في الوقت الذي تتقاذف فيه الجهات المعنية مسؤولية مسلسل إزهاق أرواح المعلمات والطالبات في الطرقات المؤدية إلى القرى والمناطق النائية، وبما يفتح باب التساؤلات واسعا حول أسباب تفاقم المشكلة التي تحصد سنويا أرواحا بريئة تسعى وراء رزقها في مناطق نائية بعيدا عن الأهل والأحبة حتى فلذات الأكباد، خصوصا أن المعلمات يقطعن بصفة يومية مئات الكيلومترات ذهابا وإيابا في رحلة يكتنفها الكثير من الغموض، فالموت على الطريق يتربص بالجميع، لأسباب عدة منها السرعة، ضيق الطرق، وأيضا رغبة بعض السائقين في التجاوز الخطأ خاصة أن المركبات متهالكة ومن يجلس خلف مقودها هم في الغالب رجال تعدوا سن الستين أنهكتهم ظروف الحياة.. والنتيجة مزيد من الدماء وعويل لا ينقطع ودفاتر وأقلام مبعثرة على الإسفلت وحزن على فقدان عزيز يبقى في القلب ولا تمحوه الذاكرة بمرور الزمن.. الجهات المعنية بنقل الطالبات والمعلمات تدرس ومنذ عقود طويلة، هذه المعضلة دون أن تصل إلى حل يعالج المشكلة من جذورها، ومجلس الشورى بدوره أشبع المشروع دراسة وتحليلا، فيما أعلنت وزارة التربية والتعليم تسليم مشروع النقل المدرسي إلى شركة نقل تتولى نقل المعلمات والطالبات.. وبين هذا وذاك بحت أصوات أصحاب الشأن وجفت الأقلام. «عكاظ» تتطرق في هذا التحقيق لأصل المشكلة وتستمع للمعلمات وأولياء أمورهن وأيضا المسؤولين والأكاديميين والقانونيين وهذه الحصيلة: كانت البداية من منطقة عسير، التي لا تزال نسبة الحوادث المرورية فيها في ازدياد عاما بعد آخر، وكشفت إحصائية صادرة عن إدارة مرور عسير، ارتفاع الحوادث المرورية التي بلغت نسبتها في عام 1430ه، 1001 حادث وخلفت 640 حالة وفاة، و1705 إصابات، وفي عام 1431ه، سجلت 1278 حادثا مروريا؛ أي بزيادة تبلغ 277 حادثا عن العام الذي سبقه، فيما بلغت عدد الوفيات 740 حالة وفاة بزيادة 100 حالة، وبلغت عدد الإصابات 2113 إصابة، بزيادة بلغت 408 حالات. وأشارت نفس الإحصائية إلى زيادة عدد الحوادث المرورية في عقبة شعار فقط بصفة مضطردة، حيث بلغ عدد الحوادث المرورية في عام 1431ه، 12 حادثا بزيادة ستة حوادث عن 1430ه. وسجلت عقبة ضلع في عام 1431ه، 33 حادثا، راح ضحيتها 12 شخصا، بزيادة أربع حالات عن 1430ه. وأكد مدير مرور عسير العميد سعيد بن مزهر وجود مسببات للحوادث المرورية تتمركز في ثلاثة عناصر؛ السائق، المركبة والطريق، وقال: لدينا طرق بمواصفات عالمية من ناحية السلامة المرورية، إلا أن بعض قائدي المركبات لا يطبقون أدوات السلامة. وهنا بين مدير إدارة شعبة الحوادث في مرور عسير العميد ناصر السلوم، أن الحوادث المرورية في مجملها، ناتجة عن أخطاء يرتكبها قائد المركبة بعدم تقيده بتعليمات وسلامة الطريق، وأن التوخي بالحذر سيقلل من حدوثها، وإذا حدثت ستخلف أقل الأضرار والخسائر في الأرواح والمركبات، دون أن ننفي وجود مشكلات في الطرق أو في طريقة التنفيذ خصوصا أن منطقة عسير لها تضاريس جبلية وعرة، وتحتاج إلى يقظة وانتباه والتزام بقواعد