تعاني الساحة الشعبية منذ فترة ركودا قاتلا، على الرغم من تشعب القنوات ووسائل الإعلام المتعددة، التي تمكن كل شاعر من الظهور، فمن المفترض بهذه الظاهرة أن تكون صحية، تستفيد منها شريحة كبيرة من الشعراء، غير أنها أدت على غير المفترض إلى ركود المياه الشعرية، ولم يعد هناك حراك واضح على الساحة.. هذا إن وجدت. طغيان السياسة قد تكون الأسباب عديدة، وقد يكون من ضمنها ما يسمى بالربيع العربي، أو طغيان الموجات السياسية على الساحة بشكل كبير. ومن المفترض أن يكون الربيع العربي مغذيا جيدا للشعر، ومصدرا يمد الشعراء بالكثير من المواقف والتعاطف مع الآخر، ورغبات الشعوب، ويثري الحراك الأدبي بشكله العام، ولكن النتائج أتت عكسية وعلى غير المأمول، قد يكون هذا لعدم الاكتراث بالقضايا القومية العربية أو الرغبة في عدم التعاطي معها. جمهور مهووس بالغرام كما أن هناك مفهوما خاطئا ترسخ على مدى فترات زمنية متتالية ليست بالهينّة، أصبح الشعر فيها يدور في فلكٍ واحد، وأصبح الشعر بغير الغزل والعاطفة منبوذا إلى حدٍّ ما، كأنه ليس هناك مشكلة سوى في المسائل الغرامية والعاطفية. يصورنا أغلب الشعراء كشعب مهووس بالغرام، وكأننا مجتمع متقدم لا يعاني أي إشكال في العديد من القضايا، ويتناسون أننا مازلنا، وما يحيط بنا من دول، نوصف في المحافل الدولية «بالعالم الثالث». أُوكل الأمر لغير أهله كما أن هناك قضية محورية مهمة جداً، بدأت تتكرر بقوة، وذلك لتعدد المنابر الإعلامية التي افترضنا إنها ظاهرة جيدة تدعم التنافس لتقديم الأفضل بين الشعراء والوسائل الإعلامية أيضاً، لكنها لم تأت أكلها بسبب قيام غير المختصين على الشعر والأدب، أو حتى يمتلكون ثقافة بسيطة في هذا المجال، عليها، فلا يهمهم سوى إنجاز العمل بعيداً عن جودة المادة، وهذا ما عزز سخط الجمهور في اعتقادي لتقديمهم مواد هابطة من دون مبالاة بذائقة جماهير الشعر، ولأن الأمر أوكل لغير أهله. وكما يقول تشارلز نورتام: لكي تكون مهمًّا كن مهتمًّا. يفضلون ما يقرأون كما أن هناك خطأ كبيرا بين الشعراء يتداول بقوة، وهو اعتقادهم بتميز منبر واحد عن باقي وسائل الإعلام الأخرى، وتفضيله ليس لأنه هو الأفضل، بل لأنهم هم ومن حولهم من يقرأه، وبهذا لا يعتقدون إلا بردود الفعل الملازمة له، والتي غالباً ما تكون مجاملة بحكم ما يجمعهم من علاقة بأصحاب هذا المنبر وتلاقٍ دائم.