثل ودلالته أشير إلى أن البَرْوَق أو البِروَاق، أو البوْرَق – على اختلاف التسمية بين عدة مناطق في المملكة – عشب بري يرتفع إلى 30 سم تقريباً، وله أوراق قائمة ومجوفة تشبه أوراق البصل (الصورة) وإن كان أدق منها، ويزهر في أواخر الشتاء، ويكثر في الروضات وحواف الشعاب، وينتشر في كثير من أنحاء المملكة لكن الماشية لا ترغبه فهو عسر الهضم، وتكشف المصادر العلمية أن جذوره سامة، لكن معجونه يستعمل (طبياً) كمسهل ومدر للبول ولمعالجة القرحة. وكان البروق يستخدم في البادية بإضافة قليل منه إلى اللبن الذي يحضر منه الأقِط (البقل) حتى تبقى القطعة من غير صلبة. والشاهد في المثل أن البَرْوَق ينبت وينمو من قليل المطر، ولهذا يقال في المثل الشعبي قولاً مبالغاً فيه (مثل البروق ينبت على صوت الرعد). ويضرب المثل لمن يكفيه من المؤنة أقلها، ولمن يسهل استدراجه والاحتيال عليه. أما (سنة البروق)، فهي واحدة من سنين القحط والجدب، سجلت في منطقة حائل عام 1349ه؛ حيث اشتد برد الشتاء في ذاك العام ولم تهطل الأمطار إلا قليلاً، فقلت المؤن عند الأغنياء واضطر الفقراء إلى أكل هذا العشب الرديء، فكانوا يحصدونه ويطبخونه ويتناولونه كحساء، وعاشوا فترة على هذه الحالة. وفي مرحلة متقدمة من حياة البروق (يعوّد) وينتج بذوراً سوداء صغيرة، فاضطروا أيضا إلى حصدها وتجفيفها وطحنها لصنع الأرغفة أو طبخ ما يعرف بالعصيد، وبقوا على هذا الوضع المزري إلى أن مضت سنة البروق. وبالتأكيد هذه حالة مختلفة عن الوضع الآن فتجد أناساً يأكلون النباتات البرية مثل القرقاص والحوى والجهق والبسباس أو فطر الكمأة (الفقع)، لكن الأمر بالنسبة لهؤلاء لا يعدو كونه مظهرا من مظاهر الاستمتاع بفصل الربيع، ولهذا فلن يتأزم الوضع عندما ينقطع المطر فلا تكتسي الأرض البرية بغطائها من النباتات والأعشاب الحولية.