على الرغم من تراجع الطلب (نسبياً) على المساكن الجاهزة في السعودية، المعد منها للتأجير، أو المعد للتملك، إلا أنه لا يزال كبيراً ويفوق العرض حتى في ظل تراجع الأسعار. والحديث عن الحاجة ليس بقصد توجيه السوق، أو تحسين التداول، بل التحذير من موجة تضخم مقبلة في ظل جملة من العوامل التي لا تخرج أبدا عن سياق الأزمة العالمية. محلياً شجع النمو الواضح في القدرات البشرية على مستوى القطاع الخاص في سعي تلك المنشآت إلى حفز تلك القدرات من خلال تأمين مساكن لهم، سواء بأجور رمزية، أو تحملها جزءا من فوائد تقسيطها بغرض تملكها من قبل الموظفين، ومن الأمثلة على ذلك شركة سابك، الكهرباء، ارمكو، الجامعات السعودية التي دعمت أخيراً بعشرة مليارات ريال لإسكان أعضاء هيئة التدريس. كل ذلك سوف يؤدي على المدى (البعيد) وأعني سنة من الآن، إلى ارتفاع الطلب (الجملة) على المشاريع السكنية، الأمر الذي يدفع أصحاب تلك المشاريع إلى البيع لتلك الجهات أو التأجير لها، وعدم الاكتراث في طلبات الأفراد. (الرياض) استطلعت في رصدها الأسبوعي عددا من القراء من خلال موقع (الرياض الالكتروني) عينة بلغت 9420 شخصاً، رأى 48% منهم بضرورة عودة بدل السكن لموظفي الدولة، و31% يرى أهمية دعم الدولة لقطاع الإسكان، و14% يقترح إنشاء هيئة عليا للعقار، في حين أن 7% منهم لا يعلم كيف يمكن وضع آلية مناسبة لتنظيم سوق الإسكان. على الرغم من النمو اللافت لقطاع الإسكان بصفة خاصة والعقارات بصفة عامة إلا أنه يواجه معوقات كثيرة منها تعدد الجهات المسؤولة عن السوق العقاري، وتأخير الإجراءات، بالإضافة إلى عدم توافر العمالة الكافية لتنفيذ المشاريع، حيث تم إدخال العمالة ضمن آليات «السعودة» رغم عدم وجود عامل سعودي واحد يمكن تعيينه عامل بناء، مما دفع المستثمرين (في السابق) إلى اللجوء للاستثمار في الدول المجاورة نتيجة للتسهيلات الكبيرة التي يجدونها هناك. كما تأتي مشكلة عدم السماح أو عدم وضوح نظام الارتفاعات على الشوارع الرئيسة، وصعوبة إخراج المستأجر من العقار، في مقدمة المعوقات. وتهتم الحكومة السعودية بتلمس احتياجات المواطنين ورفع المعاناة في قضية المسكن وبدا هذا واضحا من خلال إنشاء هيئة عامة للإسكان التي أعلن عنها أخيراً لتوفير المسكن المناسب الذي يُلبي احتياجات المواطن. ويقول عقاريون انه لايجاد حلول للمشكلة السكانية يجب دعم الحكومة للتمويل العقاري عبر تفعيل دور صندوق التنمية العقارية، وتحسين أدائه والنهوض به واقتراح مجموعة خيارات حديثة كبرامج تمويلية ليقدمها للجمهور بالإضافة للخيارات المتاحة حاليا فيما يخص كم القرض وفترة سداده ونوعه وان يبدأ بتمويل الشقق السكنية لمن يرغب وكذلك مراجعة طريقة عمله بأسلوب حديث. بالإضافة إلى تحسين برامج البنوك التمويلية المقدمة حالياً وتراعي مصلحة المواطن مع ضمان حقوقها كاملة. ولم يلق قطاع الإسكان الاهتمام الكافي بعد برنامج الإسكان العام الذي طُرح منذ عقود واقتصر على مدن معينة ومن ثم جاءت بعض البرامج السكنية كبرنامج الإسكان التعاوني، والإسكان الشعبي، والإسكان الخيري، وبرنامج الإسكان الحكومي الذي نقلت مهامه بعد قرار إلغاء وزارة الإسكان إلى وزارة التخطيط وأخيراً جاء القرار بنقلها إلى هيئة الإسكان بعد موافقة مجلس الوزراء على تأسيس هيئة عامة للإسكان وحُدد هدفها الأساسي بتوفير المسكن المناسب وفقاً للخيارات الملائمة لاحتياجات المواطنين وذلك وفق برامج تضعها الهيئة لهذا الغرض. وساهمت مشروعات الإسكان الممولة سواء من القطاع العام أو القطاع الأهلي أو التعاوني بطرق مباشرة وغير مباشرة في توفير السكن الصحي اللائق لذوي الدخول المحدودة والأسر الفقيرة. وبالإضافة إلى البرامج الإسكانية الحكومية، قام القطاع الأهلي بتمويل عدد من المشروعات السكنية لذوي الحاجة والفقراء خصوصاً في مكةالمكرمةوالرياض وذلك بخلاف مجهود القطاع الخاص النشيط في مجال الإسكان. وكثيرا ما تأخذ المشكلات الإسكانية الحقيقية شكلاً مستتراً لا تظهر للعيان، إذ تتخفى مثل هذه الفجوات الإسكانية في شكل من أشكال التزاحم السكني، يتمثل في تعدد الأسر داخل المسكن الواحد ويتم حساب ذلك بقسمة عدد الأسر بالجهة على عدد المساكن بنفس الجهة. وتتوزع مهام واختصاصات قطاع الإسكان في المملكة على عدد من الأجهزة الحكومية وشركات القطاع