لم يخّيب الرئيس الفرنسي الجزائريين أمس باعترافه صراحة بما أسماه " الأوجاع التي ألحقها الاستعمار الفرنسي بالجزائريين " في الخطاب الذي ألقاه أمام ممثلي البرلمان حمل الكثير من عبارات التعاطف من شأنها إعادة دفء إلى علاقات جزائرية فرنسية أرهقتها الكثير من المسائل ذات الصلة بالذاكرة والماضي الاستعماري الفرنسي في الجزائر. وخلافا لرؤساء فرنسيين جاؤوا إلى الجزائر لكنهم اكتفوا بالقول" إن الاستعمار بطبعه ظالم" أشار الرئيس أولاند بالبنان إلى الجرح الفرنسي الذي لم يندمل في الجزائر عندما سمّاه وأدانه قائلا "طيلة 132،خضعت الجزائر إلى نظام عنيف وجائر، إن هذا النظام له اسم، إنه الاستعمار. وأنا أعترف هنا بالجراح التي ألحقها الاستعمار بالشعب الجزائري" ووعد أولاند الجزائريين بالبحث عن الحقيقة عندما قال" إن الصداقة الفرنسية والجزائرية يجب أن تستند إلى الحقيقة، لأن الحقيقة تجمع ولا تفرق ". وطالب الرئيس الفرنسي ب "فتح الأرشيف للمؤرخين" لتلّمس الحقيقة التي يتحدث عنها قائلا:"يجب قول الحقيقة، حقيقة الحرب، حقيقة المجازر، حقيقة التعذيب، يجب قول كيف تحرر الجزائريون من النظام الاستعماري" وتعّد هذه أول مرة يتحدث فيها رئيس فرنسي بهذا الشكل من الوضوح حول مسائل ظلت تتهّرب منها فرنسا الرسمية على رأسها مسألة التعذيب. وكان أولاند قد خطى خطوة إيجابية باتجاه الاعتراف بالماضي الاستعماري الفرنسي عندما نحج في حمل البرلمان الفرنسي على الاعتراف بأحداث 17 أكتوبر 1961 الدموية التي راح ضحيتها عشرات المئات من الجزائريين في باريس رميا في نهر السين.حيث استقبل الاعتراف الفرنسي بترحيب جزائري رسمي. وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند في مؤتمر صحفي عقده ساعات بعد وصوله الجزائر الأربعاء خيّب الشارع الجزائري بقوله للصحفيين "لم آت للجزائر للإعتذار "مكتفيا بالدعوة "إلى فتح عهد جديد من العلاقات بين الجزائروفرنسا والقول :" ثقل الماضي لا يجب أن يكون عقبة أمام الحاضر أو العمل للمستقبل " في إشارة إلى مطالب جزائرية تدعو فرنسا إلى الاعتراف بجرائمها الاستعمارية والاعتذار عن ذلك للشعب الجزائري قبل الحديث عن أية اتفاقية صداقة وشراكة حقيقية بين البلدين. واختتمت زيارة أولاند بتعريج على عاصمة الثقافة الإسلامية العام 2011، ولاية "تلمسان" أقصى الغرب الجزائري على الحدود مع مدينة وجدة للجارة الشقيقة " المغرب "مسقط رأس بوتفليقة، وهناك منح بوتفليقة لضيفه الفرنسي الدكتوراه الفخرية من جامعة أبو بكر بلقايد. كما تم التوقيع على سبع اتفاقات تعاون بين الجزائروفرنسا في مختلف المجالات بحضورالرئيسين عبد العزيز بوتفليقة وفرانسوا أولاند. ويتعلق الأمر بوثيقة إطار للشراكة للفترة الممتدة بين 2013-2017 فضلا عن اتفاقات تتصل بقطاعات الفلاحة والتنمية الريفية والصناعة الغذائية واتفاقات تعاون في مجال الدفاع والمالية والتجارة الخارجية. ولعل أهم اتفاق تم التوقيع عليه بين البلدين ذلك المتصل بإنشاء مصنع لتركيب السيارات من نوع رونو بمقدار 25 ألف سيارة ابتداء من العام 2014 وسيتم انشاء هذه الشركة بتكلفة تقارب 1 ملياراورو وفق قاعدة 49/51 بالمائة الخاصة بالاستثمارات الاجنبية بالجزائر. ورافق الرئيس الفرنسي في زيارته للجزائر تسعة(9) وزراء و12مسؤولا سياسيا وحوالي 40 رجل أعمال ضمن وفد شمل 200 شخص من بينهم فنانون وكتاب.