حوادث المرور لدينا مروعة وأرقام ضحاياها ضخمة. فالإحصائيات تشير إلى أن عدد الوافيات جراء تلك الحوادث قد بلغ عام 2011 إلى 7153 شخصاً. وهذا رقم مهول بالقياس مع عدد سكان المملكة. لأن الرقم إذا قسمناه على عدد أيام السنة تكون نتيجته 20 حالة وفاة كل يوم تقريباً. أي أنه كل ساعة وعشرين دقيقة يموت شخص واحد في بلدنا جراء حوادث السير. وتتركز الوفيات في صفوف من تقل أعمارهم عن 40 عاماً، وذلك بنسبة 73% من إجمالي الوفيات. والأسوأ أن معدل وفيات حوادث الطرق في المملكة، حسب بعض الاحصائيات، بدلاً أن تنخفض قد زادت بنسبة 10% عام 2012. إذاً فنحن أمام طامة بشرية واقتصادية تحتاج إلى علاج، أو على الأقل التخفيف من حدتها. واللوم هنا لا يوجه إلى جهة واحدة. فهذه النتائج المأساوية هي محصلة لعمل غير متقن من قبل العديد من الجهات أهمها المرور والنقل والبلدية ووزارة التربية والتعليم. فهذه الجهات وغيرها كلها تتحمل المسؤولية بهذا الشكل أو ذاك عن تلك الأرقام المروعة لحوادث المرور. وعلى ما يبدو لي فإن الإحصائيات التي تشير إلى أن غالبية حوادث السير التي تشهدها الطرق في بلادنا تعود إلى أخطاء بشرية من قبل السائق يفترض أن تكون مفتاح لحل المشكلة. ولكن بالتأكيد ليس كلها. فوضع اللائمة على السائق وحده هو أسهل الحلول. فنحن نعرف أن تخطيط العديد من شوارعنا لا يتناسب مع معايير السلامة وأن خطوط المسارات الأرضية البيضاء منها والصفراء لا تعطى الإهتمام الذي تستحقه. وهذا أمر يتسبب في الكثير من الحوادث خصوصاً أثناء الليل. كما أن شبه انعدام شبكة المواصلات العامة – فوق الأرض وتحتها- يضطر كل من يسعى لكسب رزقه إلى امتلاك وسيلة لتنقله وهي السيارة. ولهذا فلا غرابة أن يصل عدد المركبات إلى 9 ملايين و400 مركبة. وهذا يؤثر بالتأكيد على الطاقة الاستيعابية للطرق وبالتالي زيادة الازدحام المروري وما ينجم عن ذلك من حوادث سير مروعة. ولا يفوتني في هذه العجالة الإشارة إلى حركة سير الشاحنات التي تزدحم بها الطرقات داخل وخارج المدن. وهذا ليس مصادفة بل نتيجة مباشرة لقلة خطوط السكك الحديدية لدينا. فلو كانت هناك شبكة عامة لسكك الحديد تربط المطارات والموانئ بمحطات القطارات وتربط خطوط هذه الأخيرة بكافة مدن المملكة فإن الكثير من المنغصات التي تنجم عن حركة الشاحنات ما كان لها أن تحدث أصلاً. وأعتقد أن وزارة التربية والتعليم كان بإمكانها أيضاً أن تضطلع بدور آخر في حياتنا لو هي اهتمت بنوعية الكتب والدروس التي تقدم. فالسلامة المرورية يفترض أن تصبح أحد المناهج التي تدرس. وضمن هذه الإطار يمكن ترتيب زيارات الطلاب للمستشفيات التي يوجد بها معوقون وجرحى ووفيات نتيجة السرعة وحوادث الطرق. وهكذا فإن كافة الجهات ذات الصلة يفترض أن تدرس الوضع المأساوي المروري الذي نحن فيه حتى يتسنى لها وضع البرامج التنفيذية لحل المشكلة - أي خارطة طريق.