أثارني تقرير تلفزيوني على قناة cnbc الأمريكية يتناول مغامرات مراسلي العديد من القنوات التلفزيونية الأمريكية أثناء تغطيتهم المباشرة من موقع الحدث لإعصار ساندي، المدهش أنهم من المشاهير بهذا المجال أي مجال المغامرة بحياتهم لينقلوا الحدث للمشاهدين وبصورة واقعية ومباشرة دون إشاعات أو روتوشات، كان التقرير يتحدث عن مخاطرة هؤلاء الأبطال بحياتهم بكل ما تعنيه الكلمة، أبسط خطر قد ينهي حياة أحدهم أن يقع في مستنقع مائي مكهرب، وغيره من الأخطار التي شاهدتها مباشرة لهم وهم يقومون بمهمتهم العظيمة. هنا عدت لمقالي الأسبوع الماضي وأنا أتحدث عن مراسلي القنوات الفضائية في الحج، وهنا لابد من التفريق ما بين مراسل التقارير والمراسل المباشر للحدث، والأخير وبكل ألم نفتقده كثيراً، فبمجرد ظهور بعض المراسلين على الهواء من موقع الحدث تجد أنواع اللخبطة والعشوائية والتعتعة وخلافها من الأمور المحزنة إعلامياً، يوم الخميس الماضي وتحديداً على قناة ال MBC كانت هناك متابعة لحادث عرس بقيق وتحديداً حادث عين دار، تألمت من مراسل القناة من موقع الحدث من جهتين الأولى أنه من سير التقرير الذي كنا نشاهده لاحظت عدم التحضير والتركيز في التغطية المتوقعة منه، والثاني والذي دلل على ذلك التعامل غير الأخلاقي مهنياً عندما استضاف المراسل شقيق العريس وعند بداية كلامه العفوي البسيط ومحاولته العفوية مناشدة الكريم خادم الحرمين الشريفين لجبر مصاب الضحايا وتعويضهم لتخفيف أحزانهم، شاهدت المراسل يخطف المايكرفون بعصبية ويبتعد عن الرجل قبل أن يتم ربع كلمته ويتيح المراسل لنفسه الحديث وبعشوائية وكأن المواطن البسيط الذي تحدث معه اقترف ذنباً كبيراً وخالف الأعراف، وهنا تكمن الخبرة الضعيفة للأسف لمراسلينا، فهو يمسك بالمايكرفون تحت ضغط نفسي وتراكمي المتسبب فيها بالمقام الأول خبرته الإعلامية، وهذا الأمر أشاهده كثيراً من مراسلينا عندما ينكشفون ويقعون تحت اختبار البث المباشر ويسقطون به كثيراً!. افتقادنا للمراسل هو الذي يجعل من قنواتنا الرسمية تظل بسبات عميق من النوم، عندما يحدث انفجار مروع كما حدث صباح الخميس بالرياض، من وجهة نظري المراسل المحترف لا ينتظر الطلب لكي يصله بطريقة بيروقراطية ليغطي الحدث، هو من يكسر جمود البيروقراطية ولكن أين هو هذا المراسل المحترف، ببساطة لدينا مجتهدين وليسوا مراسلين بالمعنى الحقيقي إعلامياً، الأمر لا يتعلق بمحاذير وممنوعات يتعلل بها البعض، الأمر يتعلق بمهنية عالية هي موهبة بالأساس وممارسة أيضاً. الإعلام الجديد وخصوصاً «تويتر» أتاح الفرصة للكثير من الشباب الواعي لينقل الحدث الخاص بانفجار الرياض بأمانة ووطنية، صحيح أن الكثير استغل الحدث بشكل سيء ولكن الغالب على الأمر أن المعلومة وصلت للناس بسرعة فائقة، فكيف سيكون حال الكثيرين وهم يتابعون ما نقلته الوكالة العالمية رويترز بعد الحادث بأكثر من ساعة ونقلته مباشرة قناة سكاي نيوز العربية «أن انفجاراً يهز مبنى صناعياً في العاصمة السعودية الرياض»!. نحن الآن في عصر جديد إعلامياً، دعوة الإعلامي راشد الفوزان عند بداية وقوع الانفجار لضرورة خروج تصريح رسمي وعبر وسائل الإعلام الجديد، بات ضرورة ملحة كنت والكثيرين ينادي بها منذ زمن، لكي لا يتاح للإشاعة أي فرصة، وهذا الأمر لمسته وبوعي من تصريح الأمير متعب بن عبدالله رئيس الحرس الوطني والذي باستمرار نجده يتحدث وبعقلانية وأهمية عن الإعلام الجديد ودوره أحياناً في إثارة الإشاعات والبلبلة وهذا الوعي ليس مستغرباً على سموه ولكن نحتاج بالفعل لصوت رسمي يتناسب تفاعله مع سرعة وثورة الإعلام المرعب الذي نعيش في فلكه!.