أدلى كبير مستشاري المرشد الإيراني علي أكبر لاريجاني بتصريح مثير قبل أيام، قال فيه "ان ايران مستعدة للتفاوض مع الولاياتالمتحدة حتى ولو في قعر جهنم، لكن هذه المحادثات لن تكون مقبولة لو جرت تحت الضغط. وستكون هذه المفاوضات، في حال انطلاقها، جزءاً من استراتيجية شاملة وخامنئي (المرشد الإيراني) هو صاحب الصلاحية الوحيد الذي يمكنه الحسم فيها". أما أخوه صادق لاريجاني رئيس الجهاز القضائي فقال "إن العلاقات مع الولاياتالمتحدة ليست سهلة، فبعد كل الجرائم التي ارتكبتها الادارة الأميركية بحق الشعب الايراني، لن يكون سهلاً بناء علاقات كهذه بين ليلة وضحاها". وكلامه هذا يشير الى امكانية اقامة علاقة سياسية مع الولاياتالمتحدة. التصريحات الأخيرة جديدة في المشهد الايراني، وهي الأوضح من بين كل تصريحات المسؤولين الايرانيين التي سمعناها مؤخراً حول ما ذكرته الشهر الماضي صحيفة "نيويورك تايمز" عن توقعات بفتح حوار مباشر بين الولاياتالمتحدةوايران. إن تصريحات الأخوين لاريجاني بشأن المفاوضات مع الولاياتالمتحدة لم تأتِ صدفة، وحتى توقيتها - بعد يوم واحد من الانتخابات الأميركية - يدل على أنها موجهة للرئيس باراك أوباما. الأمر الآخر الأكثر إثارة هو تقرير أعدته وزارة المخابرات الايرانية ونُشر الاسبوع الماضي في عدة مواقع ايرانية، وكان بعنوان "أسباب ومعوقات هجوم الكيان الصهيوني على إيران". ويتحدث هذا التقرير بإسهاب عن العلاقات بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل ويعرض نقاط الخلاف بين القيادة في البلدين. كذلك يرى معدو التقرير أن الادراة الاميركية تعتبر أن البرنامج النووي الايراني في مراحله الحالية لا يشكل تهديداً حقيقياً، على عكس إسرائيل. وتطرق التقرير أيضاً الى الخلاف القائم بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل في هذا الشأن واعتمد في ذلك على أخبار وتقارير نشرتها الصحف الإسرائيلية. ومع ذلك أكد التقرير على أن تجاهل احتمال استخدام القوة ضد ايران سيكون خطأ لا يُغتفر. ورأى معدو التقرير أيضاً أن لدى ايران قدرة كبيرة لمواجهة أي هجوم عسكري، وأوصوا بضرورة توحيد الصف داخلياً للتقليل قدر الامكان من حالة عدم التوافق لتحسين أداء الحكومة. والتوصية الأهم في التقرير هي "لمنع الحرب هناك عدة خيارات، أحدها هو تفعيل العمل الدبلوماسي وتكثيفه واستغلال إمكانات الهيئات الدولية". ومن المهم الانتباه الى ان التقرير يتحدث عن هجمة "صهيونية" على إيران لا عن ضربة أميركية أو ضربة عسكرية مشتركة. وعلى رغم أن وزارة المخابرات ليس من مهامها رسم سياسة الدولة، ومهمتها محصورة في تقييم الوضع بناءً على المعلومات التي تحصل عليها، إلا أنه من الجدير التذكير بأن الوزير الذي على رأسها وهو حيدر مصلحي مرتبط رسمياً بالرئيس أحمدي نجاد إلا انه عملياً ممثل المرشد خامنئي في الحكومة. وفي العام الماضي حاول نجاد إقالة مصلحي لتقليص نفوذ خامنئي في الحكومة إلا أن المرشد أمره باعادة الوزير الى منصبه. في السابق اعتادت ايران على انتهاج سياسة ضبابية غير واضحة المعالم. ولكن يبدو أن هذا التقرير يشير الى التفاهمات التي توصل اليها ممثلو ايران الذين التقوا عدداً من المسؤولين الأميركيين حسب الأنباء التي أوردتها وسائل إعلام غربية وإيرانية. وطبقاً لدبلوماسي غربي مقيم في إسرائيل "سواء تم هذا التفاهم أم لم يتم، فإن هذه الخطوة مهمة ويمكن اعتمادها أساساً لتهيئة أجواء جديدة للتفاوض حول الملف النووي، واحتمال بناء علاقة جيدة بين إيرانوالولاياتالمتحدة، ولكن السؤال الأهم هو ما مدى استعداد الطرفين لاتخاذ خطوات بناء الثقة". لقد بدأت ايران بالاستعداد للانتخابات الرئاسية والتخلص من عهد أحمدي نجاد. وفي الصيف المقبل وبعد انتخاب الرئيس الايراني الجديد ستنتهي المهلة التي حددها نتنياهو للجهود الدبلوماسية. كذلك سيكون من المهم مراقبة إيران لمعرفة ما إذا كانت ستعتمد تقرير وزارة المخابرات كأساس لتحركاتها، وتنتهج دبلوماسية جديدة لا تقوم على "كسب الوقت" كالسابق، بل تقوم على التفاوض ومقايضة تشمل تعليق عمليات تخصيب اليورانيوم مقابل تخفيف العقوبات. وعلى رغم أن تقرير المخابرات لم يوضح المقصد من قوله "استغلال امكانات الهيئات الدولية" في الدبلوماسية الجديدة، لكن الأمر الواضح جداً هو إقرار معدي التقرير بأن على ايران إعطاء أي شيء لكي لا تضطر لدفع ثمن أكبر في الحرب. تسفي بارئيل صحيفة "هآرتس"