رغم التحذيرات المعلنة سابقا فاجأني احد الاصدقاء انه يواجه صعوبة في الحصول على حجز للعاصمة اللبنانية بيروت ، هذا الكلام قبل حادث الاشرفية الدموي ، كل المؤشرات كانت تتوقع ان يحدث امر ما ببيروت كعاصمة شهيرة في مغازلة الاحداث لها.. استيقظت القنوات الفضائية الإخبارية من سبات مؤقت بعد ان أصبح موت الآلاف في سوريا من الاخبار الروتينية والمعتاد عليها للاسف منذ اندلاع الثورة السورية الشعبية، الاعلام بعد ان مل وبحزن من ترديد مذيعيه ومذيعاته كل صباح ومساء (قتل وقتل وقتل ) بالطرق الاعتيادية كان الاحتياج لاحداث مختلفة نوعا ما وبموقع مختلف ايضا، كان حادث تفجير الاشرفية «مباشر» في تفاصيله الدقيقة، المشاهد على بعد آلاف الكيلو ميترات كان قريبا من الحدث او بمعنى أدق وسط الحدث،الاعلام اللبناني وهيمنته واحترافيته كان حاضرا كالمعتاد، التعامل مع الاعلام أمنيا كان راقيا، بالامكان وبسرعة تنافس «قفزة فيلكس» اغلاق المنطقة واغلاق عدسات الاعلاميين وكسرها اذا لزم الامر تحت «بند» الحالة الامنية ، ولكن كل هذا لم يحدث ، ونقل الاعلام بالصوت والصورة المتحركة والثابتة بشاعة ما حدث بساحة ساسين ، تلك الساحة الراقية التي تجمع اللبنانيين بمختلف طوائفهم بها في اوقات الاجازات والاعياد والفرح والانفجارات ايضا. عاد وبقوة محللي الانفجارات من الخبرات المعروفة والعسكرية خصوصا، ليكون صوتهم قويا وهم يسيطرون ولو لدقائق على بث الفضائيات الاخبارية ، بعد ان سيطر عليها المحللون السياسيون الذين مللنا من نظرياتهم حول الاوضاع الراهنة التي نعيشها، عاد للوجود النجم الميداني المراسل، البث المباشر في الكثير من القنوات الفضائية امتد لاكثر من 24 ساعة متواصلة من موقع الحدث. البعض يعارض الانفتاح الفضائي بالبث المباشر لموقع انفجار الاشرفية خوفا من المناظر المؤلمة والتي قد تؤثر على الاطفال والاشخاص اصحاب القلوب المرهفة، وانعكاسات هذا الامر من الناحية النفسية، ولكن جميع هذه الاسباب لامكان لها للاسف في اعلام اليوم، لن تندهش وانت تشاهد المصور الفوتغرافي وهو يركض بسرعة خلف احدى الجثث الغارقة بالدم ليصورها ويكسب السبق وينال رضا الوكالة المحلية او العالمية التي يعمل معها، لم نشاهد وبدون ادنى احترافية أي قناة فضائية كلفت نفسها وضع شريط متحرك لتحذير المشاهدين عن بشاعة بعض الصور المنقولة لهم بصورة مباشرة، الامر لا مجال له ، من قتل بالانفجار من كبار رجال الامن هو الحدث الاهم، الثمانية اشخاص والجرحى الآخرون امرهم مختلف، المهم ان لايكون النجم راغب علامة ضمن الضحايا، اما البقية فهم جزء من سيناريو الحدث او كانوا كومبارس الحفلة الدموية التي اعدها المجرمون لقتل شخص ارتفع باستشاده وودع كبطل لسجله الشرفي الحافل. امر انساني جميل اعجبني ولفت انتباهي على قناة العربية تحديدا في مساعدتها بدعم نداء مستشفيات بيروت لحاجتها لمتبرعين بالدم ، كم من متبرع ساهم هذا النداء في دعوته ، والامر الآخر الذي لفت انتباهي اكثر هو عدم التجمهر غير المبرر في موقع الحدث من الملاقيف والفضوليين، فكانت الصورة فضائيا غير التي نشاهدها ودون وعي لدينا من البعض عند حدوث بعض الحوادث المرورية وخلافها..!!