المرور. وحول الطرق التي تكثر فيها الحوادث في المناطق النائية وتذهب ضحيتها المعلمات، وآخرها إصابة ثماني معلمات وسائقهن في عقبة (ردوم)، ذكر مدير عام إدارة الطرق والنقل في منطقة عسير المهندس علي سعيد مسفر، أن العقبات وشبكة الطرق في عسير تخضع للرقابة والصيانة الدائمة، وحظيت المنطقة بالعديد من المشاريع الضخمة كحفر الأنفاق وشق الجبال من أجل فتح الطرق والعقبات أمام تنقل المواطنين رغم تضاريس عسير المتسعة والكبيرة والوعرة، وبالنسبة للعقبات التي تكثر فيها الحوادث المعلمات، فإنه متى ما تقيد قائد المركبات والحافلات بالتعليمات والإرشادات خاصة في الظروف الماطرة والوجود المكثف للضباب سوف تنتهي هذه الحوادث المفجعة. وفي الشأن التعليمي، قال مدير الإعلام التربوي في الإدارة العامة والتعليم في منطقة عسير أحمد الفرحان، إن حوادث المعلمات في عسير قليلة ومحدودة مقارنة بالمناطق الأخرى، ومعظم الحوادث التي سجلت تكون في النقل الخاص وليس النقل الحكومي، وهي حالة فردية تعددت الأسباب حولها، وبعدها سببه صعوبة التضاريس ووعورة الطرق، ويضيف: هناك توجيهات من مدير عام إدارة التربية والتعليم في عسير جلوي كركمان، بالوقوف على أي عائق قد يقف أمام المعلمين أو المعلمات أو الطلاب وتذليل تلك العقبات وبما يسهل العملية التربوية، وتستحدث في كل عام المدارس والمجمعات المدرسية في كافة المحافظات وفي الأماكن التي تحظى بطرق مواصلات تتوفر فيها اشتراطات السلامة المرورية وهناك لجان خاصة بهذا الشأن. بيئة غير محفزة وفي المدينةالمنورة، لا يختلف الوضع كثيرا عن غيره في مناطق المملكة التي تشهد حوادث مرورية أليمة تكون ضحيته طالبات ومعلمات المناطق النائية، وتعد هند الملحس، إحدى المعلمات اللاتي تعرضن لحادث قبل عام تقريبا على طريق المدينةتبوك وهي متجهة لعملها في الصباح الباكر، باتت أسيرة السرير الأبيض لأربعة أشهر، ما أثر على حالتها النفسية، وتعاني في الوقت الحالي من بعض الكسور والجروح التي خلفها الحادث. واعتبرت الملحس الطريق الذي يؤدي إلى خيبر من الخطوط المأساوية التي شهدت وتشهد حوادث مروعة نتجت عنها وفيات وسط المعلمات وإصابة أخريات إصابات بالغة. أما عواطف الجهني، أخت سامية المعلمة التي توفيت في الحادث، فقد أنشأت صفحة على موقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) ونادت بضرورة محاسبة المسؤولين عن صيانة هذه الطرق وتأمينها، وهنا بينت عواطف:بأن أختها تركت طفلا صغيرا سيواجه مشقة الحياة بعد رحيل والدته المعلمة، فيما يواصل زوج الفقيدة عمله في مدينة حائل، ورغم مطالبته بالنقل إلا أن مطالبته لم يتم الاستماع حتى الآن. من جهتها، قالت المعلمة خديجة فلاتة أن نقل المعلمات يجب أن يتم في إطار واضح يصون المعلمة ويحفظها، خصوصا أن عدم وجود آلية محددة جعل كل من لديه سيارة كبيرة يعمل في نقل المعلمات دون أن يتقيد باشتراطات السلامة وفحص المركبة بشكل دوري، أضف إلى ذلك الطرق التي تحتاج للصيانة الدورية