عدّ وزير الاقتصاد والتخطيط الدكتور محمد بن سليمان الجاسر عناية قيادة المملكة بالحرمين الشريفين من أولويات خطط التنمية ، مشيرا إلى أن المملكة باتت الآن أكثر من أي وقت مضى قادرة بعون الله على مواجهة التحديات الاقتصادية بفضل الرؤية الرشيدة للقيادة وبفضل البرنامج الاستثماري الضخم الذي تبنته المملكة لدعم مفاصل الاقتصاد المحلي وتنويعه. وقال في مستهل محاضرة ألقاها في الجامعة الإسلامية بالمدينةالمنورة بعنوان “مستقبل الاقتصاد السعودي في ظل التنامي المضطرد للاقتصادات الناشئة” أن العناية بالأماكن المقدسة تصدرت أولويات خطط التنمية مجسدة ما استهدفته الدولة من تطوير للحرمين الشريفين بما يوفر لقاصديهما أداء مناسكهم بكل يسر وسهولة، مشيرا إلى أن القيادة الرشيدة وجهت بأن تظل الرؤية المستقبلية للخدمات الدينية في المملكة مكرسة لخدمة الحرمين الشريفين ورفع كفاءة تلك الخدمة بصورة دائمة بما ينسجم مع تعاليم وقيم ديننا السمحة وتوجيه جل الاهتمام للحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة عمارة وتوسعة ونظافة وصيانة. وأضاف الدكتور الجاسر أن أعمال المملكة في هذا الجانب تلاحقت منذ فجر هذه البلاد حتى يومنا هذا و لا تكاد تمرّ سنة دون أن تحظى المشاعر بعناية فائقة من شأنها منحها أزهى حلل العمارة الإسلامية وأرحب مساحة وأفضل خدمة لضيوف الرحمن. وتناول بعض الملاحظات العامة على الاقتصاديات الناشئة، موضحاً أن السنوات العشر الأولى من الألفية الثالثة تعد بمثابة عقد رائع لتلك الاقتصادات حتى في مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية وكان التوقع بأن تهيمن الاقتصادات الناشئة على ساحة الاقتصاد العالمي . وأوضح أنه في السنة الماضية تراجعت بعض أكبر تلك الاقتصادات ومعدلات نموها إلى النصف وما دونه فيما يتحدث بعض المحللين اليوم عن استمرار تباطؤ النمو في تلك الدول. ورأى وزير الاقتصاد والتخطيط أن هذه التوقعات لن تكون صحيحة وأن الاقتصادات الناشئة ومنها اقتصاد المملكة ستحافظ على مكانتها اللائقة, مدللاً على ذلك بقائمة الدول العشرين التي تضم المملكة لمعرفة الدور المحوري الذي تقوم به اقتصادياً. وعبّر الدكتور الجاسر عن قلقه حيال مشكلة التستر في قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة إذ تتحول فرص العمل الناشئة عن ذلك النشاط لعمالة أجنبية غير شرعية مما يحرم المواطن من تلك الفرص بل ويحرم المجتمع من فرص تحول تلك المنشآت إلى شركات كبيرة قابلة للنمو والتطور ترفد النمو الاقتصادي الوطني, مبيناً أن القاعدة الاقتصادية أصبحت أكثر تنوعاً ويتجلى أحد مؤشراتها في نسبة إسهام القطاع غير النفطي في الناتج الإجمالي المحلي التي ارتفعت من 48.5% عام 1970م إلى 72.5% في العام الماضي 2011م برغم الزيادة الكبيرة في إنتاج النفط عام 2011م . وتطرق كذلك إلى مؤشرات أخرى بشأن ارتفاع نسبة إسهام القطاع غير النفطي في الناتج الإجمالي المحلي ، مستعرضا بعض عناصر صناعة السياسات الاقتصادية وإدارتها في المملكة وبعض التحديات التي تواجه المملكة في غضون السنوات العشر إلى العشرين المقبلة. وأكد أن تنويع القاعدة الاقتصادية ظل هدفاً من أهداف الخطط الاقتصادية للمملكة منذ الثمانينات، لافتاً النظر إلى