تستضيفه السعودية وينطلق اليوم.. وزراء الأمن السيبراني العرب يناقشون الإستراتيجية والتمارين المشتركة    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    البرهان يستقبل نائب وزير الخارجية    كاساس: دفاع اليمن صعب المباراة    قدام.. كلنا معاك يا «الأخضر»    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    إحالة ممارسين صحيين للجهات المختصة    جواز السفر السعودي.. تطورات ومراحل تاريخية    حوار «بين ثقافتين» يستعرض إبداعات سعودية عراقية    5 منعطفات مؤثرة في مسيرة «الطفل المعجزة» ذي ال 64 عاماً    التحذير من منتحلي المؤسسات الخيرية    لمن القرن ال21.. أمريكا أم الصين؟    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    مشيدًا بدعم القيادة لترسيخ العدالة.. د. الصمعاني: المملكة حققت نقلة تشريعية وقانونية تاريخية يقودها سمو ولي العهد    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    استشهاد العشرات في غزة.. قوات الاحتلال تستهدف المستشفيات والمنازل    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    مترو الرياض    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    القصيم تحقق توطين 80% من وظائف قطاع تقنية المعلومات    المدينة المنورة: وجهة استثمارية رائدة تشهد نمواً متسارعاً    مشاهدة المباريات ضمن فعاليات شتاء طنطورة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    الأمير فيصل بن سلمان يوجه بإطلاق اسم «عبد الله النعيم» على القاعة الثقافية بمكتبة الملك فهد    جمعية المودة تُطلق استراتيجية 2030 وخطة تنفيذية تُبرز تجربة الأسرة السعودية    نائب أمير الشرقية يفتتح المبنى الجديد لبلدية القطيف ويقيم مأدبة غداء لأهالي المحافظة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    المملكة واليمن تتفقان على تأسيس 3 شركات للطاقة والاتصالات والمعارض    اليوم العالمي للغة العربية يؤكد أهمية اللغة العربية في تشكيل الهوية والثقافة العربية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    طقس بارد إلى شديد البرودة على معظم مناطق المملكة    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    المملكة ترحب بتبني الأمم المتحدة قراراً بشأن فلسطين    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة المنورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وزير الاقتصاد: المملكة تواجه تحدي استحداث الفرص الوظيفية وإرساء معدلات الإنتاجية العالية
أكد أن 61% من سكان المملكة في سن العمل

وعد وزير الاقتصاد والتخطيط الدكتور محمد بن سليمان الجاسر أن تكون المرأة جزءًا أساسيًّا في خطة التنمية العاشرة، مؤكداً أن الخطط الخمسية راعت ذلك إلا أن الزيادة المضطردة لأعداد السعوديات المؤهلات والداخلات إلى قطاع الأعمال تحتّم أن يكون لها دور اكبر في المستقبل.
وقال الجاسر في محاضرة له مساء أمس الأول بالجامعة الإسلامية حول «مستقبل الاقتصاد السعودي في ظل التنامي المضطرد للاقتصادات الناشئة» إن المملكة تمر بفترة لم تحدث في تاريخها ولا تتكرر كثيراً في تاريخ الدول حيث يتجاوز عدد السكان ممن هم في سن العمل 61٪ مشدداً على أهمية الاستغلال الأمثل لهذه الميزة.
قضية التستر
وعبر الجاسر عن القلق حيال مشكلة التستر في قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة حيث تتحول فرص العمل الناشئة عن ذلك النشاط لعمالة أجنبية غير شرعية مما يحرم المواطن والمجتمع من فرص تحول تلك المنشآت إلى شركات كبيرة قابلة للنمو والتطور لرفد النمو الاقتصادي الوطني.
