ما هي سبل تطوير النشاطات التجارية بين المملكة ولبنان؟ وكيف يمكن إيجاد العوامل الجاذبة والمقومات الايجابية امام الاستثمارات السعودية في لبنان؟ سؤالان عقدت حولهما ندوة لبنانية سعودية مشتركة في جمعية تجار بيروت في الصنائع وشارك فيها سفير المملكة العربية في بيروت علي عواض عسيري، رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس، رئيس مجلس الادارة المدير العام ل»بنك لبنان والمهجر» اسعد أزهري، وحضرها النائب نبيل دو فريج ورؤساء الهيئات الاقتصادية وحشد من رجال الاعمال والمصرفيين والإعلاميين. وتحدّث سفير المملكة علي عواض عسيري عارضا لحجم التبادل التجاري بين البلدين، مبيّنا أن حجم التبادل التجاري بين المملكة ولبنان بلغ 783 مليون دولار عام 2012 منها 434 مليون دولار واردات لبنانية من السلع والمنتجات السعودية و359 مليون دولار صادرات لبنانية للأسواق السعودية». ولفت عسيري الإنتباه الى أن «حجم التبادل التجاري الحالي لا يتناسب اطلاقاً مع العلاقات التاريخية التي تربط البلدين ولا مع تطلعات قيادتيهما وشعبيهما». وشرح أسباب هذا الأمر قائلا: «إن الاوضاع الأمنية والسياسية التي يعيشها لبنان منذ فترة تؤثر مباشرة على التبادل التجاري بين المملكة ولبنان وعلى الاستثمار والمستثمرين السعوديين في لبنان وعلى مجيء السائح السعودي الى لبنان، كما ان الاحداث التي تشهدها سوريا أثرت بدورها على التبادل التجاري بين المملكة ولبنان، لأن سوريا تشكل المعبر البري الوحيد للبنان، واقفال طرق الاستيراد والتصدير خلق مشكلة للصادرات والواردات اللبنانية والسعودية حيث ان معظمها كان يتم عبر الطرق البرية التي تمر بسوريا». وعن الإمكانات المتاحة أمام تطوير النشاطات التجارية بين المملكة ولبنان قال السفير عسيري: «بمعزل عن الوضع السياسي والوضع الامني ثمة دور أساسي تستطيع الوزارات والمؤسسات الرسمية في البلدين القيام به، اضافة الى القطاع الخاص ورجال الاعمال والمستثمرين. فالوزارات مدعوة الى تنظيم زيارات متبادلة ومؤتمرات متخصصة والدخول في مشاريع تطويرية طويلة الأمد ونقل العلاقة والتواصل من الاشخاص الى المؤسسات بحيث لا تتأثر المشاريع او تتوقف بسبب تغيير مسؤول هنا او مسؤول هناك. وهذا ما نراه في الدول الغربية حيث يغلب الطابع المؤسساتي على الطابع الشخصي ولهذا النمط في العمل صفة الاستمرارية والنجاح». وعرّج على دور القطاع الخاص قائلاً: إن المطلوب تنظيم زيارات متبادلة بين رجال الاعمال في البلدين وبين المتخصصين في نفس القطاع كأن يزور مقاولون لبنانيون مثلا صناعيو مواد البناء في المملكة، وانني ادعو رجال الاعمال اللبنانيين المتواجدين بيننا الآن وعبركم الى اجراء مثل هذا النوع من الزيارات والتعرف على اسواق المملكة ومميزاتها وعلى الامكانات الصناعية السعودية التي اصبحت تضاهي الصناعات العالمية بتنوعها وجودتها واسعارها التنافسية والتي يفرح الصناعيون السعوديون بتقديم معاملة وتسهيلات خاصة حولها للأشقاء اللبنانيين. وأود ان اؤكد في هذا المجال ان المصانع السعودية تغطي بتنوع منتجاتها غالبية الحاجات اللبنانية مما يوفر اسعارا خاصة وجودة عالية للأسواق اللبنانية كما يفتح الباب امام افكار اخرى وهي ان الاشقاء اللبنانيين معروفون بانفتاحهم وتواصلهم العالمي وخبرتهم القديمة في التجارة والتسويق، وهذا الامر قد يؤدي الى فكرة اعتماد لبنان كمركز لإعادة تصدير المنتجات السعودية الى الاسواق العالمية