ينشر الشاعر هنري زغيب 14 رسالة غير منشورة مرسلة من الشاعر الكبير نزار قباني، في مناسبات مختلفة هي فحوى كتاب "نزار قباني متناثراً كريش العصافير"(دار درغام، 2013). القصة بدأت سنة 1960، حين أعجب تلميذ في السنة الاولى من المرحلة التكميلية (المتوسطة حاليا) بقصائد شاعر الغزل المعاصر، فألقى له في مباراة نهاية السنة الدراسية قصيدة "بيتنا" وأضاف اليها بيتا من عندياته، لم يكن موفقا، لكنه نال الجائزة الاولى. وتابع قراءة قصائد نزار، والكتابة عنه حتى عام 1977 حين أخذ الشاعر يكتب في مجلة الحوادث فكتب له زغيب، في الاسبوع التالي، مقالا بعنوان "لأنك عدت يا نزار" فكان المقال فاتحة لقاء وبداية صداقة. ولاحقا صار يشارك في الكتابة في "الأوديسيه" التي أصدرها زغيب. سنة 1983 عبر قباني معبر المتحف بسبب اقفال المطار، كي ينتقل مع زغيب من مرفأ جونيه الى قبرص بغية الذهاب الى بغداد للمشاركة في مهرجان "المربد". وحين فرّقت الحرب بين الناس، ذهب قباني الى جنيف ثم الى لندن، وزغيب الى فلوريدا، حيث تواصلت المراسلات بينهما، فأدرجت رسائل قباني في هذا الكتاب، وللأسف لم يحتفظ زغيب برسائله. الرسائل ذات زمنين: زمن جنيف 1989 – 1990 وزمن لندن 1992 – 1993. وذات بعدين: مكاني ربط بين حاضر مغيب (لبنان وبيروت) وحاضر مستقبلي: تنقل الاقامات والهجرات، ما جعل نزار يطلب "اللجوء الى أمّنا الكلمة بعدما قتلوا جميع الأمهات" (رسالته من جنيف 1990/4/20) وزمني يلازم نشرها في هذا "العصر المالح" الذي فيه "يحاولون سرقة أصابعنا ومدامعنا" (رسالته من لوس أنجلس 1990/1/9) ومعظم المدن العربية تستيقظ على الصحوة، وكلا الشاعرين عبّر عن الاعتقاد بالقيامة والصحوة والخلاص. على رغم مضي الزمن ما زالت الرسائل تعبر عن القلق والاهتمامات الفكرية والاجتماعية والذهنية. ويقول زغيب "ومع أنها كتبت في زمان ومكان مختلفين عن اليوم، لا تزال خواطرها متيقظة في هذا الزمن حتى ليشكل نشرها اليوم بمضمونها وأفكارها ضوءا لكل من حمل قلما ودافع عن قضية". والعنوان "متناثرا كريش العصافير" ورد في احدى رسائل نزار (جنيف 1990/2/10) يختصر حالة شاعرين في الغربة وعلى رغم ان الرسائل شخصية، لكنها تعبر عن مرحلة بما فيها من هموم ورأي وبوح وحنين.