في الفترة الماضية عرضت إحدى قنوات روتانا، فيلما بعنوان "أمريكا ". في الحقيقة شدني العنوان ولكن دار بخاطري فكرتي عن السينما العربية، وكيف هي - إلا القليل ومن رحم ربي - موغلة في التسطيح واستسهال الانتاج وركاكة الحوار الخ !!. وقلت لنفسي لربما تدور معظم أحداث الفيلم حول الانحلال الأخلاقي لأمريكا فقط أو حتى قد يركز الفيلم على تمجيد أمريكا!! وحقيقة لم أكن أدرك أن الفيلم جاء مزيجاً بين هذا وذاك، كان ببساطة واقعياً وعميقاً!!. الفيلم هو من إخراج الفلسطينية " شيرين دعبس " الأمريكية من أصل فلسطيني عام (2009). وهو أحد أفلام حصلت على جوائز لجنة "النقاد" الدولية في مهرجان "كان" السينمائي. فيلم "أمريكا" هو عن قصة امرأة فلسطينية اسمها "منى" تضطر للهجرة من فلسطين مع ابنها إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، هرباً من الظروف الصعبة في فلسطين. وبالفعل تحصل "منى " على البطاقة الخضراء "Green Card" والتي تتيح لها كما هو معروف الاقامة في أمريكا ومن ثم تمهد للفرد الحصول على الجنسية الأمريكية. تسافر "منى" مع ابنها بعد ممانعة شديدة منه، الى أمريكا وتذهب إلى "شيكاغو" لتلحق بأختها المقيمة هناك وزوجها الطبيب. وتدور قصة الفيلم في فترة الغزو الأمريكي للعراق عام 2003. تفشل "منى" في الحصول على وظيفة وهي التي كانت تعمل كمصرفية في فلسطين!. وتضطر للعمل في مطعم صغير بجانب بنك! وتستغل وجود البنك لتخفي عن أختها والبقية حقيقة عملها!! إذ تخبرهم أنها تعمل في بنك محترم!!. يواجه ابن "منى" إساءات متكررة من زملائه في المدرسة. فبعضهم ينعته بابن لادن!! أو يأتي أحدهم في الصف صارخا محذرا من هذا العربي الذي وضع قنبلة ستنفجر في الصف!!. وسرعان ما يتأثر ابن "منى" تحت هذه الضغوط وينجرف للمخدرات والسلوك العدواني لولا إدراك والدته له في النهاية!. ومن ناحية أخرى يشتد الصراع بين أخت "منى " وزوجها الطبيب وهو يشكو لها قلة عدد الزبائن في عيادته وخطابات التهديد العنصرية التي تصل له!. فما كان من أخت "منى" الا أن تلومه وتتهمه بالجبن، وأنه ترك فلسطين هارباً ليستقر في "أمريكا" حليف العدو والتي يدفع لها الضرائب لتقتل بها أبناء وطنه!!. هذا الحوار برأيي من أهم الحوارات في الفيلم، لأن هذا الحوار وما يحويه من أفكار تظل تلاحق المهاجرين الفلسطينيين في الغرب، وتثيره الملامة في حقهم من الآخرين الذين يرون تصرف الهجرة والاستقرار خارج فلسطين نوعاً من الخيانة والتآمر على الوطن!! وللحديث عن الفيلم بقية في المقال القادم بإذن الرحمن..