العالم العربي موهوب بتعدّد الصراعات؛ حيث تمر به في تاريخه أحداث الخلافات التي قد تكون دموية، وذلك لا يتمثل بتناقض وجهات النظر في معتقد واحد، وإنما فواصل هذه النزاعات.. وهي ليست اختلاف وجهات نظر وإنما تبديل ما هو قائم عندما تتراجع أهميته بما يفتعله من جديد يفتقد هو الآخر أي أهمياته.. عد إلى ما قبل ستين عاماً، ثم بعده توالي الأعوام اللاحقة، لتجد أن أنظمة جمهورية أكدت في البداية أنها تتجه إلى عالم عربي واحد، ولكن بعد سنوات قليلة أصبح هناك على الأقل ثلاث فئات شغلت مواطنيها بما نشأ لها من خصومات.. بعد ادعاء القومية العربية التي قيل إنها «من المحيط الهادر.. إلى الخليج الثائر» وجد البروز البعثي الذي لم يكتف بسوريا، وإنما برز عنفه داخل العراق، مع أن البداية كانت في سوريا التي تمكن من سيادتها فيما بعد النظام العلوي الذي لوحظ أنه طوال تاريخه لم يحدث له أي تصادم مع إسرائيل، وهنا علامة استفهام؟! ولأن تلك المرحلة عربياً لم تمر بالحصول على أي منجزات أو توسع، بل حدث توالي منطلقات العزلة والهبوط، فكان أن سقطت تلك التحولات ونشأ مؤخراً منذ سنوات ليست بالطويلة وجود التعدد الإسلامي الذي فتحوا به مجالات التوسع بالخصومات.. وبهذا عرفنا أن إيران مارست هذا الانتماء أولاً لاستعادة وجود الدولة الفارسية من ناحية، وثانياً التوغّل داخل العالم العربي تغريراً بأهداف سياسية قادمة.. وهو ما لن يحدث.. ويدرك القارئ - وبالذات المواطن السعودي - الذي لم يمر بمراحل هذه التحولات، بل هو في واقع العكس مع ما هم فيه، حيث بدأ بوجود الملك عبدالعزيز ممارسة مهمات تحويل أنماط الحياة شبه البدائية والمتعددة الخصومات القبلية إلى مجتمع واحد انطلق في بناء ذاته بتطوير قدراته الخاصة به والتزامه بمفهومية الدين الصحيحة التي تقوم على مبدأ «إن أكرمكم عند الله أتقاكم»، وليس على مبدأ التضخيم بصفات أصحاب القيادات بين من هو آية الله وبين من هو حزب الله.. وواضح هنا استخدام الإسلام كوسيلة سياسية غير منطقية.. حيث لم يمر التاريخ الإسلامي المعروف بهذا الابتداع المضحك، لأن العبادة تقوم بين الشخص والرب، وليس عبر زرع الخصومات وخلفها أهداف التطويح بأي قدرات وجود عربية نجدها متمثلة في أكثر من وطن عربي، وفي الوقت نفسه يجد مواطننا ذاته في مسالك وضوح عجز غيره أن يصل إليها..