الأزمات في العالم العربي التي أدّت إلى تصدّع المجتمعات ومثلها في أغلبية المجموع الإسلامي إذا راقبنا عربياً تحوّلاتها على مدى الستين عاماً الماضية وكيف أنها خلقت وجود تمزق اجتماعي ليس من السهل مواجهته كما في دولتين عربيتين ما عادا يحكمان بسلطة واحدة، ثم كيف أن مجتمعات أخرى تتلاعب بها الخلافات وسط مخاوف من أن تتحول إلى وضع الدولتين.. العالم العربي يمزّق.. بكفاءات تدمير لم تستطع أن تفرض وجودها في أي مجتمع آخر، ولم تمر أوروبا الأرقى حالياً في تطورها الاجتماعي بمثل هذا التشتت في تنوّع العداوات حتى في عصر ما قبل تطوّراتها.. كيف يمكن محاصرة هذه الأوضاع لئلا تؤثر في وضع مجتمعات آمنة؟ وفي نفس الوقت كيف يمكن الوصول إلى علاقات أعلى تحاصر هذا الواقع المزعج؟.. هناك احتمال لو تم تطبيقه ونجاحه سيكون هو الأكفأ في محاصرة الخلل العربي، وبالتالي إدانة فرسانه.. إذ من الواضح أنه ليس هناك ضمان بأن تفعل الدول المتقدمة عسكرياً وعلمياً شيئاً من ذلك، بل إن قليلاً منها مدان في أن له سياسات غير مباشرة لتفتت أي التحام عربي.. ماذا عن التضامن الإسلامي؛ خصوصاً وأنه لا توجد مع دوله أي خصومات أو شكوك باستثناء إيران التي من الواضح أن تدخّلاتها ليست إلا وسائل لاحتضان عنف تقتطعه من الأرض العربية.. لو تحقق النجاح في وجود هيئة إسلامية تذيب اختلاف الطوائف وتضع المجموع الإسلامي في أُطر بدايات الحضور الإسلامي المثالية والتي لم تنشأ بعدها خلافات الطوائف إلا عبر أزمات إسلامية بل جرائم تعامل غير إسلامية مثلما حدث في بداية الدولة العباسية.. إن وجود الوحدة في العلاقات وفي التعامل بين الدول الإسلامية من شأنه أن يحاصر موضوعياً واقع الضعف العربي ويحقق حضوراً دولياً سيكون مرموقاً ومؤثراً خصوصاً وما للامتداد الإسلامي جغرافياً من أهميات.. إن التضامن الإسلامي لن يقوم بمبدأ مصالحات وإنما بمبدأ تصحيح أوضاع عقائدية سواء كانت سنية أو شيعية أو إسماعيلية، وأي طوائف أخرى بالابتعاد عن التزمّت وكذا البدايات التي خلقت وسائل الخلاف وذلك بوجود فكر إسلامي على مستوى من الوعي الذي لا يخاصم الثقافة ولا يرفض حضاريات التقدم السائدة.. لا أتصور أننا وحدنا مَنْ يعتزّ بجزالة فكر الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي تبنى سياسات تطوير فكر متعددة، بل إن العالم بصفة عامة يحفظ لهذا الرجل التاريخي جزالة أهمياته..