في افتتاح كأس آسيا بالطائف .. الأخضر السعودي تحت 17 عاماً يواجه الصين    أخضر السيدات يدشن معسكر الدمام ويواجه سريلانكا وهونغ كونغ    احتفالات مركز نعام بعيد الفطر المبارك 1446ه    المملكة تدين اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي للمسجد الأقصى    ضبط البوصلة    العثور على «صقر الأسياح» في العراق    «بنو قادس» لأول مرة في نهائي كأس الملك    الحكمي رئيسًا لبلدية أحد المسارحة    قمر صناعي صيني لبث الإنترنت    فرحة العيد    عيد الشعبة غير    هل هناك حاجة لزيادة عدد الفرق؟    شملت (١٠٦) مكرماََ *بيت الحمد التراثي يكرم رواد الحركة الرياضية في مركز نعام*    بلدية محافظة الشماسية تحتفل بعيد الفطر    متخصص في الاقتصاد الدولي : تنفيذ الرسوم الجمركية متبادلة قد يؤدي إلى عدم الاستقرار في الأسواق المالية الأمريكية    رسوم ترامب على السيارات ستشمل واردات بقيمة 600 مليار دولار منها أجهزة الكمبيوتر    بماذا أعددنا ل«يونيو»؟    مجمع الملك سلمان يُطلق برنامج «شهر اللغة العربية» في إسبانيا    تشهي التخطئة    ضبط إثيوبي في جازان لتهريبه (155,400) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    المملكة توزّع 467 سلة غذائية في مدينة بيروت بلبنان    الرياض تحتضن منتدى الاستثمار الرياضي 2025 الاثنين المقبل    جناح مكتبة الملك عبدالعزيز العامة في بولونيا يحظى بإشادة الزوار الإيطاليين والمبتعثين    هيئة العقار تدرس وضع حد لرفع الإيجارات    السفير الرقابي يقيم حفل استقبال ويشارك رئيس الجمهورية بصلاة عيد الفطر المبارك    الصحة العالمية: كل فرد مصاب بالتوحد هو حالة فريدة بذاته    فاطمة الفهرية التي أسست أقدم جامعة في العالم؟    وزارة الصحة الأمريكية تبدأ عمليات تسريح موظفيها وسط مخاوف بشأن الصحة العامة    رياح مثيرة للأتربة على 5 مناطق    استمرار احتفالات العيد بالمدينة بحزمة من الفعاليات والأنشطة الثقافية    ترحيب سعودي باتفاق طاجيكستان وقرغيزستان وأوزبكستان    خالد عبدالرحمن يشعل أولى حفلات العيد بالقصيم    عقد قران المهندس أحمد حسن نجمي على ابنة محمد حمدي    الخواجية يحتفلون بزواج المهندس طه خواجي    نواف بن فيصل يُعزّي أسرة الدهمش في وفاة الحكم الدولي إبراهيم الدهمش    رجال أعمال صبيا يسطرون قصص نجاح ملهمة في خدمة المجتمع وتنمية الاقتصاد المحلي    مدرب الشباب ينتقد التحكيم عقب الخسارة أمام الاتحاد    العيد يعزز الصحة النفسية    8 دول في أوبك+ تجتمع الخميس وتوقعات ببدء خطة رفع الإنتاج    تجربة سعودية لدراسة صحة العيون في الفضاء    محافظ الطوال يؤدي صلاة عيد الفطر المبارك في جامع الوزارة ويستقبل المهنئين    باحثون روس يطورون طريقة لتشخيص التليف الكيسي من هواء الزفير    جوارديولا يُعلن مدة غياب هالاند    جمعية " كبار " الخيرية تعايد مرضى أنفاس الراحة    أكسيوس: ترمب سيزور السعودية مايو المقبل    أكثر من 122 مليون قاصدٍ للحرمين الشريفين في شهر رمضان    "أمانة الطائف" تنهي استعداداتها لعيد الفطر المبارك    الأمير سعود بن نهار يستقبل المهنئين بعيد الفطر    جمع مهيب في صلاة عيد الفطر في مسجد قباء بالمدينة المنورة    إدارة المساجد والدعوة والإرشاد بمحافظة بيشة تُنهي استعداداتها .    مختص ل «الرياض»: 7% يعانون من اضطراب القلق الاجتماعي خلال الأعياد    محافظ الجبيل يستقبل المهنئين بالعيد ويزور المرضى المنومين    ترامب: لا أمزح بشأن سعيي لفترة رئاسية ثالثة    إنجاز إيماني فريد    عيد الدرب.. مبادرات للفرح وورود وزيارات للمرضىع    بين الجبال الشامخة.. أبطال الحد الجنوبي يعايدون المملكة    توقعات بهطول أمطار غزيرة على 7 مناطق    الرئيس عون: لبنان دخل مرحلة جديدة بعد عقود من العنف والحروب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«أمريكا» التي لم نكتشفها بعد
نشر في الحياة يوم 24 - 07 - 2009

«وددنا لو أحببنا الفيلم أكثر» علق أحدهم. لم نعارض. دخلنا الفيلم والنيات الحسنة تسبقنا. فالموضوع (الغربة) موضوع شيق لا سيما لمن فيها، و «فلسطين» المكان حلم دائم. الفيلم كان قد هلل له، ليس النقاد في أسبوع المخرجين في كان فحسب، بل الجمهور كذلك. تجمعت الأسباب كي «نحب» الفيلم إذاً، ولكن هذا الحب أتى محيّراً، مربكاً غير صريح.
