لو تأملنا القفزات التي خطّتها المملكة بعهد أبو متعب الملك المحبوب عبدالله بن عبدالعزيز لوجدنا أن من أبرزها الابتعاث. لا أزال أذكر حديثاً دار مع الدكتور أبو يعرب المرزوقي - مستشار رئيس الحكومة التونسية المُستقيل - وعلّق قائلاً: "لو لم يُقدّم في عهد الملك عبدالله من مشاريع إصلاحية إلا برنامج الابتعاث لكفى"!. هذا البرنامج الذي يذكّرنا بأوائل الرحلات من أجل العلم التي كانت لدى اليونانيين قبل الميلاد. مدارس وأكاديميات يذهب إليها طلاب العلم والمستزيدون من المعارف. وما منا إلا من يعرف أقرباء وقريبات له وقد استفادوا من برنامج الملك عبدالله للابتعاث. سيدخل هؤلاء إلى بيوتهم وإلى مقار عملهم بعقلية جديدة وبأسلوب جديد وقد اكتسبوا اللغات الجديدة والمعارف الحديثة. ولعلي هنا أقف مع نموذج المبتعثين بأمريكا وتحديداً بواشنطن والتي أتواجد بينهم حالياً، ولعلي أقف مع الملحق المثابر القريب جداً من المبتعثين ولا ينسون محاضرته التي ألقاها وهو يرتدي "الكاجول" بكل تواضع وقرب من أهله المبتعثين والذي أجابني: "هو جامعة الملك عبدالله للابتعاث"! يصرّح الدكتور محمد العيسى أن: "الطالب السعودي هو أقل الطلاب من مختلف الجنسيات الذين يتعرضون للمشاكل، وقد لا تعد قضايا الطلاب السعوديين على أصابع اليد الواحدة أو أقل، وهناك برامج توعوية تبدأ من السعودية، وهناك خدمات تقدم لهم منذ هبوط الطائرة السعودية حتى وصولهم إلى مقر إقامتهم ومن ثم إجراء تسجيلهم وتسجيل جوازاتهم، وفي اليوم الأول لوصول الطالب للولايات المتحدةالأمريكية يتم عقد لقاءات تعريفية ببرنامج الابتعاث وجميع المزايا المقدمة للطالب بدءاً من المستحقات المالية وما للطالب وما عليه وحتى إعطائه التأمين الطبي الذي تم تطويره أخيراً وتم التعاقد مع شركة من أفضل شركات التأمين الطبي في الولاياتالمتحدةالأمريكية". الابتعاث في أميركا من أنجح نماذج الابتعاث التي حَدَثَتْ بها، ولا ريب أن أمريكا هي منبع علمي أساسي للعالم أجمع لا للعالم العربي فحسب. أخذت الملحقية الثقافية دورها البارز في تهيئة الأجواء المناسبة للطلاب والطالبات للمشاركة في الفعاليات والمناشط، وبحسب العيسى:" لدينا 102 نادٍ طلابي يضم مختلف الأطياف الفكرية في المجتمع السعودي يجتمع فيه الطلاب بشكل أسبوعي، لديهم أنشطة ولديهم أيام سعودية ويحتفلون بالمناسبات الوطنية وبالأعياد ويشاركون الأمريكيين وغيرهم المناسبات المختلفة، وهذه بمثابة البيت الآمن لهم، وبالنسبة للمراهقين لم تسجل مثلما قلت لك سابقاً إلا حالات بسيطة جداً لا تكاد تذكر، لكنه يتم تضخيهما بشكل أو بآخر، والأندية الطلابية التي ذكرت لك يتم الإشراف عليها من قبل الجامعات الأمريكية، وهي حلقة وصل بين السعوديين والجنسيات الأخرى في تلك الجامعات". معالي سفير خادم الحرمين الشريفين الأستاذ عادل الجبير كان واضحاً في حديثه حين قال إن الصورة السلبية للسعوديين في أميركا قبل عدّة سنوات بعد أحداث 11سبتمبر قد انتهت، فسألت معالي السفير إذاً نعدّ أن برنامج الابتعاث هو من أنجع القرارات والوسائل الفكرية في محاربة الإرهاب ردّ قائلاً: "نعم فلم ينضم أو يرتبط مبتعث واحد بتنظيم القاعدة أو أي تنظيمات إرهابية". في تلك الرؤية الفريدة التي يطرحها معالي السفير الأستاذ عادل الجبير والملحق الثقافي الدكتور العيسى، وهي قناعة عميقة بمعناها وهي ضمن حلم الملك عبدالله أن يوجد مجتمعاً متعايشاً مع الآخرين، بل وضمن مشروع الملك الكبير في الحوار بين أبناء الوطن الواحد وبين الأديان عامةً.. المهم أن الابتعاث أو جامعة الملك عبدالله للابتعاث قد بدأت وقد لَفَتَ المبتعثون أنظار العالم إليهم بإنجازاتهم وتميزهم ومُدّد إلى خمس سنواتٍ قادمة، وقد اطلعت بنفسي على الملحقية بالولاياتالمتحدة ووجدتها أنموذجاً للتلاقي بين المسؤولين والمبتعثين، ومن هنا يأتي دور التوجيه والإشراف من قبل معالي سفير خادم الحرمين الشريفين في الولاياتالمتحدة عادل بن أحمد الجبير في تحقيق رؤية ملك بكل تفوق وتميز وإنجازات تتحدث عن نفسها بالأرقام.