خاصة طريق المدينة خيبر، وطريق المدينة الحناكية، فيما بينت ميمونة الجهني أن حوادث السيارات التي تقع للمعلمات ينعكس سلبا على نفسيات جميع المعلمات ويجعلها غير قادرة على التركيز أثناء عملها وعدم وجود بيئة تعليمية محفزة. رحلة نحو المجهول وفي تبوك، ما زال مسلسل حوادث المعلمات مستمرا، وكان آخرها حادث معلمات مركز البدع التابع لمنطقة تبوك ونتج بسبب إهمال السائق وخلف عددا من الإصابات وسط المعلمات تفاوتت حدتها بين الإصابات الخفيفة والكسور المضاعفة، استدعى تنويم بعضهن في العناية الفائقة فيما أصيبت إحداهن بشلل تام. وذكر عدد من معلمات القرى النائية أنهن يتوجهن إلى مقار عملهن في القرى النائية في منطقة تبوك قبيل صلاة الفجر بعد كتابة وصيتهن وتركها في المنزل، وقالت المعلمة (ن.ه) قبل خروجي من المنزل أقبل أطفالي الصغار، وتضيف: أستيقظ في الثالثة فجرا وأقوم بتجهيز نفسي حتى موعد وصول السائق في الرابعة فجرا، حيث نقطع مع زميلاتي المعلمات مسافة 140 كيلومترا للوصول إلى المدرسة، ولا ندري ما إذا كنا سنعود لأطفالنا أم لا، فيما بينت المعلمة (ج.غ) بأنها إحدى الناجيات من حادث معلمات سابق، وكيف شاهدت بعينها زميلات لها وقد توفين في مكان الحادث، وتضيف: ما زلت أعيش المنظر المفجع وأسأل الله لهن الرحمة الواسعة. وفي ختام حديثهن طالبن إدارة التربية والتعليم في منطقة تبوك بمساواتهن بمعلمات المدينة في ما يتعلق بالندب للقرى، وتوفير حافلات وسائقين يتمتعون بالكفاءة وملتزمين بقواعد السلامة حتى لا تحصد أرواح جديدة على حد قولهن. وذكر مدير إدارة مرور منطقة تبوك العقيد محمد علي النجار، أنه وفق الأبحاث والدراسات الخاصة بحوادث المعلمات، فإن المسؤولية تقع على قائد المركبة في المقام الأول، لعدم التقيد بقواعد السلامة، وأنه لم تسجل أية ملاحظات على الطرق، وقال: لم تصل قضية حوادث المعلمات في المنطقة إلى ظاهرة، بل هي حالات فردية تقع في جميع مناطق المملكة، نظرا لاتساع رقعتها ووجود أعداد كبيرة من المعلمات يعملن في سلك التدريس في القرى النائية وفي المراكز. وأضاف النجار: وقع في العام الهجري الماضي 1432ه، حادث مروري لمعلمات محافظة أملج أصيبت خلاله ثمان معلمات وسائقهن، فيما وقع الحادث الآخر في نفس العام، على طريق شرما لمعلمات مركز البدع ونتجت عنه إصابة أربع معلمات والسائق. من جهته، أكد مدير فرع الهلال الأحمر في منطقة تبوك حسين البلوي، عمل فرق الهلال الأحمر في المنطقة وعلى مدار ال24 ساعة في مباشرة الحوادث منذ لحظة البلاغ، مبينا تواجد فرق الإسعاف في كافة أرجاء المنطقة ولا يقتصر الأمر في مدينة تبوك، موضحا إجراء الدراسات لوضع مراكز في بعض المناطق على حسب الاحتياج. بدوره، أوضح مدير العلاقات العامة في إدارة الدفاع المدني في منطقة تبوك العقيد ممدوح العنزي، أن دور الدفاع المدني في هذه الحوادث يقتصر على الإنقاذ فقط. إصابة 16 معلمة وطالبة ولم تكن منطقة نجران بمنأى عن حوادث المعلمات والطالبات لتسجل هي الأخرى