مكانك، لا مكان... هذه قناعة نخرج بها. السعادة بعيدة المنال سواء في الوطن أم في الهجرة. إذاً علينا التأقلم. لكن، لمَ التأقلم بعيداً؟ لعلها حاجة إنسانية، محاولة التغيير، حب المغامرة، تأمين المستقبل، أو لعله فقط الهرب من واقع ما. منى بطلة فيلم «أمريكا»، للأميركية من أصل فلسطيني شيرين دعيبس، أرادت الهرب من خيانة زوجها لها وطلاقها، من الجدار العازل الذي جعل مسيرتها اليومية إلى مركز عملها في أحد المصارف في الضفة، تطول ساعتين، من العتاب المستمر لأمها المقيمة معها، ومن قلقها على مستقبل ابنها في هذا البلد حيث لا مستقبل... وأيضاً من بدانتها. أرادت تجريب حظها في أميركا حيث تقيم أختها مع زوجها الطبيب وبناتها. بيد أنها سرعان ما تتساءل بعد وصولها: «ولكن ماذا أفعل هنا»؟!
ماذا تفعل هنا؟
هذا العالم «المظلم» الذي أرادت منى الخروج منه، كان يبدو مضيئاً على الشاشة. اللقطات لم تفلح في جعله قاتماً. كم بدت فلسطين جميلة بمرتفعاتها وأشجار الزيتون فيها، كم بدت الحيوية مشرقة في حياة الناس في الشرق. مشاهد حيوية الشرق في الفيلم كانت على تناقض تام مع المشاهد الداكنة للغرب. رسم السيناريو شخصية لمنى قوية منفتحة متفائلة في النجاح على الأرض الواعدة، فيما راحت العدسة في اتجاه مغاير، خيمت الإضاءة القاتمة والأجواء المحصورة الخانقة... لعل هذا التناقض بين رغبة البطلة في التأقلم من جهة وبين الصورة التي لم تعكس ما يدعم هذا الاتجاه هو ما يربك المتفرج، كما إصرارها على البقاء بعد كل ما أصابها وولدها وأيضاً عائلة أختها في البلد الجديد. المخرجة لا تعطينا أسبابا مقنعة لبقائها حقا ولا تبدي لنا حيرتها أو ترددها إلا في البداية ما يجعل السؤال مطروحاً طوال الفيلم» ولكن ما الذي تفعله هنا»؟ ألا توازي المشاكل التي هربت منها منى ما تعرضت له بعد وصولها من عنصرية وعمل في مكان أدنى اجتماعياً، من وجهة نظرها هي على الأقل، حيث تحولت من موظفة في مصرف في فلسطين إلى عاملة في مطعم للوجبات السريعة في أميركا. كانت المواقف مذلة في البلدين، فهل هي أصعب في الوطن؟
هذه البراءة التي حلت بها منى في أميركا، تذهب إلى حد السذاجة أحياناً، كأن تتوقع أنها ستجد عملاً في المصرف بمجرد قدومها إلى أميركا، وكأن ابنها سيجد مكانه فوراً في المدرسة الجديدة ويلقى قبول زملائه، كما أن حرارتها وصراحتها في الكلام مع رجل الأمن العام الأميركي، وموظفة المصرف وطريقتها في بيع أدوية التنحيف لحسابها في المطعم الذي كانت تعمل فيه... بدت بلهاء مقارنة مع السلوك الغربي.
الفيلم جمع قضايا عدة. الاحتلال والهجرة والعنصرية وتربية الأبناء. حاول أن يبرزها من دون أن يتعمق فيها تماماً. بقي على السطح بعض الشيء وضمن الأكليشيهات، التي لم ينجح في تجاوزها إلا أحياناً. رأينا مراراً وتكراراً التفتيش في المطارات الغربية، وقلب الحقائب رأساً على عقب (خصوصاً بعد الحادي عشر من سبتمبر فترة وصول البطلة إلى أميركا)، عنصرية الشباب الأميركي، الارتياب بأن كل عربي، مسلماً كان أم مسيحياً، هو إرهابي، كل اليهود ليسوا كالإسرائيليين... كل هذه الإشارات أدت إلى توقع معظم ما يورده الفيلم، لا مفاجآت. هذا من حيث المضمون أما من حيث الشكل، فقد جاءت الإضاءة كما سبق وأوردنا معتمة، ولا نعرف إن كان ذلك مقصوداً أم بسبب طريقة التصوير التي راعت نواحي إنتاجية مالية.
تحول ما
بيد أن المخرجة وفقت في إبراز بعض القضايا في عملها الأول هذا، المهم على رغم ما ذكر سابقاً. حين بينت على نحو واقعي ومعمق التحول في علاقة الآباء مع الأبناء في الغرب. بطريقة تجاوزت فيها هنا الكليشيه وخدمت الفيلم وأغنته من دون أن تثقل عليه. فانحراف الأولاد نحو الجنس والمخدرات، وتغير نظرتهم للعائلة بحيث تغدو تلك على هامش حياتهم وليس في عمقها كما يحصل في العالم العربي، عبرت عنها جملة في حوار بين منى وابنها. «منذ متى تكلمني هكذا»؟ تقول الأم يائسة لابنها وهي ترى تحوله في أسابيع قليلة، «منذ الآن» يرد ببساطة.
قد يكون الفيلم نجح من حيث لم يقصد، فعلى رغم إصراره على عدم الانحياز نحو جهة ما حين أبرز بحيادية كل وجهات النظر الممكنة، فقد بدا الغرب كئيباً والشرق محبباً ولحظات السعادة لم تكن لتأتي في هذا الغرب إلا حين نتلمس ما هو قادم من شرقنا، حين نذهب إلى مطعم شرقي مثلاً كما حصل في نهاية الفيلم، ولم تبد أي لمحة أو بارقة تشجع على الذهاب إلى هناك، حتى عند التوقف على الموقف النبيل لهذا اليهودي اللطيف مع منى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.