تعد خطوة توقيع عقد رعاية الدوري السعودي للمحترفين مع شركة عبداللطيف جميل خطوة نحو مستقبل مشرق وآفاق جديدة تحمل فكرا وثقافة برؤية إدارية وفنية في ظل الخطط التي تعنى برياضة كرة القدم حيث يفترض أن تنعكس إيجابا على رياضتنا بشكل عام فالدوري السعودي بهذه الرعاية قد أصبح الرابع عالمياً كأعلى قيمة عقد "حسب تصريحات رئيس لجنة دوري المحترفين" عدا الفرص الاستثمارية الأخرى فالأمور أصبحت منطقيا وعلى الورق أكثر تفاؤلا بتطوير الرياضة وإيجاد مكتسبات لها وأن تستمر آثار ذلك على الأندية وحقوقها. لقد تعودنا أن نسمع بالأرقام الكبيرة في الكثير من العقود والمشاريع والصفقات ولكن في مقابل ذلك نفتقد الكيف والفكر والعمل المثمر ولعل حال لسان الشارع الرياضي يقول لا نريد ولن نبحث عن مكتسبات في ظل الوضع القائم والفكر الحالي بقدر ما نبحث فيه عن حقوقنا المشروعة فقط فلقد عانت الأندية وهي تطالب في كل مناسبة بحقوقها المتأخرة المترتبة على عقود رعاية سابقة والتي تمثل المخصصات من المباريات والإعلانات والنقل التلفزيوني والإعانات فالفجوة بين الجهات الرياضية الرسمية والأندية لا تزال واسعة وليس هناك طاولة مستديرة لإدارة الحوار لذلك أتمنى من النقاد والمحللين والمتابعين عدم الإفراط في التفاؤل بتمجيد الدوري السعودي للمحترفين والتسرع في ذلك بإعطائه أكبر من حجمه وأكثر مما يستحق فمقومات النجاح لا يزال الكثير منها غائباً والتي لا ترتكز على النواحي المادية فحسب فهناك الكيف والإنجاز والعطاء والعمل المنظم الذي يعتمد على العمل الرياضي المؤسسي ولكني بالتأكيد لا اصادر حق أي احد بطرح تفاؤله. يفترض أن يشكل عقد رعاية بهذا الرقم وهذه المرتبة العالمية نقلة نوعية في رياضة كرة القدم على كافة القطاعات والفئات فبخلاف دعم الأندية من خلال صرف حقوقها أولاً بأول لا بد أن يكون هناك مكتسبات تعود نتائجها على رياضتنا ومنتخباتنا كالدعم المباشر للمشاريع الرياضية وإقامة الاكاديميات المتخصصة باكتشاف وصقل وتطوير المواهب وكذلك إنشاء مركز طبي رياضي متطور ومتكامل والمشاركة الفعالة والايجابية مع الإعلام والشارع الرياضي بشكل عام فبالمستويات العالية والتنافس الشريف في ظل الإشراف وتفعيل دور المتابعة والمراقبة وبالتالي المحاسبة سيكون لدينا دوري متكامل من كافة الجوانب. حضور مخيب للآمال فقدت كرة القدم السعودية خلال الاعوام الماضية الكثير من مكتسباتها وتراجع حصادها وحضورها ومستواها وبالتالي سمعتها ومكانتها وتصنيفها فكان تواجدها خلال أكثر من محفل سواء على مستوى المنتخبات بفئاته السنية أو مشاركة أنديتها الخارجية مخيبة للآمال وجاءت بنتائج عكسية وغير مرضية سببت الكثير من حدة الأزمة الرياضية فيها وأوجدت ساحة من التضارب والتراشق وتصفية الحسابات في المنظومة الرياضية إذ لم تتطلع إلى ما هو منتظر منها على الرغم أنه وللإنصاف لا تنقص الرياضة السعودية المواهب ولا الخبرة أو التمرس ولا الدعم المستمر والمتابعة الدقيقة فالفرصة دائما مهيأة أمام الأخضر والظروف تبدو في أغلب الأحيان مناسبة. اعتقد أن أكثر المسببات والحقائق المكشوفة والتي أدت إلى الأزمة الرياضة ترجع إلى أمور غاب فيها الفكر والثقافة والمهنية في فهم الأنظمة وتطبيق الاحتراف وقصور في العمل والإخلاص طغى عليها التخبط والعشوائية والمجاملات قضت على العديد من الكوادر والمواهب وعدم تطوير البنية التحتية والاكتفاء بملاعب ومنشآت تقادم عليها الزمن والعديد من النواحي الفنية والإدارية فالوعود أكثرها لم تنفذ والإصلاحات كان أكثرها بمثابة مسكنات وكذلك ميول الإعلام وتعصب الشارع الرياضي فباختصار اجتماع مسببات عدة شكلت عائقا كبيرا وحجر عثرة أمام طريق الرياضة السعودية بشكل عام ورياضة كرة القدم بشكل خاص فبالتأكيد إن ما تعرضت له رياضتنا في الفترة الأخيرة يعد نكسة ومعاناة ربما يمتد أثرها إلى وقت أطول ما لم تعالج الأمور بسرعة وتتدارك مواطن الخلل ويكون هناك تدخل وإصلاح لرياضة تملك تاريخا وسمعة واعتادت دائما أن تكون في الواجهة والشارع الرياضي فيها لا يرضى بغير البطولات والإنجازات. وللحقيقة توجد في السعودية مجموعة من الكوادر الرياضية القيادية الإدارية والفنية والتي تملك الطموح وروح التحدي والإصرار والعزيمة وهذا ما نلمسه في الآونة الأخيرة من انتخابات على مستوى كرسي رئاسة اتحاد كرة القدم وتشكيل اللجان وإصدار اللوائح والأنظمة حيث الجهود والعمل على تفادي الكثير من الأخطاء السابقة والتي تهدف إلى تصحيح المسار بمنهجية الإدارة كمزيج من العلم والفن وإعادة هيبة بطل مفقودة بعد الوقوف على المشاكل والسلبيات والمعوقات التي كانت تعاني منها الرياضة السعودية وتقديم الحلول والعلاج من خلال الدراسات والخطط والبرامج التي تكفل ذلك ولعل المشاركة القادمة للمنتخب السعودي والمستقبل القريب تكون بداية التصحيح ليس على مستوى النتائج فحسب بل حتى على مستوى الحضور والتنظيم والهيبة. * الرياض