في مجلس شبابي (العمر) وليس التشجيع، حديث صاخب، وجدل، يتجاوز بحدة مجالس الرياضة في القنوات الفضائية.. القاسم المشترك بينهم، صندوق التنمية العقاري.. احدهم تبخرت فرحته بالقرض مع خطوات مهندس الصندوق الذي جاء يعاني شقة العمر التي رغب في شرائها، وقال (راح نعطيك 380 ألف).. رغم أن قيتمها تتجاوز 500 ألف ريال، آخر استطاع ب (الفزعات) أن يشتري منزلاً.. وعندما استحق القرض، ابلغه مسئولي الصندوق أن ينقل المنزل باسمه حتى يستحق القرض.. بين غموض الصندوق.. وغياب المؤشرات الواقعية، بين تزاحم البنوك على اقراض الافراد.. وعجز المطورون عن التوسع في البناء.. بين هذه وتلك، وقبلهما وبعهدهما.. غياب (تام) للشفافية للقطاعات الحكومية التي انيط بها العمل لتمكين المواطن من السكن.. هذه حقيقة تبلور واقع سوق تقرأ أبسط ابجدياته في مجالس السعوديين، الذين تأخذهم اشاعات اسرع من سيارات المراهقين الذين يتخاطفون اطراف طريق عودتي من ذلك المجلس إلى المنزل. أنها حقيقة تجسد مشهد السوق العقاري الذي يعاني قلة الشفافية وغياب المعلومات عن الأسعار ومعدلات العرض والطلب، إضافة إلى عدم وجود آلية للتسعير، إضافة إلى أنه يعاني عجزا في الوحدات السكنية يبلغ مليون وحدة ويتزايد بواقع 200 ألف وحدة سنوياً، وإن نسبة ملاك المساكن بالمملكة تعادل 30 بالمائة وتعد الأدنى بين دول الخليج العربية. المرحلة المقبلة تتطلب رفع مستوى التنسيق بين الجهات الحكومية المعنية بالإسكان من خلال إستراتيجية وطنية حتى مع الدعم الكبير غير المسبوق لصندوق التنمية العقاري، الذي أسس لتمكين المواطنين من تملك مسكن له عن طريق البناء أو الشراء، بقيت صورة التمويل الإسكاني غير واضحة، حيث بقي تمويل الشقق مرتباطاً بتقويم الصندوق للشقة السكنية، وشراء الفيلا يبدأ بتملكها ثم يقوم الصندوق بمنح القرض على دفعات. فالقطاع لا يزال يعاني عدم تهيئة البيئة العقارية بغياب واضح للتشريعات والأنظمة التي من شأنها تحديد الآلية الملائمة والمرجعية المحددة لتطوير القطاع والنهوض به على نحو يمكنه من مواجهة الاستحقاقات العقارية الحالية والمستقبلية، وبالتالي نقل القطاع إلى صناعة. وتشكل الأنظمة والتشريعات أكثر التحديات التي تواجه القطاع العقاري في المملكة، لاسيما المتعلقة بالجوانب التمويلية كأنظمة الرهن العقاري، وأنظمة ومشتقات التمويل، التي أسهم غيابها في تراجع الدور التمويلي للمصارف السعودية للمطورين العقاريين، الذي تسبب بدوره في عرقلة نشاط شركات التطوير العقاري، الذي يتطلب توفير وعاء تمويلي ميسر يدعم خططها ورؤيتها الاستثمارية، ومن ناحية أخرى فقد أسهم ذلك في تدني معدل الطلب من قبل الأفراد الراغبين في تملك الوحدات السكنية لتواضع الحلول التمويلية أمامهم. ويوضح عقاريون أن هناك كثيرا من معوقات الاستثمار العقاري لعل من أبرزها عدم وجود شفافية في تعاملات الاستثمار العقاري، وغياب التشريعات والتنظيمات القانونية التي تحكم التعاملات الاستثمارية العقارية، ووجود الروتين البيروقراطي القاتل عند طلب المستثمر إنهاء الإجراءات الرسمية لترخيص بناء الأرض مع الجهات المختصة، مثل الأمانة والبلدية، إضافة إلى عدم وجود لجنة عقارية تحكم في المشكلات المختصة في العقار والبطء الكبير السائد في حل النزاعات القائمة بين المستأجر والمستثمر من قبل الهيئات واللجان القضائية المختصة. ويؤكدوا أهمية الخروج برؤية إستراتيجية مشتركة، وضرورة تكاتف الجهود في سبيل تحديد الأطر الكفيلة بالخروج من حالة التراجع وعدم التوازن التي يعانيها القطاع العقاري، على الرغم من توافر الظروف والعوامل المهيئة لوجود طفرة عقارية حقيقة في ظل الحاجة الماسة والطلب المتنامي على الوحدات السكنية والتجارية على اختلاف أنواعها، خصوصاً أن المملكة تشهد نقطة تحول تنموية لافتة، مصحوبة بحزمةٍ كبيرة من مشاريع البنية التحتية العملاقة، ورؤية طموحة للتوسع والنهوض الاقتصادي والاجتماعي، إضافة إلى القرارات الملكية التي ضخت أكثر من 300 مليار ريال في جميع القطاعات التنموية، بالطبع كان أغلبها للقطاع العقاري. وتعول الأوساط العقارية على أن يسهم تطبيق الأنظمة العقارية الجديدة في حل كثير من العقبات التي تعترض نمو السوق العقاري، والحد من ارتفاع أسعار العقارات، وتوافر المساكن بشكل كبير، ما يؤدي إلى خفض نسبة التضخم التي سجلت ارتفاعاً كبيراً في المملكة خلال الفترة الماضية كما