" أم عزيوه "تعبت من كثر ما تبذله من مجهود، حول صدّ عزيوه من" قشارته "المعهودة و" تفليقه "لعيال الجيران. عزيوه هذا الابن المدلل لأبيه الذي لا يشاهده في اليوم الا في وقت الضحى بعد ان يعود إلى بيته من" الدكان "، وفي بقية اليوم تكون المسئولية ملقاة على والدة عزيوه. في وقت العصرية تتجمع النساء كالعادة امام بيت" الحصى أم عزيوه "يفترشون بساطاً مقلماً ومنهن من تأتي بال"الكراث والملّح والشاهي والقهوة "ثم ينطلقن في سواليف العصاري التي لا تمل، هؤلاء النسوة بعضهن تقرض الشعر والأُخر يسمعنه وينقلنه ويتناقشن عن الحارة وزواج فلان على فلانه ومثل هذه الأحاديث. تسحب" المِرّكى "أم عزيوه وتضعها تحت خاصرتها، وتقول لجاراتها:" عزيوه هبل بي..اما انه بيعقل والا ذبيته على ابوه ورحت لاهلي.! قبله مفشلني مع الجيران". تقاطعها" هيلة ام الشلية ":وراه ياكافي.؟، كل البزارين شياطين، مهيب ناقصةً على ولدك.! اشربي بيالتك وتقشمي ابرك لك من هالسوالف". فجأة يمر عيضة يمني يبيع على عربته ذات الثلاث عجلات"عسكريم"، فجأة يتطامر الصبية من ملعبهم" الطجمة" ويهجمون على مجلس النساء طالبين" اربعة قروش " لشراء بعض من" العسكريم". مع النساء جارتهم من حائل، يلقبونها" الحايلية "لاتتكلم كثيراً لكنهم يلحون عليها بالحديث، يعشقون لهجتها، هذه " الحايلية "تغضب عليهم:"شنوحكم تطيعون وغدانكم تراهن يتوغدن"يتدلع"، عسكريمة مطنط"وسّخ"وكله يرطش"مبتل"وهو يمرش"كذاب"..لكن حلاولات"ياليت"من يجوده"يمسكه" لعزيوه يندغوه"يضربه". تتطاير أعين النساء على" الحايلية " متفاجئين من حديثها الذي ينم عن غضبها منه، وتقاطعها هيلة:"وراك عليه ماتبينه يترزق في حارتنا"، ترد عليها وهي ممسكةً بابريق الشاي الملوّن:" يابعد حيي..انا علمتكم تراه نطول"سروق"و"عسكريمه" مغلوث"متسمم" وله منياعيلوه"من زمان"وبتشوفون لين انجظعوا "انسدح"وغدانكم. وبين حديث النساء ومجادلتهن يدخل على الحي مجموعة من الرجال يخططون البيوت والأزقة، تسألهم أم عزيوه:وش عندكم في ذا الحارة"، يرد عليها احدهم والله نبي نقيس"نمتر" بيوتكم ترى الحكومة تبي تثمنها وبيجيكم خير.؟!. لايعرفون التثمين ولا حتى المغزى من هذا الأمر، لكنهم قالوا:"طيب اصبروا لين يجون رجالنا، والله يحييكم". بعض هذه العوائل في الحارة الصغيرة، كان مستأجراً والبعض منهم كان متملكاً، وهي قسمة من الله ان تنقلب حياة المالكِين للبيوت الصغيرة ويستلمون الملايين. هذه العوائل وحتى بعد تثمين منازلها لم تخرج لان مشروع إزالة الحي لم يبدأ بل انتظروا لسنوات طويلة في منازلهم، البعض منهم قد رحل إلى حي آخر واجر بيته لسنوات. ابو عزيوه منهم، قد رحل في حي آخر واجر بيته الصغير رغم انه عوض بالمال الوفير، «هي العادة مشاريعنا نقرها ولا نبدأ بها الا بعد سنوات طويلة». علاقة الحارة انقطعت بين الرجال بعد تثمين البيوت، لكن النساء مستمرات مع بعض رغم بعد المسافة فيما بينهن.