يُمثل حضور الموظف إلى عمله وانصرافه في الوقت المحدد أحد مؤشرات الانضباط والالتزام، وتستكمل هذه الصورة حينما يتوج ذلك بحسن الأداء واحترام متطلبات الوظيفة وتسهيل أمور المراجعين وإنهاء المعاملات في الوقت المحدد، وهذا شأن الموظف الناجح والمنظم في حياته، كما أن هذه الصورة من الالتزام تؤدي بطبيعة الحال إلى أن ينعكس ذلك على مستوى الإنتاج وقيمة العمل. في المقابل هناك موظفون لا يمتلكون قدراً من الانضباطية أو احترام مهام الوظيفة، مما يؤدي إلى خلل متدرج في دورة العمل وكذلك تعطيل مصالح الناس، إضافةً إلى خلق صورة ذهنية سلبية لدى المجتمع عن تلك المنشأة، مما يوجد نوعاً من التذمر وعدم الرضا، كل ذلك نتيجة عدم تقدير المسؤولية وعدم الالتزام بمتطلبات الوظيفة، من هنا برزت أهمية متابعة حضور الموظفين وانصرافهم، عبر اعتماد "نظام البصمة" الذي يُعد الأفضل، إلى جانب أنه يُعد وسيلة لا يمكن التلاعب فيها، كما أن الأهمية تتطلب إيجاد جهة تراقب العمل وأداء الموظف، مع تثقيف المديرين والمشرفين وحثهم على ربط الإدارة بالأهداف. تعميم «نظام البصمة» بدلاًً من «توقيع الحضور والانصراف».. والإحراج حينما يغيب أو يتأخر المسؤول مؤشر انضباط ويُعد الالتزام بالحضور والانصراف في الوقت المحدد من أهم مؤشرات الانضباط في العمل لدى كثير من الموظفين والجهة التي ينتمون إليها، لكن هناك شريحة كبيرة دفعتهم ظروفهم للحضور المبكر بسبب خروجهم من المنزل لإيصال الأبناء للمدارس فكانوا أول المتواجدين، إلاّ أنهم لا يحققون الإنتاجية والجودة المطلوبة ومن هنا نتساءل: هل نحن بحاجة فقط لجهة تراقب دفتر الحضور والانصراف أم أن الوضع يتطلب أن يكون هناك جهة تراقب العمل وأداء الموظفين لمهامهم؟، وهل طبيعة العمل التي تعتمد اليوم على الأجهزة الإلكترونية وسيلة لتقييم ومعرفة الجهد لكل موظف؟، هل نحن بحاجة أيضاً إلى اللباقة والمرونة مع المراجعين وأصحاب الحاجة؟، أعتقد أن كل هذه الأشياء مهمة في بيئة العمل ومطلوبة من كل شخص بدءا من مدير الإدارة وانتهاء بأصغر الموظفين. إنجاز معاملات الجمهور بحاجة إلى انضباطية وإنتاجية في العمل (أرشيف «الرياض») مصدر قلق وقال "د.صالح بن عبدالعزيز التويجري" - محاضر في جامعة القصيم -: إن عدم التقيد بإثبات الحضور والانصراف، والتحايل على ذلك يمثل ظاهرة ملحوظة، وهي محل تذمر المراجعين والمدرين لِمَ لذلك من سلبية واضحة على سير العمل، يقابلها حضور منضبط من غير انتاج يليق، وهذا يمثل مصدر قلق أيضاً، مضيفاً أن هناك من الموظفين إنسان يحضر، لكنه غير منتج ولا يشعر بالذنب تجاه هذا التقصير وما يترتب عليه من تعطيل لمصالح المراجعين وإلحاق الضرر بشؤونهم، مشيراً إلى أن هناك أعمال يمكن ضبطها من حيث الحضور والانصراف، خاصةً التي تتم داخل المكاتب ومقار العمل، لكن ثمة أعمال لا يمكن أن يتم فيها ضبط سلوك الموظف بشكل كامل كالأعمال الميدانية، فهي تخضع لمدى التزام وأمانة الموظف مع واجباته الوظيفية الخارجية، وفي هذه الحالة يكون الرقيب على الشخص هو ضميره وأمانته. نظام البصمة أفضل وسيلة لمتابعة الحضور والانصراف استشعار المسؤولية وألقى "د. التويجري" باللائمة على بعض المراجعين الذين يأتون عند الدقائق الأخيرة من نهاية وقت العمل ويريدون إنهاء معاملتهم بسرعة البرق!