في العامية الكلمة "جرايد" تعني الغصن الذي يحمل سعف النخلة. والفصحى منه "جريد". هذا هو شعار الجريدة اليومية الألمانية tageszeitung ذات الاتجاه اليساري وقد تأسست هذه الصحيفة المتعدية للحدود الإقليمية سنة 1979. ووجدتُ ووجدتْ صحافتنا المحلية وقُرّاؤها يبحثون عن مواضيع وطروحات جديدة يطل بها كاتب أو مُحرر على قرائه خاصة إن كان الموضوع يبحث في "السياسة". وإذا تفحّصنا واقع الحياة وجدنا أن كل شيء مرتبط بالسياسة، فارتفاع أسعار الطماطم مثلاً خبر اقتصادي في كنهه ومطوقه، لكنه سياسة. وكثرة العمالة السائبة موضوع اقتصادي واجتماعي، لكنه أيضاً سياسة إذا بان أن أولئك العمال جاءوا لغير "حاجة" البلد.. لكن ل "حاجة" في نفس يعقوب..! فالأول والأخير سياسة في سياسة!! ومن استجار بمقالات المطالبات ومفرداتها الكثيرة فسيمتلئ قاموسه الاتهامي بكل ما يدين هذا وذاك. وشخصياً، بودي أن اسمي "نافذة الرأي" اسماً غير هذا. لكنني أصارح القراء أنني لم اختره، ولا أعرف كيف جاء، لأنني عندما بدأت الكتابة في "الرياض" كنت أظن أن تحديد عنوان الزاوية هو من مهام الجريدة.. أو هو جزء من "سياسة" داخلية في عالم التحرير الصحافي. بالمناسبة وجدتُ في اللسان لابن منظور أن إطلاق مفردة "صحفي" خطأ والصحيح "صحافي" لأن الأولى تعني القراءة الخاطئة، من صحّف. ويؤلم أصحابَ الجرائد ومحرريها وحتى رؤساء التحرير هزأ أو سخرية البعض من القراء، من جهدهم. وفي لبنان،، كثرت المطبوعات حتى أن اثنتين أو ثلاث مطبوعات يظهرن للعلن وقت الصيف، عندما يكثر أهل الخليج في المصايف، وكانت تلك المطبوعات ذوات مردود إعلاني وتوزيعي مُربح. وعُرف آنذاك أن كل حزب لبناني له صحيفته. وتُغلق الصحيفة، ثم تُعاود الصدور بتوجّه آخر، وسبحان مُقسّم الأرزاق. وقالوا في مصايف جبال لبنان إن بائع الصحف كان يسير ومعهُ رُزم من الصحف يبيعها. وينادي من الرصيف: «نصب كبير والضحايا ألفين». ولم يجد المهتمون وقتا للتفحص فيشترون الجريدة. وعندما يعود البائع قادماً من الاتجاه الآخر يكون قد وزّع أكثر، وينادي: «نصب كبير والضحايا ألفين وخمسين». لا حظوا زاد عدد الضحايا..! والناس في حماسهم يبحثون عن الخبر المثير، والبائع يُوزّع. وإن صادف وفتح المشتري الصحيفة فلن يجد سوى خبرا عاديا.