وخاصة اوروبا وافريقيا وهو امر يعود بالنفع بلا شك على كل من المملكة ولبنان والقطاعين الاقتصاديين فيهما». وتوقّف عسيري مطوّلا عند الاستثمار الاجنبي في المملكة «الذي اولاه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - اهتماماً كبيراً بحيث مكّن منشآت الاستثمار الاجنبي من التمتع بالمزايا والحوافز والضمانات التي تتمتع بها المنشآت الوطنية السعودية بحسب الأنظمة والتعليمات». أضاف: «إن الأسباب التي تدعو الى الاستثمار في القطاعات الاستراتيجية التي تمتلك فيها السعودية مزايا نسبية عالية عديدة جداً. فالمملكة هي القلب النابض في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا والذي يبلغ تعداد سكانه حوالي 400 مليون نسمة كما ان المملكة هي ضمن الاقتصادات العشرين الأكبر في العالم وتحتل المرتبة الاولى في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا والمركز 22 ضمن 185 دولة في التصنيف العالمي من حيث سهولة اداء الاعمال وفقا لتقرير «ممارسة اداء الاعمال» لعام 2013 الصادر عن مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي. اضافة الى تميز البيئة الاستثمارية في المملكة بالتطور المستمر وهو امر يمثل عامل جذب هام للاستثمار الاجنبي». وأشار سفير المملكة: «انطلاقاً من هذه الحوافز والمزايا إنني ادعو المستثمرين اللبنانيين الى التفكير جديا بالتوجه الى اسواق المملكة والاستفادة من هذه الحوافز والتسهيلات والمميزات. وانني اضع بين ايديكم العنوان الالكتروني للهيئة العامة للاستثمار في المملكة، وهو : WWW.SAGIA.GOV.sa وختم السفير عسيري بقوله: «إن البلاد بحاجة الى تهدئة سياسية يواكبها سهر على الأمن واعلام غير منفعل يسعى الى التهدئة وليس الى تأجيج الخلافات والى تقديم الصورة الجميلة عن لبنان وليس الصورة التي تخيف المواطن وتبعد السائح. (...) مفتاح جذب المستثمر والسائح وتنشيط الاقتصاد وتحقيق موسم اصطياف واعد هو كلمة «استقرار»، والذي نأمل من صميم القلب ان نصل اليه قريباً جدا». من جهته قال شماس «ان السعودية هي المستثمر الاول في كل قطاعاتنا الانتاجية والعقارية والمودع الاول في المصارف اللبنانية والمستورد الاول للمنتجات اللبنانية والمشغل الاول للقوى العاملة اللبنانية. هذا يدل على اهمية دور المملكة خصوصاً، وهذه العلاقة تأثرت منذ عام حتى اليوم بسبب الاحداث السورية ونحن موجودون لاعادة هذه العلاقة بين البلدين». وأشار أسعد الأزهري الى أن الاستثمارات السعودية في لبنان تؤدي دوراً رئيسياً في نطاق الاستثمارات الاجنبية وخصوصاً العربية البينية منها، لافتا: «في العقد الاخير، بلغت الاستثمارات السعودية المباشرة في لبنان نحو 5 مليارات دولار، اي ما يقارب 28 في المئة من الاستثمارات العربية البينية او 19 في المئة من اجمالي الاستثمارات الاجنبية، وبهذا تكون المملكة المستثمر المباشر الاول في لبنان». وتابع: «تتوزع الاستثمارات السعودية المباشرة على ثلاثة قطاعات رئيسية: القطاع العقاري الذي يستحوذ على معظم الاستثمارات ثم القطاع المصرفي ومن بعده القطاع السياحي. وتقدر الاستثمارات السعودية في القطاع المصرفي بنحو مليار دولار او ما يقارب ال8 في المئة من اجمالي رأس مال المصارف العاملة في لبنان. بالاضافة الى استثمارات الحافظة التي تشمل ودائع في البنوك واستثمارات في الاسهم والسندات اللبنانية، ناهيك بالقروض والمنح الرسمية التي فاقت ال2,5 مليار دولار».