ستساهم هذه الأنظمة في انطلاق شركات وصناديق تمويل عقارية ما يسهم بفتح عدة قنوات للتمويل تنعكس إيجابياً على حركة السوق عموماً إضافة إلى الحد من المخاطر التي تتعرض لها شركات تطوير العقارات ومؤسسات الإقراض، ويوفر تمويلا إضافيا لسوق العقارات، كما يعطي دفعة قوية للأسواق المالية بالمحصلة، حيث يلعب دور المحفز للنمو الاقتصادي والثبات. كما سيوفر التمويل العقاري الأطر القانونية والتنظيمية الملائمة التي ستوضح العلاقة التي ستربط بين الجهات التمويلية والمقترضين، ما سيزيل أي عوائق أو تردد لدى البنوك أو المؤسسات التمويلية لتوفير خطط أو برامج التمويل الملائمة. ويأتي اهتمام المجتمع السعودي وبخاصة المستأجرين في ظل الصعوبات ومعوقات التي يواجهونها كالحصول على قرض صندوق التنمية العقاري وارتفاع أسعار الأراضي، اللذين يعتبران أهم معوقات السكن في المملكة بنسبة 90.9 في المائة - بحسب دراسة عقارية - إضافة إلى انخفاض متوسط دخل الفرد يُعد عائقاً آخر بنسبة 90.5 في المائة، بينما يأتي ارتفاع نسبة البطالة وارتفاع تكاليف البناء بنسب 81.8 في المائة و80.9 في المائة على التوالي. وتبذل الجهات الحكومية جهودها لتنظيم السوق العقاري من خلال وضع نظام يتمتع بالوضوح والشفافية والتوازن، ويوفر الآليات المرنة المناسبة لتمويل الإسكان، كما يوفر الحماية لجميع الأطراف ذات العلاقة من خلال تنفيذ الآليات المناسبة، التي ستساعد على ارتفاع نشاط التمويل العقاري ما ينعكس أثره على النشاط الاقتصادي عموماً. ويُتوقع أن يكون لهذه الأنظمة الأثر الكبير في حل مشكلة الإسكان ودفع عجلة التنمية الإسكانية والعقارية، لأن ذلك سيؤدي إلى زيادة إسهام الجهات التمويلية في عملية التمويل للإسكان، سواء كانت من القطاع الخاص أو القطاع العام. ويتفق خبراء في الشأن العقاري على أن المرحلة المقبلة تتطلب رفع مستوى التنسيق بشكل عال بين الجهات الحكومية المعنية بقطاع الإسكان وعلاج أزمته في المملكة، من خلال استراتيجيه موحدة للإسكان تجمع جهود الجهات المعنية في مسار واحد تصب نتائجه في الهدف الذي تسعى الدولة إلى تحقيقه، المتمثل في حصول المواطنين على مساكن تكفل لهم العيش الكريم. وأكدوا أهمية دعم وزارة الإسكان وتأمين ما تحتاج إليه من الكوادر البشرية في ظل ضخامة المشاريع الملقاة على عاتقها والمطلوب تنفيذها بشكل عاجل. ويرى بعض المختصين في الشأن العقاري أن أمام صندوق التنمية العقاري خيارين ليتمكن من التغلب على المعوقات التي تعترض أداء واجبه على الوجه الأمثل، تتمثل في تحويله إلى بنك عقاري متخصص برأسمال ضخم وإعطائه مزايا تفضيلية أو على الأقل إلى مؤسسة إقراض عقاري، مع السماح باستثمار جزء من رأس المال لتخفيف العبء عن الخزانة العامة. وشددوا على أن حجم الفرص الضائعة على الاقتصاد الوطني بسبب عدم وجود بيئة ومناخ تنظيمي جاذب يصل إلى مليارات الريالات، مؤكدين أن تأخر التراخيص لمشروع عقاري واحد لمدة سنة قد يفوّت استثمارات بنحو 100 مليون ريال، في المشاريع المتوسطة والكبيرة، مبينين أن عمليات تأخر التراخيص للمشاريع العقارية المختلفة، تشكل في مجملها عوامل طاردة للمستثمر المحلي والأجنبي، وتفوت على البلاد فرص توطين واستعادة رؤوس الأموال السعودية المستثمرة في القطاع العقاري خارج البلاد. وأوضحوا أن حقيقة المعوقات والصعوبات الناتجة من تداخل وتعدد السلطات الحكومية المعنية في تنظيم المشاريع العقارية، أسهمت في توجه البعض إلى أساليب ملتوية، في ظل تباين الإجراءات والاشتراطات والمرجعية التنظيمية، مشيرين إلى أن محدودية مجالات الاستثمار في المملكة ستظل عاملاً رئيسياً في توجيه الأموال نحو العقار وهو الأبسط والمتوافر لتوجيه رؤوس الأموال الصغيرة›. وأفادوا أن الأمر الملكي الذي صدر بإنشاء وزارة للإسكان يعد الخطوة الكبيرة والمتقدمة التي تعكس اهتمام خادم الحرمين الشريفين بإيجاد حل جذري لقضية الإسكان في المملكة، مؤكدين أن القرارات والأوامر السامية المتتالية لخادم الحرمين الشريفين التي استهدفت علاج مشكلة الإسكان تجعل هذه المشكلة شيئا من الماضي، لافتين إلى أن تكوين وزارة للإسكان تتولى ممارسة جميع المهام والاختصاصات المتعلقة بالإسكان بما في ذلك الاختصاصات المقررة لهيئة الإسكان، والمسؤولية المباشرة عن كل ما يتعلق بأراضي الإسكان في مختلف مناطق المملكة خطوة كبيرة ومتقدمة جدا لعلاج مشكلة الإسكان.