وأضاف: لقد تصدرت العناية بالأماكن المقدسة أولويات خطط التنمية مجسدة ما استهدفته الدولة في تطوير الحرمين الشريفين مما يوفر لقاصديهما أداء مناسكهم بكل يسر وسهولة، وقد وجهت القيادة أن تظل الرؤية المستقبلية للخدمات الدينية في المملكة مكرسة لخدمة الحرمين الشريفين، ورفع كفاءة تلك الخدمة بصورة دائمة بما ينسجم مع تعاليم وقيم ديننا السمحة، وتوجيه جل الاهتمام للحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة عمارة وتوسعة ونظافة وصيانة، وقد تلاحقت أعمالها منذ فجر هذه البلاد حتى يومنا هذا، حتى لا تكاد تمرّ سنة دون أن تحظى المشاعر بعناية فائقة من شأنها منحها أزهى حلل العمارة الإسلامية، وأرحب مساحة، وأفضل خدمة لضيوف الرحمن، ورغم ان المقام لا يتسع لسجل الإنجازات، إلا أنه حق علينا ونحن نرى هذا التوسع الهائل لأكبر توسعة للحرم النبوي أن نرفع أسمى آيات الشكر لخادم الحرمين الشريفين الذي أقرها وأجزل في تمويلها ويتابع تنفيذها بأرقى المواصفات وأفسح الساحات التي ستتيح لحوالي مليوني مصل الصلاة في وقت واحد.
الاقتصادات الناشئة
من جانب آخر، أشار الجاسر إلى أن السنوات العشر الأولى من الألفية الثالثة بمثابة عقد رائع للاقتصادات الناشئة حتى في مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية وكان التوقع أن تهيمن على ساحة الاقتصاد العالمي، وفي السنة الماضية تراجعت بعض أكبر تلك الاقتصادات ومعدلات نموها إلى النصف وما دونه، واليوم يتحدث بعض المحللين عن استمرار تباطؤ النمو في تلك الدول، إلا أنني أرى أن هذه التوقعات لن تكون صحيحة، حيث ان الاقتصادات الناشئة ومنها اقتصاد المملكة ستحافظ على مكانتها اللائقة وليس أدل على ذلك من النظر إلى قائمة الدول العشرين التي تضم المملكة لندرك الدور المحوري الذي تقوم به اقتصادياً.
وعرج الجاسر على بعض أمثلة على نجاح أداء المملكة الاقتصادي في سياق خطط التنمية الخمسية ولخصها في أن القاعدة الاقتصادية أصبحت أكثر تنوعاً ويتجلى أحد مؤشرات ذلك في نسبة مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج الإجمالي المحلي، حيث ارتفعت من 48.5٪ عام 1970 إلى 72.5٪ عام 2011 برغم الزيادة الكبيرة في إنتاج النفط عام 2011.
كما أن نسبة صادرات السلع غير البترولية إلى قيمة الواردات السلعية غير البترولية في المملكة قيماً لا تكاد تذكر خلال السبعينات، أما الآن فقد ارتفعت من 26.8٪ عام 2001 إلى 35.8٪، يضاف إلى تلك المؤشرات أن المملكة لم يكن لديها صناعة محلية لإنتاج الاسمنت في السبعينات والآن بلغ الإنتاج المحلي 24 مليون طن عام 2004 ليقفز إلى 62 مليون طن عام 2011، ومع نهاية عام 2011 بلغ مجموع أطوال الطرق المعبدة حوالي 233 ألف كم بين طرق سريعة تربط المدن وطرق داخل المدينة، علاوة على 136 ألف كم من الطرق المعبدة، وارتفع معدل العمر المتوقع عند الميلاد للمواطن السعودي من 53 سنة في أوائل السبعينات إلى 74 العام الماضي بفضل تحسن الخدمات الصحية، مشيراً إلى شواهد من نجاحات المملكة في الخدمات الصحية في التحصينات وانخفاض معدلات الوفاة وارتفاع عدد الأطباء في وزارة الصحة.
التستر في المنشآت الصغيرة والمتوسطة يحول فرص العمل لعمالة أجنبية غير شرعية
السياسات الاقتصادية
وأورد الجاسر في محاضرته لمحة عن بعض عناصر صناعة السياسات الاقتصادية وإدارتها في المملكة، موضحاً أن السياسة الاقتصادية لأي بلد تتضمن المحور المالي والمحور النقدي والمحور الهيكلي، فوزارة المالية مدعومة بالمجلس الاقتصادي الأعلى وتتولى مسؤولية إعداد وتنفيذ السياسة الاقتصادية من خلال ميزانية الدولة، حيث تنعم المملكة بمركز مالي مرموق بلغ فيه الإنفاق الحكومي أعلى مستوياته بينما تقلص الدين الحكومي من 100٪ من الدخل القومي عام 1999 إلى 4٪ الآن، كما أن لدينا احتياطيًا كبيراً من النقد الأجنبي وسيسهم هذان المركزان في تخفيف أي انعكاسات محتملة لأي انخفاض محتمل في الإيرادات النفطية في المستقبل.
