حرِص سفير المملكة العربية السعودية في لبنان علي عواض العسيري في لقاء أمس، نظّمته جمعية تجار بيروت حول «سبل تطوير النشاطات التجارية بين المملكة العربية السعودية ولبنان»، مع هيئات اقتصادية وتجار وصناعيين، على تأكيد متانة العلاقات السياسية والاقتصادية بين لبنان والمملكة. ووضع العسيري، إمكاناته مع فريق عمل السفارة في بيروت، في تصرّف رجال الأعمال والتجار والصناعيين للتعاون معهم، على حلّ كل المشاكل التي تعترض النشاطات الاستثمارية والتجارية البينية. واقترح تشكيل لجنة من رجال أعمال كبار، تحدد المشاكل وتضع الحلول. وأكد أن «لا تعقيدات في منح التأشيرات للبنانيين، ويحصل مقدم الطلب عليها في اليوم ذاته من تقديمه». وأشار إلى أن «الأشقاء اللبنانيين معروفون بانفتاحهم وتواصلهم العالمي وخبرتهم القديمة في التجارة والتسويق، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى فكرة اعتماد لبنان مركزاً لإعادة تصدير المنتجات السعودية إلى الأسواق العالمية، خصوصاً أوروبا وأفريقيا». وركّز السفير السعودي على الاستثمار الأجنبي في المملكة «الذي أولاه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز «اهتماماً كبيراً، بحيث مكّن منشآت الاستثمار الأجنبي من التمتع بالمزايا والحوافز والضمانات الممنوحة للمنشآت الوطنية السعودية». من هنا، حضّ المستثمرين اللبنانيين مراراً على «التفكير جدياً في التوجه إلى أسواق المملكة والإفادة من هذه الحوافز والتسهيلات والمميزات»، مشيراً إلى أن العنوان الإلكتروني للهيئة العامة للاستثمار، هو WWW.SAGIA.GOV.SA/AR. ورأى العسيري، أن الاستقرار السياسي والأمني هو «المؤثر الأكبر على الوضع الاقتصادي»، لذا أكد أن لبنان «يحتاج إلى تهدئة سياسية يواكبها سهر على الأمن وإعلام غير منفعل، يسعى إلى التهدئة وليس إلى تأجيج الخلافات، والى تقديم الصورة الجميلة عن لبنان وليس الصورة التي تخيف المواطن وتبعد السائح». وأبرز حرصه من خلال هذا الكلام، «لأننا على أبواب موسم الصيف الذي يعول عليه الاقتصاد اللبناني، الفنادق والمطاعم وشركات تأجير السيارات والشقق المستأجرة والأسواق، التي تنتعش بمجيء السياح وتساهم في إنعاش الاقتصاد». وكشف أن السائح السعودي «معتاد على المجيء إلى لبنان، وهو لا يزال مستعداً لذلك، في حال توافر الاستقرار الأمني وشعر بأنه يستطيع التحرك بحرية مع أسرته من دون خوف من التعرض لأذى». وشدد العسيري، على «حرص المملكة على كل مقيم فيها، واللبنانيون يتمتعون بكل الحقوق فيها، وهم مشاركون في التنمية». استثمارات متبادلة واستهل اللقاء رئيس الجمعية نقولا شماس، مؤكداً أهمية السعودية بالنسبة إلى لبنان، ولفت إلى أن العلاقة بين البلدين «تأثرت منذ عام حتى اليوم بسبب الأحداث السورية، ونحن موجودون اليوم في هذا اللقاء وفي هذا التوقيت تحديداً، لإعادة الزخم لهذه العلاقة». وأعلن رئيس مجلس إدارة «بنك لبنان والمهجر» سعد أزهري، أن الاستثمارات السعودية في لبنان «تؤدي دوراً رئيساً»، لافتاً إلى أن «تلك المباشرة بلغت نحو 5 بلايين دولار في العقد الأخير، أي نحو 28 في المئة من الاستثمارات العربية البينية، أو 19 في المئة من الاستثمارات الأجنبية الإجمالية، وبهذا تكون المملكة المستثمر المباشر الأول في لبنان». وأشار إلى أن هذه الاستثمارات «تتوزع على قطاع العقارات الذي يستحوذ على معظمها، ثم المصارف ومن بعدها القطاع السياحي»، مقدّراً قيمتها في القطاع المصرفي «بنحو بليون دولار أو نحو 8 في المئة من رأس مال المصارف العاملة في لبنان، إضافة إلى استثمارات الحافظة التي تشمل ودائع في البنوك واستثمارات في الأسهم والسندات اللبنانية، ناهيك بالقروض والمنح الرسمية التي فاقت 2.5 بليون دولار». واعتبر السفير السعودي في لبنان، أن حجم التبادل التجاري «لا يتناسب مع العلاقات التاريخية بين البلدين ولا مع تطلعات قيادتيهما وشعبيهما»، مشيراً إلى أن هذا الحجم «بلغ 783 مليون دولار عام 2012 منها 434 مليوناً واردات لبنانية من المنتجات السعودية، و359 مليوناً صادرات لبنانية إلى الأسواق السعودية». وفي نظرة «مدققة» إلى الأسباب التي تؤدي إلى ذلك، رأى أن «الأوضاع الأمنية والسياسية التي يعيشها لبنان منذ فترة تؤثر مباشرة في التبادل التجاري بين المملكة ولبنان وعلى الاستثمار والمستثمرين السعوديين في لبنان، وعلى مجيء السائح السعودي». ولم يغفل «تأثير الأحداث في سورية على التبادل التجاري، لأنّها تشكل المعبر البري الوحيد للبنان». وعن طريقة إيجاد العوامل الجاذبة للاستثمار السعودي في لبنان، شدد العسيري، على أن «أي مستثمر في أي بلد يبحث عن ضمانة لاستثماره التي يوفرها الاستقرار السياسي والأمني والنقدي». لذا، أعلن أن لبنان «مدعو إلى مزيد من العمل على توفير هذه الضمانات لأنها لا تطمئن المستثمر السعودي والعربي فقط بل المستثمرين العالميين، لأن لبنان يتمتع بمزايا استثمارية كثيرة مهمة أبرزها موقعه الجغرافي كهمزة وصل بين الشرق والغرب وتعددية ثقافة أبنائه وانفتاحهم وخبرتهم في المجالات الاقتصادية وبراعتهم في مجال الخدمات». واعتبر أن من المفيد للبنان أن «تعيد الجهات الرسمية قراءة للضرائب والرسوم والقوانين المفروضة على المستثمرين». وقدمت جمعية التجار درعاً للسفير العسيري، تقديراً للجهود التي يبذلها لتعزيز العلاقات بين البلدين وتطويرها.