تُعدّ حوادث الطرق واحدة من أخطر المشكلات في دول الخليج العربي عموما والمملكة خصوصا، حيث تتكبَّد هذه الدول سنويًّا حوالي 19 مليار دولار جرَّاء الحوادث المروريَّة، وتودي حوادث الطرق بحياة 1.3 مليون نسمة كل عام، وتتسبّب في إصابة أو إعاقة زهاء 50 مليون آخرين. وتمثّل تلك الحوادث أهمّ أسباب الوفاة في صفوف الفئة العمرية من 15 -29 عاماً. وأيضاً تشير أرقام آخر الإحصائيات إلى أن حوادث الطرق هي السَّبب الثَّاني للوفيات في بعض دول مجلس التَّعاون الخليجيِّ، بعد أمراض القلب. وتبدو المشكلة في المملكة وقطر أكبر مِن غيرها، ففي المملكة هناك ما بين 20 إلى 30 حالة وفاةٍ بسبب حوادث الطُّرق لكل 100 ألف نسمة. فقد حصدت حوادث السير في المملكة أو ما يطلق عليه "نزيف الأسفلت" أكثر من 7 آلاف شخصا خلال عام 2011، حيث وصل عدد الحواث المرصودة في العام الماضي أكثر من 544 ألف حادث مروري رغم تطبيق نظام ساهر، بمعدل 64 حادثا كل ساعة، وبمعدل 20 قتيلا في اليوم. وتسببت هذه الحوادث بإصابة ما لا يقل عن 40 ألف مصاب. وانعكست الزيادة العددية للمركبات التي بلغت 9 ملايين و400 ألف مركبة بأثرها على الطاقة الاستيعابية للطرق وبالتالي ازدياد الزحام المروري. والجدير بالذكر أن الإدارة العامة للمرور كشفت تقاريرا في الفترة الماضية تشير إلى أن غالبية حوادث السير التي تشهدها الطرق في المملكة تعود إلى أخطاء بشرية من قِبل السائق، نتيجة لارتكابه إحدى المخالفات المرورية، في حين يخرج 7% من المصابين من المستشفيات وهم يعانون شكلاً من أشكال العجز بشلل رباعي أو نصفي. وتأتي مناطق مكةالمكرمة والشرقية والرياض في مقدمة ترتيب حوادث المرور التي تشهدها الطرق الداخلية والخارجية. كما يشير المختصون بالمرور إلى إنه من خلال الإحصائيات اتضح أن يوم السبت هو أكثر أيام الأسبوع ارتفاعاً في نسبة الحوادث المرورية في المملكة وأقلها هو يوم الجمعة، وأن النسبة الأعلى من الوفيات تكون خارج المدن بنسبة 60 بالمئة و40 بالمئة داخلها. وقد تبيّن أيضاً أن من بين مجموع السائقين الشباب، فإنّ احتمال وفاة الذكور دون سن 25 سنة يفوق احتمال وفاة الإناث بثلاثة أضعاف. وأشارت التقارير إلى أن سهو السائقين هو من أكثر أسباب حدوث الحوادث المرورية. وقد سُجّل مؤخراً حدوث زيادة ملحوظة على الصعيد العالمي في استخدام السائقين للهواتف المحمولة ممّا أصبح يثير قلقاً متنامياً في مجال السلامة على الطرق، وبإمكان السهو الناجم عن استخدام الهواتف المحمولة عرقلة أداء السائق من جوانب عدة، مثل إسهامه في تمديد الوقت الذي يستغرقه رد الفعل للفرملة ورد الفعل حيال إشارات المرور، والإنقاص من القدرة على المكوث في الممرّ الصحيح، وتقليص مسافات التتابع. التفحيط ويعدّ التَّفحيط أحد أسباب حوادث الطرق في دول الخليج عامة وفي المملكة خاصة؛ حيث إن الكثيرٌ من الشَّباب لا يقدِّرُ خطورة ما يقومون به، فيزهقون أرواح الآخرين، وربما أرواحهم هم أيضًا، بعد مجموعة من الحركات البهلوانية السريعة التي يقوم بها الشَّاب أو قائد السيَّارة، وفيها يقوم السائق بقيادة السيارة بسرعة كبيرة ثُمَّ تخفيضها وتغيير اتجاه السَّيْر فجأة، وهو ما يؤدي إلى انزلاق السيارة في حركات دائرية فجائية، يكون فيها اتجاه العجلتَيْن الأماميتين للسيارة مخالفٌ للاتجاه الفعلي لسيرها، وكثيرًا ما يقوم الشَّباب الخليجي بهذا اللون من الرياضة على الشواطئ أو في أماكن مخصَّصة لذلك، ولكن البعض منهم يقوم بها في الشَّوارع العادية أو على الطُّرق السريعة، وهو ما يؤدي في كثيرٍ من الأحيان إلى حوادث مُروِّعة. محاولات ولكن وقد قامت المملكة من قبل بأكثر من طريقة لمحاولة التصدي والتقليل من حجم الحوادث التي تتعرض لها ومنها نظام "ساهر" الذي يعد نقلة نوعية في تحقيق السلامة المرورية في المملكة، حيث يستخدم تقنية شبكة الكاميرات الرقمية المتصلة بمركز للمعلومات. ويستطيع النظام أن يلتقط صورة واضحة للوحة المركبة وهي تتحرك بسرعة عالية، وبه إمكانات لالتقاط المركبات المخالفة في جميع المسارات في الوقت نفسه، وهو يعمل على مدار الساعة، وفي حال قطع الإشارة، تلتقط كاميرا أمامية صورة للوحة السيارة والسائق، وتقوم كاميرا خلفية أخرى بذات المهمة. وعقب رصد المخالفة آلياً من الكاميرات للمركبة المخالفة، يتم إرسال صورة لوحة المركبة المخالفة لقطع الإشارة أو السرعة ومخالفات أخرى. وعندما تصل المخالفة إلى مركز معالجة المخالفات، يتم استخراج معلومات المالك من قاعدة البيانات الوطنية، وإصدار المخالفة. وفي مرحلة لاحقة ترسل المخالفة عن طريق عنوان البريد المسجل لدى مركز المعلومات الوطني بوزارة الداخلية ويتم السداد عن طريق الصراف الآلي. ولكن رغم المحاولات المبذولة، ما زالت حوادث السير بالمملكة أحد المشكلات الخطيرة التي تتسبب في وفاة وإعاقة الكثير من المواطنين لا سيما الشباب.