وفي المحور النقدي، فإن مؤسسة النقد تضطلع بتنفيذ السياسات النقدية التي اتسمت بالحكمة وإن افتقرت إلى الحماس من قبل المؤسسات المصرفية قبيل الأزمة المالية، حيث وصفها البعض بأنها سياسة تنقصها روح المغامرة، إلا أنها خلال الأزمة وبعدها أثبتت الرأي الحصيف الذي نجح في اجتياز الأزمة دون أن يخلف ذلك تأثيرات من قبيل الركود الاقتصادي كما واجهته الدول المتقدمة.
وعلى الصعيد الهيكلي فإن وزارة الاقتصاد والتخطيط تتولى مسؤولية وضع السياسات الهيكلية من خلال إعداد خطط التنمية الخمسية وما يتعلق بها من الاستراتيجيات التي ترمي إلى تحقيق أهداف الخطط، ومن اولولياتها تنويع الاقتصاد الذي يمثل أول التحديات التي تواجه المملكة.
الصناعات التحويلية
واستعرض الجاسر بعض التحديات التي تواجه المملكة في غضون السنوات العشر إلى العشرين المقبلة، فقد ظل تنويع القاعدة الاقتصادية هدفاً من أهداف الخطط الاقتصادية للمملكة منذ الثمانينات ولكن مفهوم التنويع قد تطور بمرور الوقت، ففي عام 1984 تركز مفهومه على التحول من الاعتماد على النفط الخام إلى زيادة قدرات تكرير النفط، ثم التحول من الاعتماد على النفط المكرر والخام إلى تطوير منتجات بتروكيماوية ذات قيمة مضافة أعلى من النفط المكرر، وفي الوقت الحالي نشهد تطور مفهوم التنويع الذي يعني التحول من الاعتماد على القطاعات ذات الصلة بالنفط إلى الاعتماد على نشاط الصناعات التحويلية والخدمات ذات القيمة المضافة، ولا ينبغي لتلك الصناعات أن تهيمن عليها بالضرورة الشركات والمؤسسات الكبرى فالتجارب الدولية في هذا الصدد تشير إلى أنها ستعتمد على الشركات الصغيرة والمتوسطة، والمملكة تعكف على إجراء تقييم للشركات الصغيرة والمتوسطة بغية تحديد السياسات المتبعة وكيفية تحسينها وتطويرها بحيث يتسنى لنا استخلاص الدروس المستفادة وتضمينها في الخطط والبرامج القادمة.
وأضاف: نحن نستشعر القلق على وجه الخصوص حيال مشكلة التستر في قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة حيث تتحول فرص العمل الناشئة عن ذلك النشاط لعمالة أجنبية غير شرعية مما يحرم المواطن من تلك الفرص بل ويحرم المجتمع من فرص تحول تلك المنشآت إلى شركات كبيرة قابلة للنمو والتطور ترفد النمو الاقتصادي الوطني.
وسيسهم التنوع الاقتصادي في التعزيز الأمثل للموارد والاستفادة منها، لكنه لا يتحقق إلا إذا كانت الصناعات ذات قدرة تنافسية عالية، ومن ثم فإن التنوع الاقتصادي سيسهم في تحقيق العديد من أهدافنا الاقتصادية والاجتماعية ذات الأولوية التي تتمثل في تقليل الاعتماد على النشاطات المرتبطة بالنفط، وهناك هدف آخر للتوجه الحكومي للتنوع وهو ضمان التحول للمجتمع المعرفي المستدام، وسعياً لتحقيق ذلك فإن المملكة تقوم باستثمارات هائلة في هذا الصدد ومنها على سبيل المثال مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم العام، وادي الظهران للتقنية، برنامج يسّر، مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، مدينة المعرفة الاقتصادية بالمدينة، جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، والتوسع في نشر شبكات الألياف البصرية لتغطية كافة مناطق المملكة وهو جارٍ على قدم وساق، كما أن الجامعات السعودية تخطو خطوات واسعة في تعزيز البحوث.
