أتفهم ويتفهم الكثيرون في وسطنا الرياضي أن يقبل رئيس الاتحاد السعودي أحمد عيد بسياسة الأمر الواقع حينما كان رئيساً مكلفاً بعد استقالة الأمير نواف بن فيصل بأن يحاول أن يمضي بسفينة الاتحاد لشاطئ الأمان بالإبقاء على اللجان، والقبول بفرض بعض الخيارات والصمت على بعض التدخلات؛ لكن أن يبقى الحال على ما هو عليه حتى بعد تتويجه رئيساً منتخباً للاتحاد فهذا ما لا يمكن أن نفهمه أو حتى أن نقبل به. واقع اتحاد الكرة اليوم يفرض حقائق لا يمكن أن نتجاوزها، إلا إذ قبلنا أن ندس رؤوسنا في الرمال، فرئيس الاتحاد السعودي لا نراه يقبض على مفاتيح الاتحاد بقبضة قوية، ربما يمسك ببعض المفاتيح الصغيرة نعم، لكن ثمة مفاتيح لا نكاد نراها في يده، وأبسط المراقبين يدرك ذلك، حتى بدا لدينا – للأسف الشديد - وكأنه رئيس بالوكالة، وهو الذي يسجله تاريخ الرياضة السعودية كأول رئيس منتخب لاتحاد الكرة. من تابع مشهد الانتخابات الآسيوية منذ إعلان ترشيح الدكتور حافظ المدلج، مروراً بالخيارات التي اتخذها والأداء الذي مارسه وحتى يوم زيارة رئيس الاتحاد الآسيوي الجديد الشيخ سلمان بن إبراهيم إلى جدة يستطيع أن يستنتج مساحة الدور الذي يلعبه أحمد عيد، بل أعظم من ذلك ففي تلك الزيارة تحديداً كان رئيس اتحاد الكرة أشبه بضيف شرف، أما الاتحاد السعودي برمته فكان خارج الصورة تماماً، وهو ما يكشف حقيقة توزيع الأدوار في مشهدنا الكروي اليوم. لست أنا من يقرأ المشهد هكذا، بل حتى أعضاء اتحاد الكرة وأقرب المقربين من أحمد عيد نفسه أدركوا الحقيقة، أولم يكتب الدكتور عبدالرزاق أبو داود ممتعضاً: "أداؤنا في الانتخابات الآسيوية انعكاس واضح وصريح لمستويات أدائنا المحلية في إدارة شؤون المجنونة"؟!، قبل أن يتساءل عن مدى وأهمية وصلاحية التجربة الكروية الداخلية السعودية، ثم أليس هو نفسه من قال في تصريح صارخ محتجاً فيه على التدخل في شؤون الاتحاد "حتى الآن لا زلنا كأننا مجلس إدارة نسير الأمور، ولم أكن أتطلع من الدخول في المجلس لأكون مسيراً. فأنا أنشد التطوير لمصلحة كرة القدم السعودية، إن لم أكن قادراً على ذلك فالأولى أن أذهب إلى بيتي"؟! ليس هذا وحسب بل حتى الأداء الإعلامي يكشف جانباً من هشاشة الاتحاد، وليس بعيدة عنا تصريحات احمد عيد حول "كبائن العائلات" وما شهدتها من تقلبات، وقبل ذلك البيان المرتبك والضعيف الذي صدر رداً على اتهامات المدلج، بل حتى قرارات الاتحاد بدت مرتبكة هي الأخرى؛ بدليل ما حدث من لغط بين القناة الرياضية السعودية والاتحاد على إثر سماحه لمراسلي القنوات للدخول في منطقة "المكس زون" في كأس الملك"، وغيرها من القرارات التي كشفت ولا زالت تكشف عن فقدان السيادة على الاتحاد، الذي بدا بالفعل وكأنه يدار بالوكالة ! نحن مع احمد عيد قلباً وقالباً كرئيس منتخب، ولكننا معه حينما ينجح في فرض سيادته على الاتحاد، وينجح بعد ذلك في تطبيق البرنامج الانتخابي الذي ساقه للجلوس على كرسي الرئاسة، خصوصاً وقد أصبح ذلك البرنامج هو وثيقة العمل التي أجمع عليها أعضاء الاتحاد، وقبل بها الوسط الرياضي مختاراً أو مرغماً، وإن لم ينجح في ذلك فالخوف كل الخوف أن ينفرط عقد الاتحاد إن عاجلاً أو آجلاً؛ خصوصاَ بعدما علق أبو داوود الجرس، فتنفرط معها أول تجربة ديمقراطية من نوعها في اتحادنا الكروي.