عندما تشتري هاتفا نقالا أو جهاز كمبيوتر لا تنظر إلى المكونات الفيزيائية للجهاز فقط، وإنما هناك خصائص تعلن عنها الشركة المصنعة للجهاز قد لا تعمل على الشبكات المحلية للهواتف النقالة، وإذا عدنا للوراء قليلاً لنتذكر ما الذي حدث في أستراليا عند بدء بيع الجهاز اللوحي "الآيباد الجديد" لعلمنا جيداً هذا الفرق الشاسع والذي قد يوقعنا ضحية خدعة تسويقية، فالشركة المصنعة للجهاز أعلنت عن دعمه لشبكات الجيل الرابع وهذا ما وضعته الشركة المروجة هناك على منشوراتها، ولكن الجيل الرابع ترددات، والتردد الذي يعمل عليه "الآيباد الجديد" غير مدعوم في أستراليا وهذا ما اعتبرته حماية المستهلك هناك غشا وتدليسا انتهى بحكم قضائي للمستهلكين المتضررين نتج عنه تعويضهم مادياً. ومن منطلق آخر يقدم موقع "الفيسبوك" لمشتركيه خاصية تعمل بشكل تلقائي وهي "التعرف على الوجوه" والتي تعتمد على السماح للمشترك في الموقع من التعرف على صديقه في الصور الجماعية من خلال هذه الخاصية والتي تعمل بشكل آلي لتحديد أسماء الموجودين في الصورة. وفي ألمانيا اعتبر مكتب حماية البيانات ومكتب حرية المعلومات أن هذه الخاصية غير قانونية، لسبب واحد وهو أن الشركات من الممكن أن تستخدمها لتنشئ قاعدة بيانات وفقاً للسمات الشخصية للمستهلكين، وأدى ذلك إلى أن تقوم فيسبوك بإلغاء هذه الخاصية في دول الاتحاد الأوروبي بعد سيل من الانتقادات وجهتها لها الحكومات في دول الاتحاد الأوروبي، إلا أن فيسبوك أبقت هذه الخاصية متاحة في الدول خارج الاتحاد الأوروبي. وعلى النقيض من ذلك لم نسمع أي تحرك من هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات تجاه هذه الخاصية في المملكة ولا أي حديث أو دعم، حيث يظل المستهلك السعودي بدون جهة تحمي وضعه الافتراضي على الشبكة العنكبوتية، وعلاوة على ذلك لا تجد حراكاً لحماية المستهلك في السوق المحلية فالتلاعب في عتاد الكمبيوترات، وتقديم مواصفات خاطئة في الإعلانات التجارية ومع ذلك لا صوت يسمع. على موقع هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات وفي جزئية "عن الهيئة" هناك رابط خاص عن حماية حقوق المستخدمين حيث صنفت الهيئة هذا الأمر على أنه من أهم مهامها، ومع ذلك لم تتضمن الصفحة أو روابط يعود لها المستخدم لخدمة الإنترنت في المملكة في حالة وقع عليه الضرر، ولا توضيح لآلية الشكوى، ولا حتى نموذج إلكتروني يسهل على المستخدم السعودي تقديم شكواه من خلاله، ولكن على الصفحة الرئيسية للموقع هناك رابط لتقديم شكوى إلا أنه يشترط رفع صورة من بطاقة الهوية الوطنية. لا يشترط أن تكون الشكوى فقط على أحد مقدمي الخدمات داخل المملكة، وإنما من الواجب على هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات أن تراعي أنه من الممكن وقوع الضرر على المستخدم السعودي من مواقع خارج منظومة المواقع السعودية، أو من مواقع عالمية، ويجب على الهيئة أن تبادر لحماية خصوصية المستخدم السعودي للإنترنت من انتهاكها من قبل مواقع الشبكات الاجتماعية العالمية. استمرار الوضع بهذه الدرجة من السوء وبدون أن تلتفت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات وحماية المستهلك لردع الشركات والمواقع العالمية التي من الممكن أن توقع الضرر بالمستهلك المحلي، أو تستغل بياناته لأهداف تسويقية يجهلها المستهلك البسيط، قد لا يساعد على بناء مجتمع معلوماتي يشارك بفعالية في الحركة الإنمائية في المملكة.