عبّر وزير الاقتصاد والتخطيط الدكتور محمد الجاسر عن قلقه حيال مشكلة التستر في قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة، «إذ تتحول فرص العمل الناشئة عن ذلك النشاط لعمالة أجنبية غير شرعية، ما يحرم المواطن من تلك الفرص، بل ويحرم المجتمع من فرص تحوّل تلك المنشآت إلى شركات كبيرة قابلة للنمو والتطور، ترفد النمو الاقتصادي الوطني»، مبيناً أن القاعدة الاقتصادية أصبحت أكثر تنوعاً، ويتجلى أحد مؤشراتها في نسبة إسهام القطاع غير النفطي في الناتج الإجمالي المحلي، الذي ارتفع من 48.5 في المئة عام 1970 إلى 72.5 في المئة عام 2011 على رغم الزيادة الكبيرة في إنتاج النفط من العام نفسه. وتطرق في المحاضرة التي ألقاها بالجامعة الإسلامية في المدينةالمنورة بعنوان «مستقبل الاقتصاد السعودي في ظل التنامي المطرد للاقتصادات الناشئة»، إلى مؤشرات أخرى في شأن ارتفاع نسبة إسهام القطاع غير النفطي في الناتج الإجمالي المحلي، مُستعرضاً بعض عناصر صناعة السياسات الاقتصادية وإدارتها في المملكة، وبعض التحديات التي تواجه المملكة في غضون السنوات العشر إلى العشرين المقبلة. وأكّد الجاسر أن تنويع القاعدة الاقتصادية ظلّ هدفاً من أهداف الخطط الاقتصادية للمملكة منذ الثمانينات، لافتاً إلى أن التنوع الاقتصادي يُسهم في تحقيق العديد من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية ذات الأولوية، التي تتمثل في تقليل الاعتماد على النشاطات المرتبطة بالنفط، وأن هناك هدفاً آخر للتوجه الحكومي إلى التنويع، وهو ضمان التحول إلى المجتمع المعرفي المستدام، وسعياً إلى تحقيق ذلك، فإن المملكة تقوم باستثمارات هائلة في هذا الصدد. وقال إن السنوات العشر الأولى من الألفية الثالثة تعد بمثابة عقد رائع للاقتصادات الناشئة حتى في مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية، وكان التوقع أن تهيمن على ساحة الاقتصاد العالمي. وأوضح أنه في السنة الماضية تراجعت بعض أكبر تلك الاقتصادات ومعدلات نموها إلى النصف وما دونه، فيما يتحدث بعض المحللين اليوم عن استمرار تباطؤ النمو في تلك الدول. ورأى وزير الاقتصاد والتخطيط أن هذه التوقعات لن تكون صحيحة، وأن الاقتصادات الناشئة ومنها اقتصاد المملكة ستحافظ على مكانتها اللائقة، مُدللاً على ذلك بقائمة الدول العشرين التي تضم المملكة لمعرفة الدور المحوري الذي تقوم به اقتصادياً. إن هناك تحديين رئيسيين تواجههما المملكة في هذا السياق، يتمثل الأول في تطوير السبل والوسائل التي تكفل للاقتصاد استحداث الفرص الوظيفية الكافية، لاستيعاب الداخلين الجدد إلى سوق العمل في الحاضر والمستقبل، ويتمثل الثاني في استيعاب من ليس لديهم عمل في الوقت الحاضر، وإرساء معدلات الإنتاجية العالية، والحفاظ عليها بصورة مستدامة في كل من القطاعين الحكومي والخاص. وقال: «نحن نبذل جهوداً حثيثة على الصعد كافة، لمجابهة هذين التحديين، وعلى يقين بقدرتنا على التغلب عليهما»، معرباً عن تفاؤله الشديد بمستقبل المملكة وقدرتها في التغلب على التحديات التي تواجهها. وزاد الدكتور محمد الجاسر، قائلاً: إن ما يدعو إلى التفاؤل والثقة، هو أن المملكة تشهد مرحلة مميزة في تطورها السكاني، تعرف ب«النافذة الديموغرافية»، وهي مرحلة تزيد فيها أعداد أفراد المجتمع، ممن هم في سنّ العمل عن غيرهم من بقية السكان. وأشار إلى أن المملكة تدرك أهمية الاستفادة من نافذتها الديموغرافية الحديثة في تحقيق نمو اقتصادي مستدام، وتحقيق زيادات مطردة في المستوى المعيشي للمواطنين بتنمية القوى العاملة من خلال توفير التعليم والتدريب المناسب، وتعزيز ذلك بأدوات ووسائل حديثة، لافتاً النظر إلى أن المملكة وجهت استثمارات هائلة في هذا المجال بوضع ما مجموعه 1.4 تريليون ريال من مخصصات الخطة التنموية التاسعة، وخُصص ما يزيد على النصف في تنمية الموارد البشرية، ويشمل ذلك التعليم والعلوم والتقنية، بما يؤكد أن المواطن السعودي يأتي في مقدم اهتمام القيادة الرشيدة.