قائمة من ضحايا الطرق من المعلمات، حيث وصل عدد الإصابات ما بين معلمات وطالبات إلى 16 إصابة ما بين متوسطة وطفيفة. وقال ل «عكاظ» مدير شعبة الحوادث في مرور نجران الرائد جبران القحطاني، إن مرور منطقة نجران باشر ثلاث حوادث متفرقة خلال العام الماضي لأكاديميات في جامعة نجران، ومعلمات وطالبات في تعليم نجران، وكان الحادث الأول في جمادى الأولى من عام 1432ه لثلاث معلمات في سيارة رسمية تتبع لتعليم نجران، وسبب الحادث الدخول المفاجئ وعدم التأكد من خلو الشارع، وأسفر عن إصابات طفيفة بين المعلمات، مشيرا إلى أن الحادث الثاني وقع في نهاية شهر جمادى الأولى من نفس العام في سيارة خاصة لنقل طالبات في حي الفهد ونتجت عنه تعرض سبع طالبات إلى إصابات متوسطة وطفيفة، مبينا أن آخر حادث خلال العام الماضي كان لأكاديميات في جامعة نجران في سيارة رسمية تتبع للجامعة نجم عنه إصابة أربع أكاديميات إصابات طفيفة. وحول الإجراءات التي اتخذها المرور للحد من الحوادث قال: مرور المنطقة يجري إحصاءات للموقع التي تكثر فيها الحوادث المرورية بشكل متكرر، وتتم دراسة الأسباب المؤدية لتكرار تلك الحوادث والتأكد ما إذا كانت الحوادث ناجمة عن مخالفات أو غيرها من الأسباب كسوء تنفيذ الطريق مثلا وعدم توفر وسائل إرشاد وسلامة، عندها يترتب الأمر مخاطبة الجهات المعنية سواء الأمانة أو إدارة الطرق لدراسة تلك المشاكل وإيجاد حلول مناسبة لها، مشيرا إلى توجيه مدير مرور منطقة نجران العقيد علي سعد آل هطيلة، باستمرار الدوريات العاملة في الميدان لرصد السيارات غير المرخصة في نقل المعلمات والطالبات وتطبيق الأنظمة بحقهم. «عكاظ» اتصلت هاتفيا بمدير عام الطرق والنقل في منطقة نجران المهندس عادل بن عبدالله فلمبان، لمعرفة دور إدارته حول الحد من حوادث المعلمات والطالبات على الطرقات في المنطقة، إلا أنه طالب بخطاب رسمي من الصحيفة ليتم الرد عليها بشكل رسمي، في الوقت الذي لم يرد مدير عام التربية والتعليم في المنطقة ناصر بن سليمان على اتصالات «عكاظ» المتكررة لمعرفة دور تعليم نجران في الحفاظ على سلامة المعلمات والطالبات. عاهات وعجز تام وبعيدا عن الأرقام التي تشير إلى حجم كوارث حوادث سيارات المعلمات وتخلف عدد من الضحايا بينهن، يرى محمد الشمري (أب لمعلمة في حائل)، المشكلة من زاوية أخرى، ألا وهي العواقب المترتبة جراء الفاجعة، وقال: هناك أبناء فقدوا أمهاتهم وأمهات وآباء فقدوا بناتهم، فضلا عن العاهات والعجز نتيجة الكسور في الأطراف، ويضيف: هناك طرق خطرة في منطقة حائل كطريق المدينة وطريق تبوك وأيضا طرق أخرى تزيد من نسبة الحوادث التي يروح المعلمات والطالبات ضحيتها. وبين الشمري أنه يعيش مرحلة الخوف في يوم تغادر فيه إحدى بناته إلى مكان عملها جنوب منطقة حائل بمسافة 250 كيلو مترا ذهابا وإيابا، ويضيف: أضع يدي على قلبي، كون هذا الطريق شهد وفاة خمس معلمات في حادث مروري مؤسف، وزاد: المعلمات ضحايا الروتين واللامبالاة وعدم الاكتراث سواء من خلال وعورة الطريق وسوء مستوى المركبات. من جهتها، أرجعت المعلمة سلمى.