الخاص وبعض المؤسسات الخيرية. ولم تقتصر جهود حكومة خادم الحرمين على الدعم المالي فقط بل طالت المشكلة بأبعادها المالية والتشريعية والتنظيمية ووضع الخطط والبرامج الاستراتيجية للسنوات المقبلة. وتعد نسبة ملكية المنازل متدنية نسبياً بالنسبة لدولة مثل المملكة العربية السعودية ذات الكثافة السكانية الكبيرة، حيث تمتلك نحو 30 % من الأسر السعودية منازل لها، بينما تشكل القروض السكنية 2% فقط من الناتج المحلي الإجمالي. وكانت الهيئة العامة للإسكان، قررت في اجتماع لها، استكمال إجراءات تخصيص الأراضي اللازمة لمشاريع الإسكان، واستصدار صكوكها الشرعية، التي حُدد أن تكون ابتداء في المناطق الأكثر احتياجا. ويأتي سعي هيئة الإسكان باتجاه الانتهاء من ملف تخصيص الأراضي، تمهيداً لطرح مشاريعها السكنية للتنفيذ خلال المرحلة المقبلة، التي خصصت لذوي الدخول المتوسطة والمنخفضة. وأعطت الأولوية في عملها للمناطق الأكثر احتياجا للسكن، في الوقت الذي تتحدث فيه دراسات مسحية عن حاجة أكثر من 800 ألف سعودي للمسكن. وأنهت الهيئة العامة للإسكان تصاميم بعض مواقع المشاريع السكنية، التي ستقام في كل من: منطقة جازان (إسكان أبو حجر1) في محافظة أحد المسارحة، ومنطقة الجوف (إسكان سكاكا1)، و(إسكان محافظة القريات)، ومحافظة الحدود الشمالية (إسكان محافظة طريف). وستقوم بطرح مشاريعها تباعا في منطقة الحدود الشمالية (عرعر ورفحاء)، والمنطقة الشرقية (حفر الباطن)، التي سيتم طرحها فور استكمال إجراءات التخصيص من وزارة الشؤون البلدية والقروية، والفراغ من قبل كتابات العدل. واستعرض اجتماع مجلس إدارة الإسكان، ميزانية الهيئة المعتمدة للعام المالي الحالي. وأقر مشروع لائحة المشتريات، والتكليف بالأعمال، ومشروع اللائحة المالية الخاصة بالهيئة، تمهيدا لمناقشتها مع وزارة المالية، وفقا لتنظيم الهيئة. وتشير الإحصائيات إلى أن عدد المساكن في السعودية يصل إلى نحو 4 ملايين وحدة سكنية، بحسب التعداد العام للسكان والمساكن قبل 4 سنوات، تم تنفيذ نحو 75% منها بتمويل من القطاع الخاص. وتعكس الأرقام الواردة من مصلحة الإحصاءات العامة، أن صندوق التنمية العقاري قام بتمويل بناء 500 ألف وحدة سكنية، في الوقت الذي أسهمت فيه برامج الإسكان العامة في الدولة بتوفير 24 ألف وحدة سكنية. ويؤكد عقاريون أنه من الضرورة توفير أراض سكنية مزودة بالخدمات والمرافق وبأسعار مناسبة، خاصة في مناطق التجمعات العمرانية وأهمية إعطاء أولوية الحصول على القروض المقدمة من صندوق التنمية العقارية للمواطنين من ذوي الإمكانيات المحدودة. ويظل المسكن مطلبا أساسيا لكل أسرة وفرد في البلاد، كما ان تأمين المسكن الصحي الملائم للأسرة السعودية يمثل أساسا استراتيجيا، وحيث إن كلفة امتلاك السكن تستحوذ على النسبة الكبيرة من الدخل بعد الغذاء وهو ما يمثل عبئا كبيرا على هذه الأسر المتوسطة الدخل، وحيث إن الأمانات هي التي تُعد الجهاز الخدمي الذي يقوم بتنفيذ المهام ومنها تخطيط المدينة وهو الأساس الذي تنطلق منه التنمية العقارية من خلال المخططات العامة والاستثمارية، وبالتالي فانها تضطلع بمهمة إعداد المخططات وتوصيل الخدمات إليها. وأشار عقاريون إلى انه يقع على البنوك حملاً كبيراً بتوفير قروض ميسرة خاصة مع تطبيق الرهن العقاري في السعودية الذي سيساعد على ضمان البنوك لحقوقها. وأكدوا انه على المطورين إيجاد مخططات بأسعار تكون معقولة وفي متناول اليد حتى يتمكن الأفراد من شراء الأراضي، خاصة مع ازدياد الراغبين في الشراء في الوقت الحالي، على أن تكون تلك المخططات داخل النطاق العمراني للمدينة. وكان تقرير صادر عن مجموعة سامبا المالية توقع أن تبلغ قيمة عمليات بناء الوحدات العقارية الجديدة في المملكة نحو (484) مليار ريال وذلك بحلول العام (2010م)، كما توقع أن تحتاج المملكة إلى بناء نحو (2.6) مليون وحدة سكنية جديدة وذلك حتى العام (2020م) أي بمعدل متوسط يبلغ نحو (163700) وحدة سكنية. وأوضح التقرير أن الوحدات السكنية تستحوذ على (75%) من إجمالي النشاط العقاري بالمملكة، بينما في دبي فإن 80% من التنمية في فيها قائم على الاستثمار العقاري، وسيكون هنالك حاجة لاستثمار نحو (75) مليار ريال سنوياً من أجل استيفاء الطلب السنوي على الوحدات السكنية في المملكة حتى العام (2020م).