سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
توقيع اتفاق السلام السوداني... هل يحقق الاستقلال ويتجاوز التحديات..؟ الجنوبيون أمام استفتاء بعد انتهاء الفترة الانتقالية.. و«دارفور المنسية» بحاجة لتضافر الجهود لإنهاء العنف
على إيقاع الرقص والاغاني جلس الفرقاء السودانيون السابقون معا الاحد لتوقيع أكوام مكدسة من الوثائق السميكة التي تلخص كيفية تحقيق السلام في جنوبي السودان. وتابع السودانيون الجنوبيون الذين كان بعضهم يرتدي قمصانا طبع عليها علم السودان فيما اتشح آخرون بالزي القبلي التقليدي نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه وزعيم التمرد الجنوبي جون قرنق وهما يوقعان الاتفاق. وينهي توقيع الاتفاق رسميا أطول حرب أهلية في أفريقيا. وبغض النظر عن فترة الهدوء النسبي بين عام 1972 و1983 فإن جنوبي السودان ظل في حالة حرب دائمة منذ استقلال البلاد عن بريطانيا عام 1956. وأودت الحرب الاهلية في الجنوب بحياة نحو مليوني شخص فضلا نزوح أربعة ملايين آخرين. وقال قرنق الذي سيتولى قريبا منصب نائب الرئيس في حكومة مؤقتة قائمة على أساس تقاسم السلطة للصحفيين قبل مراسم التوقيع إن هذه اللحظة مفعمة بالمشاعر له وللشعب السوداني. وأضاف أنه عشية السنة الميلادية الجديدة وعندما جرى توقيع الاتفاقيات الجزئية الاخيرة بما فيها اتفاق وقف اطلاق النار الدائم، كان قد مر 42 عاما منذ أن لجأ الى الادغال للانضمام الى المتمردين الذين بات زعيما لهم في النهاية. وخلال مراسم توقيع الاتفاق يوم الاحد وبينما كان محاطا بعدد من الرؤساء وغيرهم من كبار الشخصيات، فإن قرنق الذي يميل عادة إلى المزاح وإطلاق النكات بدا مشدوها ومتأثرا بهيبة هذه اللحظة التاريخية. وأكد الزعماء الذين شاركوا في المراسم أن العمل من أجل إحلال السلام الحقيقي في السودان لم ينته بعد بل انه بدأ في الحقيقة. وقال وزير الخارجية الامريكي كولن باول «ربما كان ذلك يعني نهاية الحرب ولكنه مجرد بداية للسلام». وأضاف سامسون كواجي المتحدث باسم المتمردين «عظيم أن يكون لدينا اتفاق على الورق .. بيد أنه لابد أن تتبعه نتائج ملموسة». وقال الرئيس الكيني مواي كيباكي «توقيع الاتفاق يؤذن ببداية طريق طويل مليء بالتحديات. وسيستمر الطرفان في مواجهة العديد من التجارب». وذاع صيت حكومة كيباكي كوسيط إقليمي للسلام حيث تصدرت جهود الوساطة في محادثات السلام السودانية والصومالية. وستتمثل الخطوة التالية في صياغة دستور مؤقت خلال الاسابيع القادمة على أن يعقب ذلك تشكيل حكومة مؤقتة يتم فيها تقاسم السلطة. وفي تموز «يوليو» ستبدأ فترة انتقالية مدتها ستة أعوام يسمح بعدها لسكان جنوب السودان بالتصويت في استفتاء حول ما إذا كانوا يرغبون في الاستقلال عن الخرطوم أم لا. ولكن على الرغم من مشاهد الفرحة الغامرة خلال مراسم توقيع الاتفاق إلا أنه سيكون من الصعب إنهاء عقود من فقدان الثقة المتبادل في الحال. ويذكر أن اتفاق السلام لا يغطي الصراع الاحدث عهدا في إقليم دارفور بغرب السودان حيث يعتقد أن 70 ألف شخص ماتوا فضلا عن إجبار 1,6 مليون شخص آخرين على النزوح عن ديارهم منذ تفجر الصراع قبل ما يقرب من عامين. ومن جانبه قال باول الذي أعلنت حكومته أن إقليم دارفور يشهد جرائم إبادة جماعية إن ثمة حاجة إلى بذل «جهود كبيرة» من أجل انهاء الصراع في دارفور. وشدد الوزير الذي يتأهب لترك منصبه عشية توقيع اتفاق نيروبي على وجوب أن يعمل الشركاء الجدد في السلام بشكل فوري على إنهاء العنف والفظائع في إقليم دارفور الذي لم يشمله الاتفاق. وبغض النظر عن النهج الذي سيسلكه المجتمع الدولي في تعامله مع إحلال السلام في دارفور فإنه يتعين إعادة بناء الجنوب الذي بات مدمرا ومنسيا ابان عقود الحرب. فالجنوب بحاجة الى طرق ومدارس ومؤسسات حكومية. كما يتعين على سلطات الجنوب إعادة وتوطين حوالي نصف مليون لاجئ سوداني باتوا موزعين في الدول المجاورة فضلا عن حوالي ثلاثة ملايين نازح مازالوا داخل السودان.