قدرة تنافسية عالمية
وأكد أن تلك الإنجازات والجهود تعكس القناعة بأن هذا هو السبيل الوحيد الذي نضمن به أن يكون المواطن والاقتصادي ذا قدرة تنافسية عالمية، فرياح العولمة دفعت الدول لأن تفكر من منظور عالمي وألا تقصر نظرتها على أوضاعها المحلية، وأصبحت اقتصادات الدول أكثر تشابكاً وترابطاً، ولا شك أن المعرفة ستشكل العنصر الأكثر أهمية للقدرة التنافسية الاقتصادية في المستقبل، ونحن نملك الوسائل والأدوات المالية اللازمة للتحرك في هذا الاتجاه إلا أننا نسعى لتطوير الكفاءة الإنتاجية بوصفها العنصر بالغ الأهمية في هذا المضمار، فبدون إنتاجية مرتفعة للقوى العاملة فلن يكون بمقدورنا تحقيق الاستفادة الكاملة من الموارد التي حبانا الله بها ولن يكون لدينا القدرة التنافسية العالمية.
وأكد الجاسر أن هناك تحديين رئيسين تواجهما المملكة في هذا السياق، يتمثل الأول في تطوير السبل والوسائل التي تكفل للاقتصاد استحداث الفرص الوظيفية الكافية لاستيعاب الداخلين الجدد إلى سوق العمل في الحاضر والمستقبل، واستيعاب من ليس لديهم عمل في الوقت الحاضر، أما التحدي الثاني فيكمن في إرساء معدلات الإنتاجية العالية والحفاظ عليها بصورة مستدامة في كل من القطاعين الحكومي والخاص، ونحن نبذل جهوداً حثيثة على كافة الأصعدة لمجابهة هذين التحديين وأنا على يقين بقدرتنا على التغلب عليهما.
وعبّر الجاسر عن تفاؤله بمستقبل المملكة، بسبب ما تشهده المملكة من تطور سكاني يعرف ب «النافذة الديموغرافية» وهي مرحلة تزيد فيها أعداد أفراد المجتمع ممن هم في سن العمل عن غيرهم من بقية السكان، ففي عام 2011 تراوحت أعداد السكان ممن هم في سن العمل بين 15 و64 وشكلت 61٪ من مجموع السكان في مقابل 3.5٪ ممن تزيد أعمارهم عن 75 سنة، و35.6٪ ممن تقل أعمارهم عن 15 سنة، وهذه هي المرة الأولى التي تزيد فيها أعداد السكان ممن هم في سن العمل عن غيرهم، وهو وضع لا يتكرر كثيراً في تاريخ الدول والشعوب، وعلينا أن نحسن الاستفادة من هذه الفرصة متوخين الحكمة والحصافة في استغلالها.
المرأة ستكون جزءاً أساسياً في خطة التنمية العاشرة بعد زيادة أعداد المؤهلات
وقال الجاسر إن المملكة تدرك أهمية الاستفادة من نافذتها الديموغرافية الحديثة في تحقيق نمو اقتصادي مستدام وتحقيق زيادات مضطردة في المستوى المعيشي للمواطنين بتنمية القوى العاملة من خلال توفير التعليم والتدريب المناسب وتعزيز ذلك بأدوات ووسائل حديثة، وقد وجهت المملكة استثمارات هائلة في هذا المجال بوضع ما مجموعه 1.4 تريليون ريال من مجموع الخطة التنموية التاسعة حيث خصص ما يزيد على النصف في تنمية الموارد البشرية ويشمل ذلك التعليم والعلوم والتقنية، بما يؤكد أن المواطن السعودي يأتي في مقدمة الاهتمام، أما السياسات الأخرى فتمثل مجرد تفاصيل إضافية تعزز هذا التركيز وتدعم ذلك الأساس.