، وقد يحتاج الوضع إلى اتخاذ عدد من الإجراءات قد يمتد الوقت لإنهائها واستكمالها إلى ما بعد الدوام الرسمي، وهذا ما يجعل الموظف يرفض المباشرة بها؛ لأنه يشعر أنه سوف يكون ملزما بإكمالها، وهذا سيكون على حساب وقته ووقت زملائه خارج العمل، مبيناً أن مما يعين على الانضباط والإنتاج تقوية الإيمان لدى الموظف بأن الله عليم ومطلع على كل أحواله، وأنه سبحانه وتعالى هو الرقيب على كل حركاته وسكناته، وأن الأجر الحلال فيه بركة وخير كثير، وهذا ما يجب أن يستشعره كل شخص موكل إليه عمل أو حاجة من حوائج الناس يتقاضى مقابلها أجراً. د.صالح التويجري وتمنّى أن يكرّس لدى الموظف استشعار المسؤولية تجاه حقوق المراجعين ومتطلبات الوظيفة، وأنه يمثل حلقة مهمة ضمن سلسلة منظومة العمل التي قد تتعثر في حال غيابه أو تكاسله أو تهاونه، ليمتد تأثير ذلك على بقية أفراد فريق العمل المكلفين باستكمال بقية الإجراءات، مما قد يحدث الفشل وعدم النجاح في تقديم الخدمة كما يجب، مُشدداً على أهمية الرقابة الذاتية والزيارات المفاجئة من جهات الاختصاص. عبدالله القعير نظام البصمة وعن الطريقة الأفضل لضبط الحضور والانصراف قال "إبراهيم أبا الخيل" - مدير الموارد البشرية بالغرفة التجارية الصناعية بمنطقة القصيم-: إن "نظام البصمة" هو النظام الأفضل لضبط الحضور والانصراف في بعض القطاعات، مع العلم أنه لا يغني عن الرقابة اليومية المباشرة للموظف وأداءه لعمله وتواجده في مكان العمل. إبراهيم أبا الخيل وأكد "عبدالله بن سليمان القعير" - نائب مدير إدارة المتابعة بصحة القصيم - على أن الطريق الأفضل لضبط حضور وانصراف الموظفين يأتي من خلال تفعيل "نظام البصمة"، معتبراً ذلك وسيلة لا يمكن التلاعب فيها. وحول تأثير استخدام الوسائل التقنية الحديثة في القطاع الحكومي بدلاً من دفتر الحضور، ذكر "أبا الخيل" أن استخدام الوسائل التقنية الحديثة في القطاع الحكومي لا يكفي، بل يلزم توزيع المهام بين الموظفين ومحاسبتهم على التقصير في إنجاز تلك المهام، مبيناً أنه بقدر ما نحن بحاجة إلى أن نراقب التعامل مع دفتر الحضور والانصراف، فإن الوضع يتطلب أن يكون هناك جهة تراقب العمل وأداء الموظف، إضافة إلى ذلك فإنه يلزم تثقيف المديرين والمشرفين وحثهم على ربط "الإدارة بالأهداف"، موضحاً أن طبيعة العمل التي تعتمد اليوم على الأجهزة الإلكترونية كنظام "الأكسس كنترول" تُعد فعّالة جداًّ، وكافية في معرفة جهد كل موظف. دور رقابي وأوضح "القعير" أن العمل بحاجة دائماً إلى مراقبة الأداء، وكذلك المراجعة الداخلية حتى تتضح الصورة عن مستوى تفاعل الموظف مع مهام عمله، من خلال تفعيل الدور الرقابي والمتابعة وإعداد جداول زمنية للجولات التفتيشية، تعملها إدارات المراقبة على جميع القطاعات صباحية ومسائية وأيام المناوبة، مع إعداد التقارير اللازمة ومعالجة السلبيات، لافتاً إلى أن استخدام الأجهزة الإلكترونية في تصريف الأعمال كما هو سائد في معظم القطاعات الخدمية تمثل وسيلة غير كافية لتقييم ومعرفة جهد كل موظف، لكن يجب مراعاة تطبيق معايير الجودة النوعية والإشادة بالمنتج وتقديم الحافز له. ولأهمية وجود الأنظمة والعقوبات ومدى كفايتها لردع المقصرين قال "أبا الخيل": الأنظمة واللوائح اللازمة لضبط ومعاقبة المخالفين للنظام كافية، لكن المشكلة تكمن فيمن يطبقها ويفعلها على أرض الواقع بشكل يجعلها مؤثرة وذات فائدة. وأكد "القعير" على أن عدم الصرامة في تطبيق الأنظمة والعقوبات يأتي نتيجة المحسوبية، كما يأتي نتيجة ضعف مدير الإدارة المسؤول، وكذلك عدم تفعيل الدور الرقابي، إلى جانب عدم تشديد العقوبة الإدارية في حالة الاستمرار في المخالفات، مشيراً إلى أن المشكلة حينما يغيب أو يتأخر المسؤول، ويبقى قدوة سلبية في العمل.