لم يعد الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة إلى أرض الوطن نهاية الأسبوع مثلما أعلنه طبيبة الخاص البروفيسور رشيد بوغربال الذي عاينه قبل نقله السبت الماضي إلى المستشفى العسكري فال دوغراس" وقال بعدها في تصريحات للصحافة المحلية أن التوعك الصحي لبوتفليقة "عابر" و أن الرئيس "يحتاج لفترة نقاهة قصيرة" وسيعود إلى مزاولة مهامه. ولا يعرف الجزائريون الذين وّجه إليهم الرئيس بوتفليقة من فرنسا رسائل قرأها التلفزيون الرسمي في نشراته الرئيسية بمناسبة الاحتفال بعيد العمال في الاول من مايو الجاري ونهائي كاس الجمهورية لكرة القدم واليوم العالمي لحرية التعبير التي أعلن فيها بوتفليقة إقرار يوم 22 أكتوبر، يوما وطنيا للصحافة في الجزائر، لا يعرفون المكان الذي منه يخاطب الرئيس بوتفليقة مواطنيه، أهو من المستشفى، وفي هذه الحالة فإن بوتفليقة ما يزال يخضع للعلاج، أم من إقامة خارج المستشفى، حيث لم يظهر التلفزيون هذه المرة صورا للرئيس مثلما فعل العام 2005، عندما نقل صورة لبوتفليقة برفقة طبيبه الخاص البروفيسور زيتوني وهو مبتسما بإقامته الباريسية قائلا للجزائريين "ليس هناك ما أخفيه عليكم". و فسح التسيير الإعلامي الحالي لملف مرض الرئيس الجزائري من قبل الرئاسة المجال لانتشار الإشاعات التي كانت قد تحدثت عن موت بوتفليقة، كما فتح النقاش مجددا حول مرّد الضبابية التي تتعاطى بها الرئاسة مع الوعكة الصحية لبوتفليقة وبقاء الطبيب الخاص للرئيس الجزائري، الذي لم يتنقل معه إلى فرنسا، المصدر الوحيد للمعلومات بالنسبة لوسائل الإعلام المحلية وقول الأخير أنه يستقي المعلومات حول وضع الرئيس من مقربين لبوتفليقة رافقوه إلى باريس على رأسهم شقيقي الرئيس سعيد وناصر و هذا في وقت لم يتوقف خصوم بوتفليقة منذ الإعلان عن نقله إلى فرنسا عن المطالبة بضرورة تفعيل المادة 88 من الدستور التي تتحدث عن "استحالة ممارسة الرئيس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن'' بالأخص و أن بوتفليقة كان قد لفت الأنظار في الفترة الأخيرة بقلة نشاطاته وتحركاته الرسمية داخل الوطن وخارجه وصار يوكل ذلك إلى رئيس مجلس الأمة باعتباره الرجل في الدولة أو وزيره الأول عبد المالك سلال. ولم تنجح الصحف في الجزائر بما فيها تلك المقرّبة من دوائر النفوذ من معرفة شيئا مؤكدا حول الوضع الصحي الحقيقي للرئيس بوتفليقة، ولا تاريخ عودته، في ظل تضارب المعلومات حول خروجه من عدمه من المصح العسكري، و اكتفاء وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية بالقول إن الفحوصات الطبية الإضافية التي أجراها الرئيس الجزائري في فال دو غراس "لا تبعث على القلق". و راحت صحف مناوئة للسلطة تشير أن الملف الصحي للرئيس الجزائري يوجد الآن بين يدي عسكريي فرنسا ولا يعرفه الأطباء الجزائريين، فيما طالبت أحزاب، على رأسها الحزب الإسلامي الأهم في البلاد "حركة مجتمع السلم (حمس) بإضفاء شفافية تامة على الحالة الصحية للرئيس. و اعتبرت الحركة أن طمأنة الرأي العام على الحالة الصحية لرئيسهم "تقتضي الشفافية التامة والمتابعة المحينة على أعلى مستوى وبكثير من الاحترافية لإنهاء حالة الترقب المفضي للمزايدات والإشاعات" وكان الرئيس بوتفليقة سنة بعد وعكته الصحية الأولى و أثناء خروجه من لقاء جمعه العام 2006 بوزير الداخلية الفرنسي آنذاك نيكولا ساركوزي بقصر المرادية خاطب بنبرة حادة ممثلي الصحافة المحلية والفرنسية الذين حاولوا استفساره عن وضعه الصحي معربا لهم عن أمله في أن لا يطرح رجال الإعلام الأسئلة المتعلقة بصحته مستقبلا لأن الموضوع "انتهى" ولأنه ببساطة كما قال "تعافى" قبل أن يدعوهم إلى "الكف" عن تناول ملف صحته لأنه "إنسان مثله مثل باقي خلق الله".