المداخلات والمناقشلت
وشهدت المحاضرة مداخلات ونقاشات مطولة من القاعتين الرجالية والنسائية، بدأت بسبب عدم تحول المملكة إلى دولة مماثلة لدول النمور الآسيوية وقد كانت أسبق في التخطيط، حيث أكد الجاسر أن البدايات كانت بعدد قليل من السكان مما اضطرها للاستعانة بأعداد كبيرة من العمالة الأجنبية، وفي بداية التخطيط كان معدل العمر 53 عاماً للمواطن السعودي، وكانت الأمراض تفتك بالمواطنين، واستغرقت وقتاً لتحسين صحة الإنسان، أما الآن فهناك تنوع في الاقتصاد فبين عامي 2001 و2011 ارتفعت الصادرات غير البترولية إلى 36٪، أما النمور الآسيوية فقد بلغت ما بلغت لأن لديها طاقة بشرية هائلة ذات كفاءة وانضباط عاليين.
وحول وجود معيار للتنوع الاقتصادي، قال الجاسر: لن نجد معياراً محدداً للتنوع، لكنه عبارة عن درجات، فإذا وصل مستوى الدخل القومي من الصناعات التحويلية إلى 40٪ خاصة في دولة لها ثروة بترولية فيمكن وصفها بتحقيق التنوع، والبترول سيظل لعقود وعقود هو أساس الاقتصاد السعودي وهذه نعمة يجب ألا نخجل منها ولا نكابر في هذا الأمر، لكن نحتاج صناعات تحويلية تعطي ميزة تنافسية تجعلها قابلة للاستدامة وتكفل فرص عمل للمواطنين فالتنويع ليس هدفاً بذاته ولكن فيما ينتجه من فرص العمل للمواطنين، وعدد اليد الأجنبية عال جداً والمجتمع يدفع تكلفتها أكثر من تكلفة الراتب الذي يدفعه صاحب العمل، والشركات الصغيرة لدينا لن تتطور لأنها تخشى فضح الجوانب غير المشروعة لديها بسبب التستر، والاقتصادات المتطورة تبدأ بالشركات الصغيرة في تطور طبيعي، إلا أن التحول لاقتصاد المعرفة سيساعد على التخلص من بعض المظاهر التي تحرم المجتمع من تطوير الأعمال التي يحتاجها المجتمع من شركات صغيرة إلى كبيرة متطورة وزيادة توظيف المواطنين في القطاع الخاص.
وفي مداخلة لعضو مجلس الشورى يوسف ميمني تساءل عن دور وزارة الاقتصاد والتخطيط في تحريك المشروعات المتعثرة وزيادة الاعتمادات لها، حيث أكد الجاسر أن خادم الحرمين الشريفين وضع متابعة المشاريع كأولوية من أولويات مجلس الوزراء، وهذا من أكثر الأشياء التي يركز عليها خادم الحرمين خلال مجلس الوزراء، ونحن نعد نظاماً آلياً متطوراً لمعرفة ومتابعة كل مشروع من حين يعتمد من المالية إلى توقيع العقود والإنجاز، ونتعاون مع كل الجهات بالرغم من أن الوزارة ليست جهة تنفيذية، مؤكداً أن عدد المشاريع في المملكة يصل إلى أكثر من 17 ألف مشروع لدى الدولة، فلا بد أن يكون هناك تعثر لسبب مقبول أو غير مقبول، لكن آليات المتابعة والمحاسبة أصبحت قيد التطور من يوم لآخر.
وفي سؤال لمحمد الدبيسي نائب رئيس النادي الأدبي الثقافي بالمدينة المنورة حول تطبيق الرهن العقاري ودور الوزارة فيه، قال الجاسر: نظام الرهن العقار تأخر كثيراً في هذا البلد، وملكية السكن هي من أهم مؤشرات الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي ويجب أن تدعم من عدة جهات في الدولة وقد خطا خطوة كبيرة بإنشاء وزارة الإسكان والبدء بإنشاء 500 ألف وحدة سكنية للمواطنين.وردّا على سؤال لوكيل كلية الحديث بالجامعة حول توسع البنوك التجارية في القروض الاستهلاكية للمواطنين وهل يمثل خطراً على الاقتصاد الوطني؟ وهل لدى الوزارة إجراءات أو خطط في الحد من تلك القروض؟، أكد الجاسر أن مسألة القروض حرية شخصية والدولة لا تستطيع منع الناس من الاقتراض، لكنها تستطيع تنظيمه، وهذا ما فعلته حينما حددت الحد الأعلى بخمسة عشر راتباً للقرض وألا يتجاوز القسط ثلث الراتب الشهري، وإذا لم تفعل ذلك فسيتجه المواطن للقروض غير النظامية.
