يعاني قطاع الإسكان في السعودية من مشاكل بالجملة، تتصدرها المعضلة المستعصية على الحل، وهي قلة توفر الأراضي المتاحة للتطوير، إضافة إلى غلاء أسعار العقارات الذي يمثل تهديداً لقدرة الأفراد الشرائية، خاصة في ظل تنامي الطبقة المتوسطة بصورة كبيرة، والنقص الحاد في المعروض من الوحدات السكنية في معظم المدن الرئيسية، ما يضع ضغوطًا كبيرةً على قطاع الإسكان. وبينما تسعى وزارة الإسكان جاهدة لإقامة مشروعات سكنية جديدة في إطار تنفيذ مشروع حكومي يقضي بإنشاء 500 ألف وحدة سكنية، لا تزال نسبة كبيرة من شرائح المجتمع عازفة عن التعاطي مع مثل هذه المشروعات بنظرة تفاؤلية بسبب الصورة القاتمة التي رسمتها أزمة الإسكان وغياب الخطط والحلول الإبداعية لهذه الأزمة، والتي انعكست بدورها على طريقة تفاعل المجتمع مع أي مبادرات في هذا الخصوص حتى وإن كانت نتائج مثل تلك المبادرات تحمل الشيء الكثير من الإيجابية في المستقبل. والغلاء الفاحش في أسعار العقارات أصبح محور مجالس الكثير من السعوديين، خاصة جيل الشباب الذين يمثلون نحو 60 في المائة من السكان، وهؤلاء لا يمتلكون مساكن، فهم إما مستأجرون وإما أنهم يعيشون مع أسرهم، وسط استمرار حالة من القلق وعدم الارتياح التي لا تزال تسيطر على جميع النقاشات والأحاديث داخل المجتمع السعودي بسبب أزمة الإسكان في السعودية. وفي هذا الإطار، وصف متخصص في التطوير والإستثمار العقاري ، قضية الإسكان في السعودية ب» المعقدة» و»المتشابكة»، والتي تتجاذبها اعتبارات وأبعاد كثيرة بحكم المرجعيات والأطراف المتعددة المتصلة بهذا القطاع الحيوي على حد تعبيره، مشدداً في الوقت نفسه على أن دخول قانون الرهن العقاري حيز التنفيذ سيدعم فعلياً حلول انفراج أزمة الإسكان المحلية. م.عبدالرحيم التويجري واعتبر المهندس عبدالرحيم التويجري الرئيس التنفيذي لشركة ميزات للتطوير، أن هناك صعوبات جمة وتحديات كبرى تواجه قطاع التطوير العقاري، ويتمثل أول تلك التحديات في توفير منتج ذي جودة عالية وبسعر بيع مقبول للشريحة المستهدفة بحسب كل مشروع، إلى جانب قلة توفر الأراضي المتاحة للتطوير والتي لم تكتمل فيها الخدمات مع ارتفاع أسعارها، مشيراً إلى أن تدفق الاستثمارات للمضاربة في بيع وشراء الأراضي خلال الأعوام الماضية ساهم في ارتفاع الأسعار بشكل غير مبرر في بعض المناطق، الأمر الذي يستلزم ضرورة حدوث تصحيح للأسعار في ظل الارتفاعات الكبيرة في المناطق البعيدة وغير المخدومة. وأضاف :» على سبيل المثال في مدينة الرياض فقط تشكل مساحة الأراضي البيضاء المخططة وغير المخططة حوالي 70 في المائة ، لذا فإن تصحيح الأسعار سيساعد إلى عودة التوازن بين كمية العرض والطلب ويؤدي إلى دعم الشركات العقارية المطورة بهدف المساهمة في عملية توفير الوحدات السكنية المناسبة للفئات المختلفة». وحول الاستراتيجية الوطنية لمعالجة الأزمة الإسكانية، قال المهندس عبدالرحيم التويجري: إن الدولة تعير الموضوع اهتماماً كاملاً وذلك من خلال الإعلان عن إعادة هيكلة ثم دعم وزارة الإسكان وصندوق التنمية العقارية، والذي اعلن مؤخراً عن برامج متعددة ، ما يعطي مؤشراً على العمل المستمر في إيجاد حلول للتمويل العقاري للأفراد ولمعالجة الأزمة الإسكانية. وتابع :» لكننا يجب أن ندرك أن حجم العمل المطلوب إنجازه ضخم ويتطلب الإسراع في إصدار وتفعيل الأنظمة والقوانين التي تنمي صناعة التمويل والتطوير العقاري. إضافة إلى أن تسريع الإنجاز سيتم بتضافر جهود مشتركة من قبل جميع القطاعات ذات العلاقة العامة والخاصة، ولذلك فإننا نأمل أن يكون لدى وزارة الإسكان المرونة الكافية لتعطي مجالاً لشركات التطوير للمساهمة في تنفيذ مشاريع إسكانية تتناسب وتطلعات المواطنين وبحسب المتطلبات والمواصفات المعتمدة لديها، وأن تقوم كذلك بتحفيز المطورين مثل الدعم في عملية تقديم ضمانات وتسهيلات لدى البنوك وشركات التمويل عند تنفيذ تلك المشاريع التي تتوافق مع توجهات الوزارة حتى تتمكن من تحقيق أهداف استراتيجيتها في توفير مسكن لكل مواطن، وحتى تتماشى مع معدلات النمو السكاني المستقبلية المتوقعة، فتستطيع بذلك تحقيق عدة أهداف أهمها تنفيذ أكبر عدد من الوحدات السكنية في وقت أسرع وبتكلفة أقل». وطالب المهندس عبدالرحيم التويجري بإقامة شراكة حكومية مع القطاع الخاص لمعالجة الأزمة الإسكانية وذلك بطرق متنوعة لإيجاد حلول متعددة متكاملة، مضيفاً:» لقد أعلن سابقاً عن توجه صناديق الاستثمار الحكومية للدخول في مجال الاستثمار في مشاريع الإسكان من خلال المساهمة المباشرة في شركات التمويل أو بتمويل تلك الشركات بمنتجات مالية مختلفة أو بدعم مشاريع شركات التطوير إلا أن تلك المبادرات تسير بوتيرة بطيئة بعض الشيء ما يزيد من تراكمات الأزمة وصعوبة معالجتها»