تمكين المواطن من الحصول على مسكن ميسر ضمن حدود دخله يمثل أحد أبرز الأهداف التي تضمنها التنظيم المعتمد لوزارة الإسكان، وتشجيع إنشاء جمعيات تعاونية للإسكان هو أحد مهام الوزارة لتحقيق بعض ما تضمنه تنظيمها من أهداف، إلا أنه وحتى الآن لا توجد في المملكة سوى جمعية إسكان تعاونية واحدة فقط، تأسست منذ نحو سبع سنوات، ولم يتضح حتى الوقت الحاضر أن لها أي نشاط أو مشروعات ضمن إطار تخصصها، رغم مرور فترة زمنية على الترخيص لها بممارسة مهامها في هذا المجال، أو الجمعية الخيرية. إن النشاط التقليدي لجمعيات الإسكان التعاونية هي قيامها من خلال الاستثمار الجماعي لأعضائها في بناء مساكن أو شراء أراض لهؤلاء الأعضاء لغرض السكن ومزاولة أنشطتها الأخرى في مجال خدمات الإسكان المتعددة، ولأن تلك الجمعيات مؤسسات اجتماعية غير هادفة للربح وتتلقى دعماً حكومياً بوجه أو بآخر تكون تكاليف شراء أعضاء الجمعية أو استئجارهم للوحدات السكنية التي توفرها الجمعية أقل من الأسعار السائدة في السوق بلا شك، إلا أن هذا الوجه التقليدي الذي يتيح لعضو الجمعية وحدة سكنية بعينها تملكاً أو استئجاراً، ظهرت بموازاته أوجه غير تقليدية لنشاط هذه الجمعيات التعاونية في مجال خدمات الإسكان. من تلك الأوجه غير التقليدية هو قيام بعض هذا النوع من الجمعيات التعاونية بإقامة مشاريع إسكان متعددة الوحدات وربما فئاتها أيضاً (فيلات و شقق سكنية)، تكون ملكيتها مشاعة بين أعضاء تلك الجمعية، وتحدد أنصبتهم وفق حصص مقسومة على أسهم متساوية في قيمة المشروع الواحد، إلا أن قيمة تلك الحصص تتفاوت بمقدار ما يشتري كل منهم من أسهم في ذلك المشروع، في ذات الوقت لكل واحد منهم حق السكن في وحده من وحدات المشروع، بموجب عقد إيجار طويل الأجل، مرهونة قيمة العقد بما يمتلكه من حصة في ملكية المشروع المشاعة، وله أيضاً حق المشاركة في إدارة المشروع بحكم الملكية المشاعة من خلال مجلس إدارة لملاك المشروع، وعند رغبة أحد الملاك في عدم الاستمرار بالإقامة في وحدات المشروع فإنه يكتفى ببيع أسهمه التي اشتراها وليس وحدة بعينها كما هي العادة في مشروعات الإسكان الأخرى التقليدية. إن هذه الآلية تتيح للأسر ذات الدخل المنخفض الحصول على حق السكن في وحدات سكنية ملائمة ومنخفضة التكاليف في ذات الوقت، تتلاءم وقدرتها المالية في شراء حصة ولو قليلة نسبياً من أسهم مشروع إسكان مشاعة الملكية بين سكانه، كما أنها ترسخ لدى أفرادها الاستقرار والانتماء لمكان السكن من خلال المشاركة في إدارته والمساهمة في تولي مسؤوليات تشغيله، فهل نرى مثل هذه الآليات غير التقليدية في الحصول على السكن الملائم يجري تطبيقها في بعض مشروعات الإسكان لدينا.