القصيم تحقق توطين 80% من وظائف قطاع تقنية المعلومات    إجراء قرعة بطولات الفئات السنية للدرجة الثانية    «خليجي 26»: رأسية أيمن حسين تمنح العراق النقاط ال 3 أمام اليمن    الأخضر يتعثر أمام البحرين    المنتخب العراقي يتغلّب على اليمن في كأس الخليج 26    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية "أرويا"    رحلة تفاعلية    المدينة المنورة: وجهة استثمارية رائدة تشهد نمواً متسارعاً    الشرع : بناء سوريا سيكون بعيدا عن الطائفية والثأر    للمرة الثانية أوكرانيا تستهدف مستودع وقود روسيا    القمر يطل على سكان الكرة الأرضية بظاهرة "التربيع الأخير"    صلاح يعيد ليفربول للانتصارات بالدوري الإنجليزي    مشاهدة المباريات ضمن فعاليات شتاء طنطورة    وزير الداخلية يبحث تعزيز التعاون الأمني ومكافحة تهريب المخدرات مع نظيره الكويتي    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    شرطة العاصمة المقدسة تقبض على 8 وافدين لمخالفتهم نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص    39955 طالبًا وطالبة يؤدون اختبار مسابقة "بيبراس موهبة 2024"    الأمير فيصل بن سلمان يوجه بإطلاق اسم «عبد الله النعيم» على القاعة الثقافية بمكتبة الملك فهد    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    مقتل 17 فلسطينياً.. كارثة في مستشفى «كمال عدوان»    اتفاقية لتوفير بيئة آمنة للاستثمار الرياضي    السعودية تستضيف غداً الاجتماع الأول لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    السعودية واليمن تتفقان على تأسيس 3 شركات للطاقة والاتصالات والمعارض    نائب أمير الشرقية يفتتح المبنى الجديد لبلدية القطيف ويقيم مأدبة غداء لأهالي المحافظة    جمعية المودة تُطلق استراتيجية 2030 وخطة تنفيذية تُبرز تجربة الأسرة السعودية    ولادة المها العربي الخامس عشر بمحمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    ولادة المها العربي ال15 في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    نجاح عملية جراحية دقيقة لطفل يعاني من ورم عظمي    شركة آل عثمان للمحاماة تحصد 10 جوائز عالمية في عام 2024    اليوم العالمي للغة العربية يؤكد أهمية اللغة العربية في تشكيل الهوية والثقافة العربية    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "الوعلان للتجارة" تفتتح في الرياض مركز "رينو" المتكامل لخدمات الصيانة العصرية    فتيات الشباب يتربعن على قمة التايكوندو    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    تنفيذ حكم القتل بحق مواطنيْن بتهم الخيانة والانضمام لكيانات إرهابية    أسمنت المنطقة الجنوبية توقع شراكة مع الهيئة الملكية وصلب ستيل لتعزيز التكامل الصناعي في جازان    طقس بارد إلى شديد البرودة على معظم مناطق المملكة    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «كنوز السعودية».. رحلة ثقافية تعيد تعريف الهوية الإعلامية للمملكة    ضبط 20,159 وافداً مخالفاً وترحيل 9,461    ولي العهد يطمئن على صحة ملك المغرب    «العالم الإسلامي»: ندين عملية الدهس في ألمانيا.. ونتضامن مع ذوي الضحايا    إصابة 14 شخصاً في تل أبيب جراء صاروخ أطلق من اليمن    «عكاظ» تنشر توصيات اجتماع النواب العموم العرب في نيوم    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    «يوتيوب» تكافح العناوين المضللة لمقاطع الفيديو    لمحات من حروب الإسلام    معرض وزارة الداخلية (واحة الأمن).. مسيرة أمن وازدهار وجودة حياة لكل الوطن    رحلة إبداعية    «موسم الدرعية».. احتفاء بالتاريخ والثقافة والفنون    السعودية أيقونة العطاء والتضامن الإنساني في العالم    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة المنورة    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المعرض التوعوي "ولاء" بالكلية التقنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيلم يهجِّر الفلسطينيين خارج الذات.. وداخل العالم
نشر في شمس يوم 03 - 08 - 2010

«هي هجرة أخرى إلى ما لست أعرف؟! ».. هكذا حسم الشاعر الراحل «محمود درويش» درب آلام شعبه الفلسطيني، وفيلم «أمريكا» يرفع هذه المقولة «ثيمةً» أساسية لتشريح صعوبات الحياة في الغربة، حين يصير السجن الداخلي في فلسطين بكل إفرازات الاحتلال أيضا مجبرا على المنفى، وللغريب على التأقلم مع الغربة بكل ويلاتها، عله يأتي يوم يستحق فيه الحياة على أرض كل ما فيها يستحق الحياة.
حيث أرض الفرص
يبدأ الفيلم أحداثه في عام 2003 بخطوات متعبة ل«منى» وهي امرأة فلسطينية من مدينة بيت لحم، مطلقة ولديها ولد مراهق «فادي»، وهي عائدة من عملها إلى البيت عبر الكثير من نقاط التفتيش الإسرائيلية أمام الجدار الفاصل والمستوطنات، ولم تكن منى فقط متعبة من هذا الوضع، بل كانت تخشى على سلامة ابنها.