أن التنويع الاقتصادي سيسهم في تحقيق العديد من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية ذات الأولوية وتتمثل في تقليل الاعتماد على النشاطات المرتبطة بالنفط وأن هناك هدف آخر للتوجه الحكومي للتنويع وهو ضمان التحول للمجتمع المعرفي المستدام وسعياً لتحقيق ذلك فإن المملكة تقوم باستثمارات هائلة في هذا الصدد. ولاحظ أن هناك تحديين رئيسين تواجهما المملكة في هذا السياق يتمثل الأول في تطوير السبل والوسائل التي تكفل للاقتصاد استحداث الفرص الوظيفية الكافية لاستيعاب الداخلين الجدد إلى سوق العمل في الحاضر والمستقبل واستيعاب من ليس لديهم عمل في الوقت الحاضر وإرساء معدلات الإنتاجية العالية والحفاظ عليها بصورة مستدامة في كل من القطاعين الحكومي والخاص. وقال ” نحن نبذل جهوداً حثيثة على الصعد كافة لمجابهة هذين التحديين وعلى يقين بقدرتنا على التغلب عليهما” ، معربا عن تفاؤله الشديد بمستقبل المملكة وقدرتها بعون الله على التغلب على التحديات التي تواجهها . وزاد الدكتور محمد الجاسر قائلا : إن ما يدعو للتفاؤل والثقة هو أن المملكة تشهد مرحلة متميزة في تطورها السكاني تعرف ب “النافذة الديموغرافية” وهي مرحلة تزيد فيها أعداد أفراد المجتمع ممن هم في سن العمل عن غيرهم من بقية السكان. وأشار إلى أن المملكة تدرك أهمية الاستفادة من نافذتها الديموغرافية الحديثة في تحقيق نمو اقتصادي مستدام وتحقيق زيادات مضطردة في المستوى المعيشي للمواطنين بتنمية القوى العاملة من خلال توفير التعليم والتدريب المناسب وتعزيز ذلك بأدوات ووسائل حديثة، لافتا النظر إلى أن المملكة وجهت استثمارات هائلة في هذا المجال بوضع ما مجموعه 1.4 تريليون ريال من مخصصات الخطة التنموية التاسعة وخصص ما يزيد على النصف في تنمية الموارد البشرية ويشمل ذلك التعليم والعلوم والتقنية بما يؤكد أن المواطن السعودي يأتي في مقدمة اهتمام القيادة الرشيدة . وكانت المحاضرة قد بدأت بكلمة لمدير الجامعة الاسلامية الدكتور محمد العقلا أشار فيها إلى أن التنمية الاقتصادية أصبحت في هذا العصر التحدي الأكبر والأخطر الذي يواجه الدول لأن الاقتصاد هو عصب الحياة ومحرك النهضة والتطور في شتى المجالات ولأن التطور والنمو الاقتصادي لا يتأتى إلا بالتخطيط الصحيح الذي يُبنى على الواقع ويستشرف المستقبل ومتغيراته. وتطرق الدكتور العقلا إلى أهمية موضوع المحاضرة التي ستسهم في تعريف المجتمع بمختلف شرائحه وفئاته بالوضع الاقتصادي كما يطمئن على مستقبل الاقتصاد السعودي في ظل النمو المضطرد للاقتصاديات الناشئة في العالم. وأكد حرص برنامج الجامعة الثقافي على استضافة كبار العلماء والمفكرين وصناع القرار في لقاءات مفتوحة لغرس الثقافة المعرفية المتنوعة في المجتمع لتعزيز مبدأ الحوار بين المواطن والمسؤول, بإتاحة الفرصة للمواطنين للقاء المسؤولين ومناقشة رؤاهم وأفكارهم وعرضها على صاحب الاختصاص مباشرة. وشهدت المحاضرة مداخلات ونقاشات من القاعتين الرجالية والنسائية حول موضوعها وأخرى بشأن مكانة المملكة في الدورة الاقتصادية العالمية وعن الخدمات التنموية في جميع مناطق المملكة و دور المرأة في خطط التنمية وما يتصل بمسألة الرهن العقاري وأداء البنوك السعودية. المدينةالمنورة | واس