كم هي عالية التكاليف؛ مع أنها غير مقنعة تلك الأساليب التي يلجأ إليها زعماء العالم الثالث كي يمرّروا وجاهة وجودهم، وهي في الحقيقة لا تذهب نتائجها إلى فئات تعاني إهمالاً أو حرماناً أو خصومات بقدر ما تتحوّل إلى مكسب خاص لفخامته.. في العالم الأول هناك ذكاء تصرّفات؛ حيث في حين أنهم داخل مجتمعاتهم لا يستطيعون تمرير تلك الأخطاء إلا أنهم خلف مصالح دولهم يمارسون تمرير المواقف الغامضة بادعاء أنها مواقف لصالح غيرهم، وهي في الحقيقة أساليب تدخّل غير مباشرة في واقع ذلك الغير.. نحن نعرف جيداً حقيقة الأوضاع التاريخية في عالمنا العربي منذ ما لا يقل عن السبعين عاماً، وكيف كان للشعارات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بريق إغراء كما لو كان العرب سوف يقفزون مستويات المعيشة الأوروبية ومحاصرة التميز الأمريكي، ثم تنكشف الأمور بعد أعوام طويلة بواقع يؤكد أن العالم العربي يحتاج إلى حالات ميلاد جديدة تعيد حقائق الوعي إلى ذهنيات لم تعد تنتظر نتائج مشاريع مالية تعيد تعدّد الاحتياجات إلى مختلف مجالات التطوير، وإنما هي تستبدل تعدد التطور بتعدّد الخصومات بل تدني مفاهيم المواطنة.. الملك عبدالله بن عبدالعزيز رجل تاريخ يختلف تماماً تماماً في عقليته وأفكاره وتنوّع مفاهيمه فيما يباشره من مهمات قيادية؛ الرائع فيها أنها ليست وعود.. لكن سرعة الأداء تبدو كما لو كان التنفيذ يتواكب مع موعد يوم إعلان إقرار المهمة.. في التعدّد الجزل الذي بذله بدءاً من جنوب جازان وحتى شمال عرعر والقريات.. من مواقع ركود عبر امتداد البحر الأحمر.. من تدخل سريع وحازم في قلب المدن الكبرى إلى قفزات هائلة بعدد الجامعات وأخرى مجيدة في تنوّع روافد القدرات المالية.. وفي نفس الوقت تحويلها مباشرة إلى تنوّع مكاسب وظيفية أو معيشية أو تعليمية أو تطويرية وسط مجاميع الناس.. الرجل التاريخي.. يتصرف ويعطي أفكاره كما لو كان محاطاً في الأربع والعشرين ساعة بكل وثائق المعلومات عمّا هو مطلوب وما هو جاهز التنفيذ.. ليس فقط لكي يتغذى فقير، أو لكي يتوظف عاطل، أو لكي يعالج مريض، عبر خطط تتبنى مهمة القفز السريع في الخروج - وهو ما حدث - عن سلبيات العالم العربي والدخول بوجاهة قدرة - وهو ما يحدث - في قائمة العالم المتقدم.. الرجل الرائع إنسانياً كما هو دائماً في سجل تاريخه يقدم 1.63 مليار لكل المحتاجين في فئات الضمان الاجتماعي.. ومن هذا الواقع الشعبي.. تطل على الجميع المهمة العالية المكانة التاريخية مستقبلاً وهي التوسع الجديد في الحرم المكي وفي تعدّد الاهتمامات والقرارات التاريخية.. هو الرجل الذي انفرد بتعدّد التقدير الدولي عبر المؤسسات العلمية والإنسانية، والرجل الوحيد الذي كان له حضور الزمالة المحترمة عبر تداول أفكار دول خصوصية متميزة.. ثم ينهي شهر رمضان المبارك بقمة التضامن الإسلامي في مكة.. إنه ليس رجل وعود قد تأتي أو لا تأتي، وليس متخصص خطب تحتاج دعم المصداقية، ولكنه رجل تاريخي الأفكار، وفيما طرحته تلك الأفكار من حقائق نتائج بارعة..