في معظم مدن العالم يندر أن تجد أراضي في وسط المدن أو داخل النطاق العمراني غير مطورة عكس ما هو موجود في مدننا الرئيسية حيث مئات الملايين من الأمتار غير المطورة تعود ملكيتها لأفراد ومؤسسات وهذه الأراضي التي عطلت التنمية انحرم منها المواطنون المحتاجون للسكن لعدم وجود أنظمة تحد من ظاهرة الاحتكار. القضية ليست وليدة اليوم بل هي نتيجة تراكمات معظمها جاءت بسبب منح الأراضي بمساحات كبيرة وتم تداولها حتى وصلت الى المستثمر النهائي الذي جمدها لسنين أوعقود اعتمادا على مقولة الأرض لا تأكل ولا تشرب ومن مبدأ أنها سترتفع كلما تم تجميدها مما عمق نظرية الاحتكار والعمل على تجفيف السوق من الأراضي القابلة للتطوير وبالذات داخل المدن. تبقى مشكلة السوق العقاري في وجود المرجعية التي تنظم عمله وتنهي مثل هذه الظواهر السلبية وقد كتبت منذ سنوات للمطالبة بإنشاء هيئة لتنظيم السوق العقاري مادام يفتقر الى التنظيم والمتابعة والسيطرة على السلبيات التي ساهمت في تفاقم المشاكل ومنها الاحتكار وارتفاع اسعار الاراضي وارتفاع الايجارات والتعديات وازدواجية الصكوك ودعم التطوير الشامل وإيصال الخدمات للمنح وتنظيم عمل مكاتب العقار. خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - وأمد في عمره أولى اهتماما كبيرا لاحتياجات المواطن وأعطى توجيهاته الكريمة للقضاء على مشكلة الاسكان ومنها دعم الصندوق العقاري وزيادة القرض الى 500 ألف ريال والتوجيه ببناء 500 ألف وحدة سكنية والتوجيه بتحويل الهيئة الى وزارة ويبقى دور المسؤول في المبادرة والعمل الجاد لتحقيق هذه الأهداف. في ظل عدم وجود المرجعية فلابد أن تتحمل وزارة الاسكان هذا العبء مادام يمس المواطن مباشرة وتبادر على أقل تقدير في تنظيم العمل أو تتبني تأسيس المرجعية وعلى مسؤوليها ومستشاريها القيام بذلك بدلا من الغرق في تفاصيل الأعمال اليومية للمشاريع السكنية التي تؤدي الى تأخير المشاريع والقيام بأدوار يمكن الاعتماد فيها على التعاقد الخارجي Out source وتبقي على مهمتها الرئيسية في التخطيط والتنظيم والإشراف والمتابعة للمشاريع. مشكلتنا ليست بذلك التعقيد اذا وجدت الارادة والتصميم على حلها لما فيه المصلحة العامة ووزارة الاسكان يمكن أن تتبنى حل المشكلة او على الأقل المبادرة لوضع الحلول او اقتراحها والمساهمة في تنفيذها مع الجهات المعنية بالدولة. لدينا مستثمرون ومطورون جادون وهم قلة في السوق العقاري لكنهم مؤثرون ويمكنهم أن يصنعوا الفرق ويحركون السوق ايجابا بزيادة المعروض من الوحدات السكنية لكنهم دائما يصطدمون بجشع محتكري الأراضي وبيروقراطية الجهات الحكومية التي لا تفرق بين المشاريع الريادية ذات المردود الايجابي على الوطن والمواطن وبين تصريح الوحدة السكنية الواحدة بالإضافة الى العراقيل المصطنعة التي تدخل ضمن قاموس الفساد داخل عملية التطوير.