م، التي تقطع مسافة 150 كيلومترا يوميا للوصول إلى مدرستها، سبب الحوادث معلمات إلى المشاريع المتعثرة وغير المستكملة، خصوصا أن منظر المعدات الكبيرة وسط الطريق تربك السائقين وتتسبب في ارتكابهم الأخطاء المسببة للحوادث، فيما ذكرت المعلمة حصة تقطع مسافة 290 كيلومترا في اليوم للوصول إلى قرية نائية حيث تعمل، وتضيف: ما زلت أسلك الطريق مع زميلاتي المعلمات وعندما نصل المدرسة نكون في حالة إرهاق تام، ما يجعلنا لا نعطي الدروس حقها وهذا الأمر يتسبب أحيانا في حوادث دامية لمعلمات القرى النائية. وطالبت كل من نادية، عبير، سميرة وحصة، والمعلمات في إحدى القرى الواقعة على بعد 280 كيلومترا جنوبي حائل، إدارة المرور وأمن الطرق بالتأكد من اشتراطات السلامة في المركبات والسائقين الذين يضطلعون بمهمة نقل المعلمات والطالبات، وأيضا تطبيق السلامة المرورية، وتوفير حافلات خاصة مع سائقين أكفاء وتحسين الطرق من الناحية الهندسية والسلامة المرورية وتكثيف الدوريات على الطرق المستخدمة في أوقات الذروة وتوفير حوافز مادية لاختيار وسيلة نقل مناسبة وتأخير ساعة بدء الدوام للمدارس النائية لتفادي السفر فجرا ومنع الشاحنات من المرور في ساعات الذروة، إضافة إلى إعطاء الأولوية في التعيين لمن مقر إقامتها قرب المدرسة. وأشارت (ق.ج) معلمة في إحدى القرى التي تبعد عن حائل بمسافة 100 كيلومتر، إلى اللحظة التي ودعت فيها وزميلاتها المعلمات قبل عامين بالبكاء رفيقات دربهن اللاتي لقين حتفهن في حادث سير مروع لا يزال هاجسه مسيطرا على نفسيتهن منذ وقوع الحادث، وحملت مسؤولية ما حدث ويحدث من كوارث وزارة التربية والتعليم والإدارات الأخرى كالمرور وأمن الطرق، فيما بينت المعلمة سلمى أنها تسافر كل يوم إلى مسافة طويلة عن مقر سكنها في قرية بعيد، وتضيف: منذ ستة أعوام وأنا على هذا المنوال الذي لا يخلو من المخاطرة ما انعكس على وضعي النفسي. وهنا أكد مدير قسم السير بمرور منطقة حائل الرائد سعود الرشيدي، على الاشتراطات والمعايير التي يجب توفرها في سيارات نقل المعلمات والطالبات، بأن تكون السيارة طرازا حديثا وملائمة لنقل المعلمات ويحمل قائدها رخصة قيادة سارية المفعول، وليس عليه سابقة ومؤمن على المركبة، مشيرا إلى الحملات التفتيشية المستمرة داخل وخارج المدينة بصفة يومية لمتابعة ورصد وتوجيه قائدي مركبات نقل المعلمات، منذ الصباح الباكر خارج وداخل المدينة للحد من الحوادث. ووفقا لمصادر مرورية وأخرى صحية، فإن عدد الوفيات في حوادث الطرق في منطقة حائل في الأعوام الماضية، تجاوزت أكثر من 400 حادث، منها 80 حالة وفاة والباقي ما بين مقعدة وناجية، ومن أبرز طرق الحوادث والموت للمعلمات طريق حائل الغزالة الحليفة، طريق حائل الروضة، طريق حائل بقعاء، وطريق حائل سميراء مرورا بالسبعان . 