وفي جوابه على سؤال حول الفرق الشاسع في الخدمات بين المناطق، أكد الجاسر أن أكثر من 65٪ من سكان المملكة منحصرون بين جدة ومكة والرياض والدمام وما حول هذه المدن، فلدينا تركز سكاني لذلك نجد الخدمات والمصانع تتركز في هذه المناطق ولسنا استثناء من الدول الأخرى، ولو لاحظتم الخطة السابقة نجد أن الجامعات انتشرت في معظم مناطق المملكة والعناية الصحية انتشرت فأعتقد أن هناك تحركاً نحو إعادة تنظيم منظومة الخدمات للحد من الهجرة للمدن الكبرى، فالرياض الآن يسكنها حوالي 6 ملايين وهو حجم كبير في منطقة واحدة، وهناك توجه صحي لإعادة النظر في منظومة التنمية الإقليمية وتوزيع الخدمات بشكل أفضل بين المناطق ولا يكون التركيز على المناطق الرئيسة.
وفي ردٍ له على سؤال حول ارتباط الريال السعودي بالدولار، قال الوزير: الارتباط بالدولار ليس سياسياً بل هو مصلحيّ، فلا زال اقتصادنا يعتمد على البترول، والبترول مسعر بالدولار لنا ولغيرنا حتى للأوروبيين، وبالتالي إذا كان أكثر دخل المملكة ووارداتها بالدولار، فإن هناك في الاقتصاد ما يسمى بالتحوط، فلو لم يكن لديك هذا التحوط فستضطر لدفع الملايين للدول الأجنبية من أجله، مستدركاً أنه عندما تكون القاعدة الصناعية والإنتاجية والصادرات أكثر تنوعاً فلكل حادث حديث، مشيرا الى أن الارتباط بالدولار خدم اقتصادنا خدمة كبيرة، فالعملات ترتفع وتنزل، ولو ارتبطنا بأي عملة أخرى أو بأي سلة فسيكون الارتفاع والانخفاض مزعجاً، والمملكة جربت فكنا مرتبطين بسلة، وعانى الاقتصاد منها كثيراً.
أهمية المحاضرة
من جانبه، قال مدير الجامعة الإسلامية الأستاذ الدكتور محمد بن علي العقلا إن المحاضرة تأتي ضمن برنامج الجامعة الثقافي لتسلط الضوء على جانب مهمة من جوانب اقتصاد وطننا الحبيب، مشيراً إلى أن التنمية الاقتصادية أصبحت في هذا العصر هي التحدي الأكبر والأخطر الذي يواجه الدول، فالاقتصاد هو عصب الحياة ومحرك النهضة والتطور في شتى المجالات، والتطور والنمو الاقتصادي لا يتأتى إلا بالتخطيط الصحيح الذي يُبنى على الواقع ويستشرف المستقبل ومتغيراته. ومن هنا تأتي أهمية المحاضرة والحوار المفتوح مع وزير الاقتصاد والتخطيط الدكتور محمد الجاسر لتعرف المجتمع بمختلف شرائحه وفئاته ويطمئن على مستقبل الاقتصاد السعودي في ظل النمو المضطرد للاقتصاديات الناشئة في العالم.وأكد العقلا أن برنامج الجامعة الثقافي يحرص على استضافة كبار العلماء والمفكرين وصناع القرار في لقاءات مفتوحة لغرس الثقافة المعرفية المتنوعة في المجتمع لتعزيز مبدأ الحوار بين المواطن والمسؤول بإتاحة الفرصة للمواطنين للقاء المسؤولين ومناقشة رؤاهم وأفكارهم وعرضها على صاحب الاختصاص مباشرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.