اليوم نستكمل بقية المقال السابق ..فعندما يكون الحديث عن مرارة الحياة واللوعة فإن الكلمات تعجز عن التعبير، والقلم يصعب عليه الكتابة، فمن يحس بمثل هذه المشاعر الأليمة تصيبه الحيرة فيما يكتب، وفيما يعبر عنه، ولعل الشاعر عبدالله يوسف المزيني لامس أحاسيس من عاشوا لوعة الأيام، وحرقة المصائب، حيث عبّر عما أصابه من ضيم ولوعات حدثت في حياته من خلال هذا البوح الإنساني المؤثر: لابأس يا عين عن النوم شايمه تسهر تقل عن لذّة النوم صايمه إليا عرضت النوم عافت لذيذه وعيا يلايمها وعيّت تلايمه إليا استلذّت لذّة النوم عافته وأعلن وجوده عن حماها هزايمه وإن قلت في غب السهد ريحيني بقت على موج الشقا العين عايمه ومن اشد لوحات الحياة عندما تبقى آثارها في حياة الإنسان يصارع هذه الحرقة والألم، ونجد مشاعر الشعراء أكثر معاناة خاصة عندما تزداد قسوة الأيام وفي هذا الاتجاه جسّد الشاعر عبدالله العضيّاني مشاعره التي تختلج بين الحنايا بقوله: آه يا قلبي من الشوق واللوعات آه الجروح اللي تتالت خفوقي ملها كيف أعذل القلب عن نيته وأخلف نحاه القلوب إلى تنحت غصب وش نعمل لها يا شقا قلبٍ تبلاه شوقه وابتلاه كل ما يسلى تجيه الهموم بحلها ولوعات الحياة.. هي ابتلاء من المولى -عز وجل- يتعرّض لها كل إنسان في بدنه أو أبنائه أو ماله أو أهله ... الخ، لهذا لابد من التعايش مع الواقع الذي يعيشه الإنسان، ويتوجب عليه الإيمان بالله، والرضا بالقضاء والقدر، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ) إن المؤمن إذا أصابه السّقم ثم عافاه الله منه كان كفارة لما مضى من ذنوبه، وموعظة له فيما يستقبل، وإن المنافق إذا مرض ثم عوفي كان كالبعير عقله أهله، ثم أرسلوه، فلم يدر لم عقلوه ولم أرسلوه)، وما يحدث في الأيام من الأسقام واللوعات ترهق الإنسان، وتنكل به، وتضعفه، فلا يتذوق طعم السعادة من يعاني لوعات الحياة. قبل النهاية للشاعر الرائع مشهور الذيابي: يا دنيتي كلي ألم كلي حزن كلي جروح كلي همومٍ قاسيه صبري عليها ما قوى الله وأكبر يا خفوقي كيف أعبر كيف أبوح وبداخلك جرح نزف سهمٍ على قلتي نوى كتبت في خد الزمن مأساة بحر وبي تنوح قلبي لها عن كل عينٍ حاقده صان وحوى