التعقيب مع الدوائر الحكومية، هو، ولنقل مع الأسف، المهنة الوحيدة التي استطاعت وزارة العمل أن تسعودها إذا صح هذا التعبير، ولكن الراتب الذي يتقاضاه المعقب ضئيل جدا، قد لا يتجاوز ألفاً وخمسمائة ريال، أي نفس الراتب الذي يتقاضاه حراس الأمن في المولات، بعد أن نجحت وزارة العمل في سعودتها جزئياً، ولسببين هما: صعوبة وجود معقب بالراتب المذكور، مع قلة المعاملات التي تحتاج إلى تعقيب لجأ العديد من الشركات والمؤسسات إلى التعامل مع مكاتب للتعقيب، وهذه نجحت مع الزمن في إثبات وجودها والاستمرار في السوق، لأن عدد الشركات التي تتعامل معها، وهو كبير، مكّنها من تعيين معقبين جيدين، وفي نفس الوقت، ولنقلها بصراحة ،" تسليك " المعاملات التي تتولاها، تماما مثل مكاتب التخليص الجمركي الكبيرة، أو حتى اللوبيهات في أميركا التي تمثل مصالح الشركات مع الكونجرس الأميركي، ويقال، وهي معلومة لم أتأكد منها، أن بعض أصحاب مكاتب التعقيب الكبيرة موظفون كبار، وهو على أية حال أمر غير مستبعد، ولهذا بالذات ثار جدل كثير ولغط متزايد، وصل إلى التهديد والابتزاز، إثر إعلان وزارة العمل، بتفعيل قرار صادر يقضي بمنع مكاتب التعقيب من مزاولة النشاط لدى الشركات الكبيرة، والتي تزيد عمالتها على خمسين عاملا، وهو قرار أكد أصحاب المصالح ولهم ما لهم من نفوذ، سيتسبب في إغلاق 90% من مكاتب التعقيب، والبالغ عددها 2000 مكتب يعمل بها عشرة آلاف معقب، ولهذا فإن هذا القرار الذي صدر قبل ست سنوات لم ينفذ حتى الآن، فهل يستطيع وزير العمل تنفيذه ؟ خاصة وأن القرار ظاهره الإصلاح والقضاء على الفساد، وباطنه القضاء على المستفيدين بدون حق، والذين تسببوا في الكثير من الفساد في البلد، وهم كما قلت أصحاب نفوذ.