وهنا تحصل منى على تأشيرة دخول مع ابنها إلى أمريكا ويحدوها الأمل ببدء حياة جديدة على الرغم من صعوبة اتخاذ قرار المغادرة ومعارضة فادي للأمر، خصوصا والمنطقة على تخوم أحداث الاجتياح الأمريكي للعراق.
وتدور أحداث الجزء الثاني، وهو الأكبر من الفيلم، في أمريكا مع وصولهما إلى مطار شيكاغو، ثم فقدان كل مدخرات منى بعد أن تصادر سلطات المطار علبة من المأكولات كان مبلغ «2.500 دولار» موضوعا فيها.
هكذا تصل منى منذ البداية مهزومة إلى أمريكا بعد فقدان مدخراتها، ثم سرعان ما تشعر بثقل العيش مع أسرة شقيقتها: فالزوج الطبيب يعاني من انخفاض زبائن عيادته بسبب الأوضاع السياسية، وتفشي الاعتداءات العنصرية بعد أحداث 11 سبتمبر، ومنى نفسها تفشل في العثور على عمل يتناسب مع شهادتها ووظيفتها كموظفة مصرفية، فتضطر إلى العمل في مطعم للمأكولات السريعة. لكنها تخفي الأمر عن شقيقتها وابنها وتتظاهر بأنها تعمل في المصرف المجاور.
هنا تظهر انعكاسات الغربة على أسرة فلسطينية تعيش في المهجر، من الاعتداءات العنصرية التي يتعرض لها «فادي» من جانب طلاب في المدرسة، ثم المحيط المختلف الذي يهدد بتمرد الفتى على والدته وانسحابه بعيدا إلى حيث يتعاطى المخدرات، مرورا بالمناقشات السياسية الساخنة التي تدور في حجرات الدراسة بين الطلاب. كل ذلك ينذر بكارثة على وشك الانفجار، أما منى فإنها تصر على التأقلم؛ إذ لا مكان للحياة إذن في ظل غياب الوطن وقسوة الغربة والمجتمع الذي يرفضها، لتكون مجرد الذكريات والموسيقى والأغاني ما يشد عزيمتها على التأقلم قسرا.
لذلك تبتكر منى مأكولات تطور بها ما يقدم في المطعم الأمريكي، فتدخل خلطة خاصة فيها الفلافل العربية، وهي وجبة تلقى قبولا لدى صديقها الأمريكي«مات» الذي يتعاطف معها، ثم لدى مدير المدرسة المطلق، الذي يبدي إعجابا خاصا بها، وسرعان ما يتضح أنه يهودي من أصل بولندي لأسرة من المهاجرين، وهو لهذا يتفهم معاناة الأسرة الفلسطينية في المحيط العنصري.
وينتهي الفيلم نهاية مفتوحة متفائلة رغم كل المعوقات، تشير إلى أن منى ستعثر على عمل في البنك، وأن فادي سيواصل تعليمه، وسيتكفل الزمن وحده بأن يجعله يتكيف مع زملائه في المدرسة الذين ينعته بعضهم ب«أسامة» في إشارة إلى أسامة بن لادن.
التجربة الأولى وسيل الجوائز
يمثل الفيلم تحولا جديدا في المشهد السينمائي الفلسطيني الحديث من حيث الطرح والموضوع والتكنيك، فهو الفيلم الأول الذي يتجه إلى نقاش موضوع الآخر، وتحليل مجتمع الغربة من خلال تحميل مقولات الخاص على العام، ومن خلال اختياره للمجتمع الأمريكي بعد أحداث سبتمبر منطلقا لبحث العنصرية والشيفونية، وإضاءة على أوضاع الجاليات العربية والمسلمة في تلك البلاد، وكل ذلك بشيء من البساطة الشديدة التي طبعت أسلوبية الطرح والنقاش.
لذلك تميز الحوار بالتلقائية والسلاسة وخفة الظل، وبهذا تنجح شيرين دعبس، وهي نفسها كاتبة السيناريو، في دفع الأحداث بسلاسة، مضفية نوعا من المرح الذي ينبع من المفارقات الكوميدية، والتناقض بين الشخصيات في سلوكياتها الصريحة والبسيطة، مما يخفف كثيرا من ثقل الأحداث، وإن كان لا يلغي جدية الطرح، وبالاعتماد على التفاصيل البسيطة في الفيلم لتشكل عمود ارتكاز يخرج من خلالها من رتابة السرد، وبتركيز شديد على إمكانيات الممثلين وأدائهم العفوي، وتفاصيل الواقع المتجسد أمام حركة الكاميرا الحرة وإخراج المشاهد، والإضاءة التي تنبع من مصادر طبيعية تكسب الصورة طابعا واقعيا، والمرافقة الصوتية التي تتميز بالأغاني والموسيقى العربية، تأكيدا على الهوية طيلة الوقت.
كل هذه العوامل مجتمعة جعلت الفيلم جديرا بسيل كبير من الجوائز والتكريمات والتنويهات التي بدأت في مهرجان كان السينمائي بحصوله على جائزة «لجنة النقاد الدولية»، وأحسن فيلم في «نصف شهر المخرجين» على الرغم من كونه التجربة الروائية الأولى لشيرين دعبس .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.