أكد خبراء ومختصون على أن العلاقة بين وسائل الإعلام والعلاقات العامة لا تزال بحاجة إلى مزيد من التنسيق، وبناء الثقة، والتعاون القائم على تلبية احتياجات الجمهور، من خلال خطاب إعلامي ينسجم وطبيعة الجمهور النشط -الذي تحول بفعل التقنية إلى صحفي يوثق المعلومة وينقلها من مصادر عدة-، إلى جانب تأسيس منظومة من إجراءات التأهيل للمهنة، والتخصص في العمل، والصناعة في تقديم المضمون. وتباينت آراء المشاركين في حلقة النقاش عن "العلاقات العامة ووسائل الإعلام: نحو بناء علاقة تكاملية" في ختام أعمال الملتقى الثاني للجمعية السعودية للعلاقات والإعلان يوم أمس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في وصف هذه العلاقة، حيث يرى البعض أنها حتمية، وآخرون "جافة"، بينما يرى فريق ثالث أن العلاقة لا تزال نفعية. وقال "د.علي بن دبكل العنزي" -أستاذ مساعد في قسم الإعلام بجامعة الملك سعود- إن العلاقة بين وسائل الإعلام والعلاقات العامة هي علاقة حتمية بين مصدر المعلومة، وناقلها، مشيراً إلى أن التأهيل لا يزال ينقص طرفي العلاقة، خاصة في مجال وسائل الإعلام والصحافة تحديداً، ممن يمثّل المتعاونون فيها نسبة (90%) تقريباً، وهو ما يعني أن التخصص في مهمة العمل محدود جداً، إلى جانب أن بعض القائمين على العلاقات العامة لا يزالون ينظرون إلى وظيفتهم أكثر من تطوير مهنتهم. د.أحمد الجميعة خلال مشاركته في أعمال الملتقى ووصف "أ.د.محمد الحيزان" -المستشار والمشرف العام على العلاقات العامة والإعلام بوزارة التعليم العالي- العلاقة بين وسائل الإعلام والعلاقات العامة ب"الجافة"، ثم بدا أكثر توازناً في تعليله من أن هذا لا يقلل من التعاون المثمر بينهما، ولا يغلّب مصلحة أحد على الآخر، مستدركاً أن عناصر قلّة الخبرة، وضعف التأهيل، وغياب التخصص ساعدت أكثر على هذا الجفاء، مستشهداً بتجارب عملية وصلت أحياناً إلى فقدان الثقة بين الجانبين، وتحديداً حينما ينفي أحدهما مقولة الآخر، وهو ما وصل بينهما إلى حد التسجيل المشترك أثناء نقل وتبادل المعلومات. بينما يرى الزميل "د.أحمد بن محمد الجميعة" -مدير التحرير لشؤون التحقيقات- أن العلاقة بين وسائل الإعلام والعلاقات العامة لا تزال في معظمها علاقة نفعية، مصالحية، شخصية، ووصلت إلى مستوى من المجاملة التي أضرت بالمهنة، ومستويات النشر، وأخرجت جيلاً من الصحفيين النفعيين ممن قبلوا على أنفسهم ومهنتهم بالمعلومات المهداة، وتسابقوا على نشرها، بل وصل الأمر إلى أن خبر العلاقات العامة يصل إلى الصحيفة من أكثر من صحفي. وقال إن استراتيجية ردود العلاقات العامة على التغطية السلبية المنشورة في بعض وسائل الإعلام بأساليب النفي، والتهرب من المسؤولية، والتقليل من شناعة الحدث؛ لم تراع في مجملها وعي الجمهور النشط الذي تجاوز مثل هذا النوع من العلاقة، والخطاب الركيك، والمرتبك أحياناً في مضمونه، على الرغم من أن الجمهور اليوم أصبح يملك المعلومة من مصادر عدة، بل أصبح منتجاً لها، من خلال تواجده في مواقع الحدث، ومشاركاً ومتفاعلاً معها في مواقع التواصل الاجتماعي، مشيراً إلى أن المخرج الوحيد لبناء علاقة تكاملية -وليست مثالية- قائمة على الشراكة، والندية أحياناً بين وسائل الإعلام والعلاقات العامة؛ هي في التحول من ثقافة التمرير للمعلومة إلى الصناعة، وتحديداً في تقديم منتج إعلامي يرضي غرور الجهة، وطموح الصحفي، ويلبي احتياجات الجمهور. ويرى الزميل الأستاذ "محمد الغامدي" -مساعد رئيس تحرير صحيفة الشرق ومدير مكتبها في الرياض- أن معظم القائمين على العلاقات العامة في الجهات الحكومية والخاصة هم صحفيون، وبالتالي لا يزال الدور الوظيفي طاغياً على أدائهم أكثر من العمل المهني؛ بمعنى أن خدمة مصالح المنظمة وقادتها، والتبرير لهم هي في مقدمة أولوياتهم. يذكر أن الزميل "د.فهد الطيّاش" -أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود- قد أدار حلقة النقاش، كما أجاب المشاركون على تساؤلات واستفسارات الحضور.