دفعت الظروف الاقتصادية الصعبة، والأزمات المالية التي تعاني منها بعضُ الدول الأوروبية، بسبب تفاقم آثار الركود وانتشار البطالة، إلى البحث عن سبلٍ جديدةٍ يتم فيها مساعدة المتضررين من الأزمة، وهي أفكار جديدة، وقد توصفُ أحياناً بالمبدعة، ولكن ما يميزها هي سرعة التنفيذ والإنجاز، وعدم التردد. من هذه الأفكار التي تستحقُ التقدير والإعجاب، فكرة تأسيس مطعم لمساعدة الفقراء، وهو الأول من نوعه في مدينة تيراسا الواقعة في مقاطعة كاتالونيا الإسبانية، وتقوم فكرةُ هذا المطعم على أساس تقديم وجبات الطعام للفقراء، ليس نظير مال، إنما مقابل القيام بأعمالٍ لصالح المطعم بكل ما يحتاج إليه من تنظيف الصحون، أعمال الطبخ، خدمة الزبائن وغيرها. وقد تم تأسيس المطعم لمد يد العون للمحتاجين الذين لا يملكون النقد أو الكاش، لدفع ثمن الوجبة، ولكنهم قادرون على العمل لساعةٍ أو أكثر لتأمين قوت يومهم، ومن محاسن هذه الفكرة أيضاً الحدّ من فكرة التسول مقابل الطعام، كما أنها تمكنُ الفقراء من الاستمتاع بوجبة غداء فاخرة أو طيبة، مقابل "ساعة عمل". كما هو معتادٌ، قد تقابل هذه الفكرةُ الجديدةُ النقدَ من طرفنا، لأننا في الأغلب نجيد هذا الفن أكثر من غيره، ولكنّها تروقُ لي وبشدة، خصوصاً عندما نعلم أن هذا المشروع هو ثمرةُ تعاونٍ بين بلدية المدينة، و30 جمعيةً خيريةً، قد تكون هذه النقطة التي أرغب في وضع تحتها عشرات الخطوط "التعاون المشترك بين الجمعيات الخيرية"، بإيجاد عملٍ منظمٍ ومؤسسٍ بطريقة تخدم المجتمع بصورة منظمةٍ غير عشوائية. نريد أن نرى أساليبَ خيرية إبداعية جديدة، وحاضرة معنا، وفي حياتنا اليومية، تجارب سهلة الوصول والتطبيق، كما هي فكرة بنك الطعام "جمعية إطعام"، والأساليب الحديثة في التسويق، واندماجها في المجتمع، خصوصاً في مجتمع الأطفال والأسر، لتكون حاضرةً في حياتنا اليومية. ولعل الأهم من ذلك توحيد الجهود والتنسيق بين الجمعيات الخيرية في إيجاد مشروعٍ مؤسسي كبير، يوفر فرص عملٍ أكثر من دعمٍ ماليٍّ؛ أفكار أكثر إبداعاً بما يتناسب مع عاداتنا وتقاليدنا. * رئيس تحرير مجلة فوربس العربية