350 كلم ذهاباً وإياباً وفي الطائف، ذكرت نوال أحمد (معلمة) أنها ظلت لعشرة أعوام تقطع مسافة 350 كيلومترا على طريق الجنوب، مشيرة إلى أنها لا تقوى على القيام بأي عمل بعد ذلك، أما المعلمة (ت.م) فتقول إنها الوحيدة في البيت التي تعمل، فوالدها متقاعد ولديها أخ صغير وأختان مريضتان، ما اضطرها للعمل من أجل مصاريف البيت وتسافر لمسافة 350 كيلومترا يوميا ذهابا وإيابا، فيما ترى ابتسام عبدالله أن حبها للعمل وطموحها، دفعها على الصبر وتحمل معاناة السفر يوميا، وأعربت عن أملها في إيجاد حلول جذرية لمشكلتها. من ناحيتها، أكدت وزارة التربية والتعليم صدور توجيهات سامية بأن تطبق الجهات المعنية بنقل المعلمات والطالبات أنظمة السلامة، وبما يؤدي إلى سلامة المركبة والراكب، وذلك بعد إيقاف العمل بضوابط إثبات الإقامة للمتقدمات للوظائف التعليمية النسائية، وفتح المجال لتوظيف المتقدمات للوظائف التعليمية عبر الإعلان المفتوح أسوة بالوظائف التعليمية الرجالية. أوضح ل «عكاظ» الناطق الإعلامي لمرور الطائف الرائد علي المالكي، أن محافظة الطائف شهدت في العامين الماضيين حادثتين من حوادث المعلمات كانت الأولى في عام 1431ه في طريق عشيرة وأسفر عن وفاة معلمة وإصابة سبع أخريات، والثاني عام 1432ه الجاري على طريق السيل الكبير وخلف إصابتين بين المعلمات ولم يسجل أية وفيات. الرياض الأعلى أوضحت دراسة مرورية أن منطقة الرياض تشهد أعلى نسبة في حوادث نقل المعلمات بنسبة بلغت 17.5 في المائة، تلتها منطقة عسير في المرتبة الثانية بنسبة 14.2 في المائة، ثم منطقة مكةالمكرمة بنسبة 13.3 في المائة، الباحة بنسبة 7.2 في المائة، المنطقة الشرقية بنسبة 3.3 في المائة، وأخيرا منطقة حائل بنسبة 2.5 في المائة. وليس ببعيد عن الأذهان نجاة ثماني معلمات بعد انقلاب سيارتهن الأسبوع الماضي في عسير، ووفاة ثلاث جامعيات في جازان و12 طالبة في حائل، ومما تقدم يتضح أن الحوادث المرورية كانت القاسم المشترك في وفيات المعلمات والطالبات على الطرق السريعة كونهن يقطعن بصفة يومية مئات الكيلومترات في رحلة الذهاب والعودة من مدارسهن، التي تبدأ مع شروق الشمس وتنتهي مع قرابة الرابعة عصرا. توفير السكن أوصت دراسة علمية عن الحوادث المرورية الناجمة عن نقل المعلمات والطالبات خارج المدن قبل عامين تقريبا، بتوفير سكن للمعلمة قرب المدرسة إذا توفرت العوامل المساعدة كندب المحرم أو نقله إلى منطقة عملها، وتوفير وسائل اتصال وحراسة مناسبة، كما أوصى البحث بتقليل عدد الحصص للمعلمة المتنقلة، ما يتيح تقليل عدد أيام الدوام الأسبوعي إلى ثلاثة أيام أو أربعة، مع تأخير موعد بدء الدوام للمدارس في المناطق النائية، ما يتيح تقليل التنقل خارج ساعات الذروة أو الظلام أو الضباب، وتوفير حافلات حكومية أو خاصة مع سائقين أكفاء لتشجيع المعلمات والطالبات المتنقلات على استخدام وسيلة آمنة، وتكثيف الدوريات المرورية خلال ساعات تنقل المعلمات والطالبات، ومنع الشاحنات من المرور على الطرق خلال ساعات الذروة، فيما أظهرت النتائج النهائية للبحث أن معدل حوادث المعلمات يمثل 6.2 حادث لكل مائة معلمة متنقلة خلال السنوات الثلاث الماضية، وهي أكبر من النسبة الوطنية لعموم الحوادث البالغة أربعة حوادث لكل مائة فرد خلال الفترة نفسها، فضلا عن العلاقة الطردية بين أعمار السائقين والحوادث المرورية. 29,469 حادثاً مرورياً في عام وفي إحصائية وتقرير إدارة مرور السنوي لعام 1431 بلغ إجمالي الحوادث المرورية 29.469 حادثا، نتج عنها إصابة 2131 شخصا ووفاة 740، وتزداد الحوادث المرورية الجسيمة على الطرق الخارجية خارج المدن لعدم وجود الرقابة المرورية الكافية، ما يؤدي إلى ارتفاع نتائجها من وفيات وإصابات خارج المدن إلى 83 في المائة، وتكون السرعة الزائدة أغلب مسببات تلك الحوادث، وأن توزيع الحوادث من ناحية الأرقام، فإن عدد الحوادث المرورية داخل المدن أكثر من خارجها، إلا أن الحوادث خارج المدن تكون عواقبها جسيمة وأضرارها أكثر بكثير عن تلك داخل المدن، حيث بلغ ناتج تلك الحوادث الجسيمة خارج المدن 1061 حادثا مقارنة ب217 داخل المدن. تعويض المعلمات أوضح المحامي القانوني سعود الحجيلي أن عقد عمل معلمات المناطق النائية لا يتضمن أي بند يشير صراحة إلى تعويض المعلمة في حال تعرضها لحادث أثناء ذهابها للعمل، خصوصا أن المعلمة وافقت على عقد العمل والتدريس في القرية أو المدينة برضاها، فهي تنتقل لمكان عملها إما بسيارة خاصة أو السكن في القرية، مبينا أن من الأفضل للمعلمة السكن في القرية لضمان عدم تعرضها للحوادث لا قدر الله، وقال: بعض القضايا المنظورة في المحاكم تتمثل في رفع دعوى ضد المخطئ في الحادث من قبل بعض السائقين والمعلمات. تأثيرات نفسية أشارت الباحثة في علم النفس في جامعة طيبة الدكتورة عهود بنت ربيع الرحيلي، أن تكرار حوادث المعلمات على الطرق السريعة قد يؤدي إلى تأثيرات نفسية مباشرة على المعلمات، ولعل أهمها الخوف المستمر والمتكرر وعدم الشعور بالأمن، ومن ثم فإن التعرض لهذه المخاوف بشكل يومي يؤدي إلى ضغط نفسي متواصل قد يتضخم ليؤدي إلى اضطراب نفسي أشد قسوة وهو (رهاب الموت) أو قلق الموت، وهذا بدوره يضع مهنة التدريس في سلسلة من المشكلات المتتالية، حيث ينعكس كل ما سبق سلبا على قدرة المعلمات على العطاء والإنجاز في مهنة التدريس، مما يؤدي بالتالي إلى ضعف تحصيل الطالبات أو عزوف المعلمات عن مواصلة العمل. نقل المعلمات وشركة للنقل أكدت مصادر «عكاظ» أن مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم «تطوير»، أقر إنشاء شركة لإدارة خدمات النقل المدرسي للطلاب والهيئة التعليمية، وتأتي الخطوة ضمن الحلول المطروحة من وزارة التربية والتعليم في سعيها للحد من الحوادث المرورية للمعلمات والطالبات والطلاب، فضلا عن خطوة الوزارة الأخرى والمتمثلة في الإعلان الأخير عن أكبر حركة لنقل المعلمات، وشملت كافة المعلمات المتقدمات للحركة والبالغ عددهن 28517 معلمة وخلق عامل الاستقرار لهن، وبالتالي الحد من الحوادث المرورية التي تتعرض لها المعلمات أثناء تنقلاتهن من وإلى المدارس.